((نماذج من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم))
بقلم /سلوى النجار
المثال الأول: روى مسلم عن انس رضي الله عنه قال: – ما سُئِلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى الإسْلَامِ شيئًا إلَّا أَعْطَاهُ، قالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فأعْطَاهُ غَنَمًا بيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إلى قَوْمِهِ، فَقالَ: يا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فإنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عطاء من لايخشى الفقر.
كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أجودَ الناسِ بالخيرِ ، وكان أجودَ ما يكون في شهرِ رمضانَ حتى ينسلِخَ ، فيأتيه جبريلُ فيعرضُ عليه القرآنَ ، فإذا لقِيَه جبريلُ كان رسولُ اللهِ أجودَ بالخيرِ من الرِّيحِ الْمُرسَلَةِ
فعلى الداعية أن يتحلى بما تحلى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فالنفس مجبولة على حب من أحسن اليها واكرمها وفي مجال الدعوة يكون مثال عملي للمدعوين.
ومن أمثلة خلقه صلى الله عليه وسلم ما رواه الترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي، وفي هذا الحديث دليل عظيم على محاسن الإسلام التي جاء بها، ومن جملتها أنه جعل الإحسان إلى الزوجة والعيال من أفضل الأعمال والقربات، وفاعله من خيرة الناس
خيركم خيركم لأهله: أي لعياله، وذوي رحمه، وقيل لأزواجه وأقاربه، وذلك لدلالته على حسن الخلق، “وأنا خيركم لأهلي” فأنا خيركم مطلقا، وكان أحسن الناس عشرة لهم، وكان على خلق عظيم. والداعي الى الله ، لابد ان يتخلى عما ينزع السلام والامان من بيته لأن بيته هو الركيزة الأولى التي من خلالها ينبثق الخير للمجتمع .
فالداعي يتخلى ثم يتحلى بأخلاق رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم .
المثال الثاني :
عن أبي هريرة: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- يَطْلُبُ مِنْهُ شَيْئًا، فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ قَالَ: أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ؟ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: لَا وَلا أَجْمَلْتَ. فَغَضِبَ الْمُسْلِمُونَ، وَقامُوا إِلَيْهِ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ كُفُّوا، ثُمَّ قَامَ وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ وَأرْسَلَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَزَادَهُ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَجَزَاكَ اللَّهُ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرَةٍ خَيْرًا. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكَ قُلْتَ مَا قُلْتَ وَفِي نَفْسِ أَصْحَابِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بَيْنَ يَدَيَّ حَتَّى يَذْهَبَ مَا فِي صُدُورِهمْ عَلَيْكَ، قَالَ: نَعَمْ. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَوِ الْعَشِيُّ جَاءَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ هَذَا الْأَعْرَابِيَّ قَالَ مَا قَالَ فَزِدْنَاهُ، فَزَعَمَ أَنَّهُ رَضِيَ أَكَذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَجَزَاكَ اللَّهُ مِنْ أَهْلٍ وَعِشِيرَةٍ خَيْرًا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَثَلِي وَمَثَلُ هَذَا، مثل رَجُلٍ لَهُ نَاقَةٌ شَرَدَتْ عَلَيْهِ، فَاتَّبَعَهَا النَّاسُ فَلَمْ يَزِيدُوهَا إِلَّا نُفُورًا، فَنَادَاهُمْ صَاحِبُهَا: خَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ نَاقَتِي، فَإِنِّي أَرْفَقُ بِهَا مِنْكُمْ وَأَعْلَمُ، فَتَوَجَّهَ لَهَا بَيْنَ يَدَيْهَا فَأَخَذَ لَهَا مِنْ قُمَامِ الْأَرْضِ، فَرَدَّهَا حَتَّى جَاءَتْ وَاسْتَنَاخَتْ، وَشَدَّ عَلَيْهَا رَحْلَهَا، وَاسْتَوَى عَلَيْهَا، وَإِنِّي لَوْ تَرَكْتُكُمْ حَيْثُ قَالَ الرَّجُلُ مَا قَالَ، فَقَتَلْتُمُوهُ دَخَلَ النَّارَ). هنا في هذا الحديث حكاية الواقع بمثال حي ضربه رسول الله تقريبا للذهن ومن واقع ما يحدث في مجتمعهم .
وهنا أن الداعية عليه أن يعالج الشارد المعوج عن دينه بالرفق واللين والتروي حتى يلين المتشدد، والعاصي ،
ثم بعد ذلك يُحكم عليه الامور حتى يعرف طريقه ويتبعه ويستوى عليه.
ولو اننا تتبعنا عثرات الناس لازدادت في غيهم وشرودا وبعدوا عن المنهج ، وما استقام لهم أمر في هذه الحياة.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبر أغوار الناس وعرف مكنونات أنفسهم وعامل كل واحد بما يناسبه ،غربتهم وأحسن تربيتهم وتوجيههم برفق ولين ،
ومن احتاج بعض الشدة أيضًا أحسن صلى الله عليه وسلم سياسته ،من أجل هذا انتشر نور الإسلام في أرجاء الكون .
وهذا مانريده في الوقت الحاضر كيف نعيد قراءة وتدبر سيرته صلى الله عليه وسلم ،وسيرة أصحابه الغر الميامين .
هذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
سلوى النجار