د.سحر السيد. تكتب.. الأمثال الشعبية هي تعبير عفوي
ده احنا دافنينه سوا
الأمثال الشعبية هي تعبير عفوي، وهي كلمات نرددها جميعا في حياتنا وفى مناسباتنا الاجتماعية، والبعض منا يغفل حول حقيقة هذه الجمل أو حتى يفسرها تفسير خاطئ، والأمثال هي موروث حضاري و خلاصة تجارب أجدادنا في الماضي، وليست مجرد كلمات تردد ولكنها تروى وتتحدث عن حدث ما عارض، وتحتوي علي العديد من القيم والعادات والتقاليد البسيطة، سريعة الوصول إلى قلب السامع ووجدانه، وتلخص لنا تجارب الأجيال السابقة على شكل أمثال شعبية.
فالأمثال الشعبية القديمة أحد أبرز اللمحات التراثية التي ورثناها عن أجدادنا، ونتداولها الآن كثيرًا في حياتنا اليومية ودائمًا ما نعلق بها على مواقف بعينها لكن ذلك دون أن نعرف أصل هذا المثل أو لماذا قيل وما الهدف منها, الكل تقريباً سمع المثل الشعبي (أحنا دافنينه سوا ) ولكن قد يكون هناك من لا يعرف قصة هذا المثل, كان هناك شخصين كان لديهما حمار يعتمدان عليه في تمشية أمورهما المعيشية ونقل البضائع من قرية إلى أخرى, وأحباه حتى صار كأخ لهما يأكل معهم, وينام بجوارهم, وأعطياه اسماً هو “أبو الصبر”, وفي أحد الأيام وأثناء سفرهما في الصحراء سقط الحمار ومات نتيجة شدة حرارة الشمس المرتفعة، حزن الأخوين على الحمار حزناً شديداً, وقررا دفنه في الصحراء بشكل لائق, وجلسا يبكيان على قبره بكاء بشده, لدرجة أن كل من يمر بجوارهم يلاحظ هذا المشهد المؤثر, كان يحزن على المسكينين ويسألهما عن أسم المرحوم, فيجيباه بأنه المرحوم أبو الصبر فقد كان الخير والبركة ويقضي الحوائج لنا ويرفع الأثقال عنا ويوصل البعيد، فكان الناس يظنون انهما يتكلمان عن شيخ جليل أو عبداً صالحاً, فكانوا يشاركوهم البكاء والحزن, وشيئاً فشيئاً صار البعض يتبرع ببعض الأموال لهم من اجل المرحوم, ومرت الأيام ووضع الصديقين خيمة على القبر وزادت التبرعات فبنيا حجرة مكان الخيمة, وبدأت الناس تزور الموقع وتقرأ الفاتحة على العبد الصالح الشيخ الجليل أبو الصبر.
وصار الموقع مزاراً يقصده الناس من مختلف الأماكن وصار لمزار أبو الصبر كرامات ومعجزات يتحدث عنها الجميع , فاصبح يفك السحر ويزوج العانس ويغني الفقير ويشفي المريض وكل المشاكل التي لا حل لها, فيأتي الزوار ويقدمون النذور والتبرعات طمعاً في بركات الوالي الصالح، واغتنى الأخوين وصارا يجمعان الأموال التي تبرع بها الناس ويتقاسمانها بينهما, وفي يوم من الأيام اختلف الأخوين على تقسيم المال فغضب احدهما وقال للأخر: والله سأطلب من الشيخ أبو الصبر أن ينتقم منك ويريك غضبه ويسترجع حقي، ضحك اخوه وقال : أي شيخ صالح ؟ دا احنا دافنينه سوا !!