د،عمرو حلمي ..الشيخ الحصري رائد الإعلام القرآني في العالم
اسمه : محمود السيد خليل الحصري نقيب القراء , شيخ عموم قراء مصر ورئيس اتحاد قراء العالم صاحب أول مصحف مسموع في العالم.
مولده: غرة ذي الحجة عام 1335هـ / الموافق 17 سبتمبر 1917م.
نشأته العلمية والاجتماعية :
كان جده محبا للقرآن وحاملا له، ومن حُبِّهِ وتعلُّقِهِ بالمساجد، كانت أي زاوية في أي مسجد يفرشها بالحصير، لذلك أُطلق عليه اسم الحصري.
انتقل والده السيد خليل قبل ولادته من محافظة الفيوم إلى قرية شبرا النملة، حيث ولد الحصري.
وأما والدته : فهي السيدة فرح أو كما يطلق عليها أهل القرية “فرحة”.
وقبل مولده تأتي البشارة إذ رأى والده في المنام عنقود عنب يتدلى من سلسلة ويتناول الناس منها العنب فذهب إلى أحد المُعَبِّرين للروئ ليقص عليه رؤياه فما إن علم بأن زوجته حاملاً حتى بشره بمولود يحفظ القرآن ويكون من حملة كتاب الله وكل الناس يستمعون إليه.
وتحققت البشارة وولد الشيخ الحصري وما أن أتم الأربع سنوات حتى أدخله والده الكتاب ليحفظ القرآن وأتم الحفظ في الثامنة من عمره وذاع صيته في قريته وهو صبى حتى صار مشهوراً معروفا بينهم.
كان يذهب من قريته إلى المسجد الأحمدي بطنطا يوميا ليحفظ القرآن , وفي الثانية عشر التحق بالمعهد الديني الأزهري بطنطا.
ثم التحق بعدها بالجامع الأزهر ليتعلم أصول القراءات العشر وروايتها. وبعد حصوله على الإجازة في علم القراءات تفرغ لدراسة علوم القرآن.
البداية الإعلامية للشيخ الحصري
لقد تميز الحصري بالصوت العذب الباسم والأداء الرائع والذي يعد من أهم الدوافع التي جعلت الحصري يُقْدِم على تلاوة القرآن الكريم عبر أثير الإذاعة المصرية .
ففي عام 1944م تقدم الحصري إلى الإذاعة المصرية بطلب كقارئ للقرآن الكريم وذلك بعد إعلان الإذاعة عن مسابقة لاختيار أفضل القراء , ليحصل على المركز الأول في مسابقة اعتماد القراء بالإذاعة المصرية, وكان أول بث مباشر على الهواء لتلاوة القرآن الكريم بصوت الحصري في 16 نوفمبر1944م ، كما استمر البث الحصري له على أثير إذاعة القرآن المصرية لمدة عشر سنوات.
تم تعينه شيخاً لمقرأة سيدي عبد المتعال في طنطا. وفي 7 أغسطس 1948 صدر قراراً بتعيينه مؤذناً في مسجد سيدي حمزة، ثم في 10 أكتوبر 1948 م عدل القرار إلى قارئ في المسجد مع احتفاظه بعمله في مقرأة سيدي عبد المتعال. ليصدر بعد ذلك قرار وزاري بتكليفه بالإشراف الفني على مقاريء محافظة الغربية.
وفي 17 إبريل عام 1949م تم انتدابه قارئا في المسجد الأحمدي بطنطا, ثم انتقل إلى مسجد الإمام الحسين في القاهرة عام 1955م, وفي عام 1957م تم تعينه مفتشاً للمقارئ المصرية.
وفي عام1958م تم تعينه وكيلاً لمشيخة المقارئ المصرية , وفي نفس العام تخصص في علوم القراءات العشر الكبرى وطرقها وروايتها بجميع أسانيدها ونال عنها شهادة علوم القراءات العشر من الأزهر الشريف.
وفي عام 1959م تم تعينه مراجعاً ومصححاٍ للمصاحف بقرار مشيخة الأزهر الشريف.
وفي عام1960م كان الحصري أول من ابتعث لزيارة المسلمين في الهند وباكستان وقراءة القرآن الكريم في المؤتمر الإسلامي الأول بالهند في حضور الرئيس الأول بالهند في حضور الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس جواهر لال نهرو وزعيم المسلمين بالهند.
وفي عام 1961م تم تعينه بقرار جمهوري شيخاً لعموم المقارئ المصرية.
