محمد أبوزيد..يكتب..لذلك سيبقى زيدان

قليلاً ما يخرج الكاتب والمفكر يوسف زيدان عن صمته وطالما عهدنا عنه ذلك، فهو لا يخوض ما الخائضين في كل احدوثة، هكذا شأن الكبار مقامًا وعلمًا، وعندما يتحدث لابد أن الأمر يستحق الإنتباه .. وتاريخ زيدان وأعماله الأدبية والفكرية، دائماً تتلخص في طَـرّق العقول وإيقاظ الركود العام .
وإذا تفقدنا نظرة سريعة .. ! ويجب هنا أن أقول آسف في قولي هذا ” نظرة سريعة” ، إحترامًا لتاريخه الكبير الذي لا يسعه مجلدات للنقاش فيه ودراسته، بعيدًا عن الدراسات الكثيرة حول العالم التي تناولت عدة مؤلفات والتي تجاوزت أربعين دراسة، ومعظم مؤلفات زيدان هي إيقاظ للعقول فلا تفرض فكر بعينه بقدر ما توقظ وتنير الطريق، وهي تدور بين فهرسة المخطوطات والتراث العربي الخالي من العنف ونقد العنيف منه د، وكذلك مؤلفاته عن آفات التدين أبرزها اللاهوت العربي و الأعمال الأدبية وخاصة الرواية المنتظرة امالي العلاء عن ابن النفيس وسبقها فردقان عن ابن سينا و حاكم عن ابن الهيثم وفترة ولاية الحاكم بأمر الله والتي شهدت جدالاً كثير ومازالت هذا غير الصالون الشهير بساقية الصاوي آخره عام إعادة المفاهيم .
ودرب زيدان في هذا الصدد كما قلت إحياء روح رموز صنعت تاريخ من العلم لأن العلم هو السبيل النافع والدافع والسؤال عن كيف ولما؟ وطالما ينبض فينا السؤال فإننا نحيا على هذه الارض، أما عن مؤلفاته اللاهوت ودومات التدين ومقالات إعادة بناء المفاهيم بالمصري اليوم، وندواته الأخيرة بساقية الصاوي هي إعادة بناء للعقول كيف تفكر ولماذا يجب أن تفكر ودارت حول نقاط عديدة بين دراساته واطروحاته لأصول العنف الديني ومحاولات إزاحة مفاهيم وصور نمطية تُضيق اي سبيل أما التفكير لأن الصورة الذهنية طالما متمسكة بنمط ما من الأفكار لا تتحرر ابدا، وكذلك يقول إن أحد أنماط تغيير المفاهيم عبر الزمن هو الاعتناء باللغة، فإن لم تضبط اللفظة أو نعي المقاصد منها او تم التلاعب بدلالاتها أو تركت تتمدد عبر الزمن وتشيع في معان اخرى غير المراد من المؤكد يصعب علينا نضبط المفاهيم الصحيحة.
وهنا خرج يوسف زيدان عن صمته محاولا إدراك ما يمكن إدراكه من مفهوم مغلوط شاع بين قومه في إحدى المسأئل التي طرحت على أحدهم وقد أصدر ما أصدر من تصريح دون رقيب عليه وللاسف ليته قاله دون تجريح بعيدا عن خطأه أو تطاوله الغير مبرر، هنا قال كان لزيدان أن يتدخل كي يرمم مفهوم ربما يصير مفهوم مغلوط تُبنى عليه كوارث أخرى فقال :
يا قوم .. لفظ “النشوز” يعني في فصيح اللغة، وفي دلالته القرآنية (حيث ورد أربع مرات) هو : الخروجُ وتغيُّر الحالة .. وما زعمه أحدُ الجهلة الجاهلين، سعيًا منه للهجوم المجاني على شيخ الأزهر والركوب فوق موجة الدعوة الرئاسية لإعلان العام الحالي عامًا للمجتمع المدني، مُدعيًا على الملأ أن الكلمة تعني الخيانة الزوجية .. هو عبطٌ، من فوقه جرأةُ جاهلٍ ومن تحته قلةُ أدب.
ولذلك أقول دائماً أنه مهما اختلفنا معه سيبقى زيدان وصوته كما بقى السابقون ممَّا أختلف عليهم الناس العوام منهم والنخبة رحل الزاعقون والمتشدقون وبقى صوت فكر طه حسين ومحمد عبده، ونصر حامد أبوزيد، وفرج فودة وستبقى نوال السعداوي كما عاش صوت ابن النفيس والبيروني وابى بكر الرازي وابن الهيثم، وابن رشد، لن يبقى إلا صوت أهل العلم، صوت الحق و الصدق وستظل اعمال زيدان حلقة جديدة موصولة بتراث عظيم من الفكر والأدب والرأي السديد، ونتمنى أن يسمع قومنا قبل أن ينساقوا وراء كل زاعق .. وان ننتبه لاهل العلم وعلامتهم الأدب والصدق والانصاف مع من يختلفون معهم، كونوا مع أهل العلم فهم نجاة ..