تحرير الإسلام للمرأة

أ.د/ عطية لاشين
– عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف
قال الله تعالى :” يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا ” وقال سبحانه :” وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فنستقر ومستودع ” وقال عز من قائل :” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ” تضافرت هذه الآيات وتواترت على أن أصل البشرية كلها ترجع إلى ذكر هو أبونا آدم وأنثى هي أمنا حواء ومنهما تناسلت الذرية وتكاثرت قال تعالى :” ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ” وقال الكبير المتعال :” الذي أحسن كل شيء خلقه وبدا خلق الإنسان من طين. ثم جعل نسله من ماء مهين ”
تحمل الآيات السابقة فضلا عما تقدم نظرة الأسلام للمراة وأنها على قدم وساق لا تقل أهمية عن الرجل في انها كانت والذكر سببا في إعمار الكون بالذرية إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها
وحين نرى الإسلام سوى بين الرجل والمرأة في كونهما خلقا من نفس واحدة ومنهما انتشرت الذرية وأعمرت الكون نجد أن أهل الجاهلية في نظرتهم للمرأة على خلاف ما كان عليه الإسلام ٠
ويتضح ذلك مما يلي :
أولا : لم يكن للمرأة قبل الإسلام ذمة مالية مستقلة بل ذمتها المالية تابعة للرجل ومن ثم لا حق لها في أن ترث ،ولا حق لها في مباشرة أي عقد مالي معاوضة كان العقد او تبرعا ٠
فلما جاء الإسلام قرر للمرأة ذمتها المالية المستقلة الخاصة بها وجعل لها أهلية الوجوب وهي بمثابة الوعاء الذي تصب فيه حقوق وواجبات المرأة كما جعل لها أهلية الأداء اي أهلية الاعتداد بعبارتها وأهليتها لإجرائها لأي عقد يجريه الرجل ويترتب على عقودها نفس الأثار التي تترتب على عقود الرجل قال تعالى :” للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أوكثر نصيبا مفروضا ” ٠ ومن قبل ذلك قال الله :” للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ” ٠
ثانيا :
لم يجعل العرب للمراة قبل بزوغ فجر الإسلام الحرية في اختيار شريك حياتها وقسيم عمرها ،بل كان يفرض عليها الزواج فرضا دون اعتبار لإرادتها، ودون أخذ رأيها وأكثر من ذلك كان إذا مات عنها زوجها وله أولاد من غيرها وكانوا كبارا فإن هؤلاء الأولاد إن شاءوا زوجوا المرأة بمن يريدون وليس ممن تريد هي ،وإن شاءوا منعوها الزواج بالمرة ،وأن شاء تزوجها أحدهم كرها عنها وعلي عدم رغبة منها وكأنها أحد مشتقات التركة التي تركها لهم أبوهم ٠ وزواج الولد بزوجة أبيه بعد وفاته دون أخذ إذن الزوجة ورأيها سماه الإسلام زواج المقت ونهي عن ذلك فقال عز شانه :” ولا تنكحوا ما نكح أباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا ” ٠
فلما أشرقت شمس الإسلام وعم نورها الكون حرر المراة من كل هذه الأغلال وجعل لها الحرية والتعبير عن رأيها عند الزواج بحيث لا يزوجها وليها إلا بعد أخذ إذنها ورضاها فإن كانت بكرا راعى الشارع فيها جانب الحياء الذي جبلت عليه واكتفى بسكوتها عند التعرف على رأيها في شريك حياتها وإن كانت ثيبا أي سبق لها الزواج قبل ذلك فلا بد من إذنها نطقا والإفصاح عنه كلاما قال صلى الله عليه وسلم :” لا تزوج البكر حتى تستأذن، ولا تزوج الثيب حتى تستأمر ” ٠
وفي إحدى واقعات الزواج تذهب المرأة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله : إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته فقال لها صلى الله عليه وسلم :” أجيزي ما صنع أبوك” فقالت : لارغبة لي فيما صنع أبي فقال لها صلى الله عليه وسلم : أذهبي فانكحي من شئت ” فقالت : لا رغبة لي عما صنع أبي، ولكن أردت ان أعلم النساء ان ليس للأباء من أمور بناتهم شيء ٠
ثالثا : إذا كانت المرأة مملوكة لغيرها أيا كان هذا الغير رجلا كان أو امرأة فإذا كان مالكها رجلا كانت عنده كأية سلعة من السلع التي يملكها له ان يبيعها وله ان يهبها غيره وله ان يستمتع بها استمتاعه بزوجته كما يجب على الأمة أن تصرف وقتها كله لخدمة سيدها وليس لها أجر على هذه الخدمة ٠
فلما بزغ فجر الإسلام وعلا نوره كان من الأمور التي رنا إليها الإسلام تحرير الرقيق وإنهاء العبودية وجعل الناس في دنيا الناس أحرارا واتخذ الإسلام من أجل تحقيق هذا الغرض وسائل شتى ٠
١ أباح للسيد ان يتسرى بأمته فإذا ما حملت منه بولد ووضعته سميت ” ام ولد” فأكسبها هذا الوصف الحرية بعد موت سيدها ٠
٢ شرع الإسلام من اجل القضاء على الرق ما يسمى ب ” عقد الكتابة ” وهو عقد يبرم بين السيد ومملوكه ذكرا كان أو انثى يلتزم المملوك بأداء مبلغ من المال لمالكه يكون حرا بعده وحث الشرع السيد وحضه على إبرام هذا العقد فقال عز شأنه :” فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ” ٠
٣ جعل الشارع احد خصال من حنث في يمينه تحرير أمته او عبده قال تعالى :” لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة “٠
٤ من قال لزوجته: انت علي حرام كظهر أمي وأراد ان يعود في ظهاره جعل الشرع أحد خصال كفارة العود في الظهار تحرير رقبة قال تعالى :” والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل ان يتماسا ”
٥ من قتل مؤمنا خطأ كانت عقوبته دفع ديته بالإضافة إلى الكفارة وهي تحرير رقبة نص على ذلك كتاب الله عز وجل٠
٦ جعل الإسلام أحد خصال كفارة من جامع زوجته في نهار رمضان تحرير رقبة بذلك جاءت سنة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ٠ ابعد كل ما تقدم يقال إن الإسلام ذكوري يحابي الرجال على حساب النساء ؟؟!!٠
كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ٠
وصلى الله على سيدنا محمد