وفي نفس العام كان الحصري أول من قام بتسجيل المصحف المرتل على مستوى العالم برواية حفص عن عاصم وظلت إذاعة القرآن الكريم تقتصر على إذاعة صوته منفرداً حوالي عشر سنوات.
وفي عام 1962م تم تعينه نائباً لرئيس لجنة مراجعة المصاحف وتصحيحها بالأزهر الشريف ثم رئيساً لها بعد ذلك.
وفي عام 1963م قام الحصري بزيارته لدولة الكويت بدعوة من وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية لتلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك.
وفي عام 1964م كان الحصري أول من قام بتسجيل المصحف المرتل على مستوى العالم برواية ورش عن نافع.
وفي عام 1965م قام الحصري بزيارته التاريخية إلى فرنسا فأسلم على يديه عشرة فرنسيين لدين الإسلام بعد سماعهم لتلاوة القرآن الكريم بصوته المتميز.
وفي عام 1966م تم تعينه مستشاراً فنياً لشئون القرآن الكريم بوزارة الأوقاف, وفي نفس العام اختاره اتحاد قراء العالم الإسلامي رئيساً لقراء العالم الإسلامي بمؤتمر اقرأ بكراتشي بباكستان.
وفي عام 1967م تم تعينه خبيراً بمجمع البحوث الإسلامية لشؤون القرآن الكريم – هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف. وفي نفس العام حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في عيد العلم. كما تم اختياره رئيساً لاتحاد قراء العالم.
وفي عام 1968م انتخب عضوا في المؤتمر القومي للإتحاد الاشتراكي عن محافظة القاهرة قسم الموسكي.
وفي نفس العام قام الحصري بأداء شعيرتي الحج والعمرة, ليكون أول من قام بترتيل القرآن بملابس الإحرام بالحرم المكي. كما قام بتسجيل المصحف المرتل بروايتي قالون عن نافع والدوري عن أبي عمرو البصري.
وفي عام 1969م كان الحصري أول من قام بتسجيل المصحف المعلم – طريقة التعليم, على مستوى العالم.
وفي عام 1970م سافر إلى الولايات المتحدة لأول مرة موفداً من وزارة الأوقاف للجاليات الإسلامية بأمريكا الشمالية والجنوبية.
وفي عام 1973م قام الشيخ محمود خليل الحصري أثناء زيارته الثانية لأمريكا بتلقين الشهادة لثمانية عشر رجلا وامرأة أمريكيين أشهروا إسلامهم على يديه بعد سماعهم لتلاوته القرآن الكريم.
وفي عام 1975م كان الحصري أول من رتل القرآن الكريم في العالم بطريقة المصحف المفسر«مصحف الوعظ».
وفي عام 1977م كان الحصري أول من رتل القرآن الكريم في الأمم المتحدة أثناء زيارته لها بناء على طلب جميع الوفود العربية والإسلامية.
وفي عام 1978م أول من رتل القرآن الكريم في القاعة الملكية وقاعة هايوارت المطلة على نهر التايمز في لندن ودعاه مجلس الشؤون الإسلامية إلى المدينتين البريطانيتين ليفربول وشيفلد ليرتل أمام الجاليات العربية والإسلامية في كل منهما.
يعد الشيخ الحصري بحق هو رائد الإعلام القرآني وهو صاحب الريادة دائما في المدرسة القرآنية المعاصرة
فهو صاحب أول مصحف مسموع على مستوى العالم , حيث قام بتسجيل القراءات القرآنية المختلفة كاملة, فهو أول من قام بتسجيل المصحف المرتل كاملاً برواية حفص عن عاصم في عام 1961م , ثم أعقبة بتسجيل المصحف المرتل كاملاً برواية ورش عن نافع عام 1965م , ثم بروايتي قالون عن نافع والدوري عن أبي عمرو البصري عام 1968م, كما قام بتسجيل المصحف المعلم في عام 1969م, كما كان أول من رتل القرآن الكريم بطريقة المصحف المفسر مصحف الوعظ سنة 1975م.
جهود الحصري في العناية بالقرآن الكريم والقراء
يعد الحصري أول من نادي بإنشاء نقابة لقراء القرآن الكريم، ترعى مصالحهم وتضمن لهم سبل العيش الكريم، كما نادي بضرورة إنشاء مكاتب لتحفيظ القرآن في جميع المدن والقرى، كما قام بتشييد مسجد ومكتب للتحفيظ بالقاهرة.
لقد أدرك الشيخ الحصري منذ وقت مبكر أهمية تجويد القرآن في فهم القرآن وتوصيل رسالته، فالقراءة عنده علم وأصول ؛ فهو يرى أن ترتيل القرآن يجسد المفردات القرآنية تجسيدًا حيًا، ومن ثَمَّ يجسد مدلولها الذي ترمي إليه تلك المفردات, كما أن ترتيل القرآن يضع القارئ في مواجهة عقلانية مع النص القرآني، تُشعر القارئ له بالمسؤولية الملقاة على عاتقه.
مؤلفات الشيخ الحصري وآثاره العلمية :
هذا والمكتبة القرآنية والعلمية تذخر بمؤلفات الشيخ الحصري المتميزة منها :
«أحكام قراءة القرآن الكريم», و«القراءات العشر من الشاطبية والدرة», و«معالم الاهتداء إلى معرفة الوقف والابتداء», و«الفتح الكبير في الاستعاذة والتكبير», و«أحسن الأثر في تاريخ القراء الأربعة عشر», و«مع القرآن الكريم», و«قراءة ورش عن نافع المدني», و«قراءة الدوري عن أبى عمرو البصري», و«نور القلوب في قراءة الإمام يعقوب», و«السبيل الميسر في قراءة الإمام أبى جعفر», و«حسن المسرة في الجمع بين الشاطبية والدرة», و«النهج الجديد في علم التجويد», و«رحلاتي في الإسلام».
أسرة الحصري
تزوج الشيخ الحصري عام 1938م من سعاد محمد الشربيني , والتي أنجب منها أولاده الأربعة وهم : إفراج , إيمان , سيد , حسين, وكانت معظم مسؤوليات التربية تقع على كاهل زوجته بسبب انشغاله بعمله وأسفاره.
فأما ابنته ‘إفراج’ فهي المنشدة المعروفة ياسمين الخيام أول منشدة دينية مصرية , والحاصلة على ليسانس آداب قسم فلسفة وعلم نفس والتي عملت بعد تخرجها بمجلس الأمة مجلس الشعب حتى درجة وكيل أول وزارة، وهي الآن ترأس جمعية الشيخ الحصري للخدمات الدينية والاجتماعية.
وياسمين هي التي قامت بمرافقة والدها الشيخ الحصري في رحلة الحج والعمرة سنة 1968 م ، وقالت عنه: “كان القرآن لا يفارقه إطلاقاً ولسانه يلهج بالقرآن الكريم في كل موقف”، موضحة أن والدها كان يختم القرآن الكريم كل خمسة أيام ويرد عليهم طوال الوقت بقال الله وقال الرسول على حسب كل موقف يتعرضوا له”.
ويقول عنه ابنه سيد محمود خليل الحصري وكيل أول وزارة بمجلس الشورى سابقاً : “والدي رحمه الله طوال حياته لم يقل لي يا بني ذاكر أو اعمل كذا هما كلمتين بس.. يا بني صلي.. يا بني احفظ القرآن، وكان يستيقظ في الفجر ليصلي بنا كلنا”.
أما ابنه الحاج حسين محمود خليل الحصري، فكان دائم الحرص على الذهاب مع والده للإذاعة لتسجيل ختمة القرآن الكريم الذي كان يحرص فيها والده على أن يسجلها في حضرة 10 من القراء حتى يستمعوا لقراءته ويقفوا على الأخطاء لمعالجتها، فكان الشيخ الحصري يقرأ ثم يتوقف بنفسه فيستغرب القراء نظراً لأن التسجيل متقن، فيقول: “أجد فيه بعض الآيات التي تحتاج إعادة قراءة مرة أخرى بدقة حتى تأخذ حقها في الأحكام فكانت الآية لا تمر إلا إذا قالها مضبوطة”.
وفاة الحصري :
توفى الشيخ محمود خليل الحصري بعد عودته من رحلة الحج وفي شهر محرم ففي مساء يوم الاثنين 16 محرم سنة 1401هـ الموافق/ 24 نوفمبر1980م بعد صلاة العشاء بعد أن امتدت رحلته مع كتاب الله الكريم ما يقرب من خمسة و خمسين عامًا.
وكان حريصاً في أيامه الأخيرة على تشييد مسجد و معهد ديني ومدرسة لتحفيظ القرآن بمسقط رأسه.
كما أوصى في خاتمة حياته بثلث أمواله لخدمة القرآن الكريم و حُفَّاظه، و الإنفاق في كافة وجوه البر.