قصة كفاح. المراة معيله
مها فتحى
فقل للرجال خذوا مواقعكم عسىالمعيلة ….انتشرت ظاهرة المراة المعيلة فى المجتمع المصرى بشكل واسع فى القرى والأحياء الشعبية بسبب تخلي الرجل عن الانفاق على الاسرة.. وترك مهمة الانفاق الى المرأة فقررت الاعتماد على نفسها والنزول الى العمل والانفاق وهى تقوم باعالة الاسرة بما فيها الزوج احيانا …. ولو وجدت الأنثى رجلا يحمل عنها عبئا ماتنازلت عن أنوثتها وتحملت المشقة فأصبح الرجال في البيوت نيا أن يتعلموا أخلاق الرجولة من المرأة العاملة الكادحة على لقمة عيش لأبنائها وذكر يسمى زوجها في الظل هذه الحياة
وأصبحنا يطلق عليهم
المرأة المعيلة
فى مواجهة ظروف حياتية قاسية، وغلاء معيشة طاحن، وتقاليد لا تعرف الرحمة، اخترن التحدى، وفتح عدد من المشروعات الصغيرة للإنفاق على أسرهن، وبرؤوس أموال بسيطة رأت بيوتهن النور مجدداً، وعادت البسمة إلى وجوه الأبناء، خاصة أن كثيراً منهن أجبرتهن الحياة الصعبة على أن يصبحن رب الأسرة بعد فقدان الزوج إما بالطلاق كما تقوم نبض الوطن بإلقاء الضوء على النماذج الناجحة للمرأة المصرية عندما تقرر تحدى الصعاب، من النظرة الاجتماعية القاسية إلى المعوقات المادية والمهنية، خاصة أن كثيراً اخترن العمل فى مهن شاقة، ورغم ذلك واصلن رعاية أسرهن بنفس القوة والصلابة، تاجرة، أو نجار صالونات، ثم تعود إلى المنزل مساء، بعد يوم من الشقاء، لترعى أطفالها، وتستعد ليوم آخر من العمل. بمبالغ بسيطة تتراوح بين مئات الجنيهات، ولا تتجاوز فى أحيان كثيرة الـ5 آلاف جنيه، ، ودخلت سوق العمل الشاق لتحفر اسمها فى مهن شديدة الصعوبة على الرجل قبل المرأة،
نساء يكسرن عادات المجتمع بمشروعات
لم تمنعهن العادات والتقاليد عن منافسة الرجال فى مواجهة قسوة الحياة، نماذج عديدة من السيدات والفتيات فى كافة محافظات مصر، وفتح مشاريعهن الخاصة بمبالغ بسيطة، إما لمساعدة أزواجهن على تربية أبنائهن فى ظل حالة الغلاء التى تكتوى بها ملايين الأسر، أو لمساعدة أنفسهن على خوض معترك الحياة بعد غياب الرجل عن حياتهن، نتيجة طلاقهن، أو فقدان أزواجهن، ليجدن أنفسهن يقمن بدور الأم والأب معاً، بعضهن لم يكتفين بالأعمال المعهودة التى اعتادت عليها المرأة، وخضن أعمال الرجال، تحدين كافة الصعوبات، حتى شققن لأسرهن طريقاً وسط كل التحديات.
ورغم أن خروج المرأة للعمل ليس بظاهرة جديدة، فإن كثيرات منهن لم يكن لديهن الرغبة فى اقتحام سوق العمل الخاص، خوفاً من نظرة المجتمع إليهن، ويوماً بعد آخر، أصبحت الأسواق تعج بسيدات من جميع الأعمار، فالمرأة المصرية معروف عنها أنها بائعة محترفة وتاجرة «شاطرة»، وهذا ما شجع الكثيرات على العمل فى التجارة نهاراً، وفى المساء تعكف على تربية اولادها، تستعرض نبض الوطن بعضاً من هذه النماذج التى حققت نجاحات لم يستطع كثير من الرجال إدراكها، تحملت سخرية البعض منها، أو الاستخفاف بما تعمله، لكنها تظل نموذجاً مشرفاً ورائداً، تنير الطريق لغيرها من النساء، لبناء مستقبلهن بسواعدهن، وتلقى الضوء على أبرز ما تواجهه المرأة من مصاعب وتحديات عند نزولها إلى سوق العمل الخاص، خاصةً فى المجتمعات الريفية، التى ما زال بعضها يرى أن عمل المرأة العاملة ماشية شمال
ووسط العمال داخل ورشة النجارة الخاصة بها فى إحدى قرى دمياط، تقف «ه. م. ف. ال»، 45 سنة، أم لـ4 أبناء، ولدين وبنتين، بملامحها الصارمة، تتحاور مع هذا، وتوجه ذاك، تترجل هنا وهناك، تحمل الأخشاب، وتقود سيارتها النقل غير عابئة بحديث من حولها، واجهت كافة الصعوبات، ونزلت إلى معترك العمل فى مهنة شاقة، لا يعمل بها سوى الرجال، لتكون أول سيدة تنقش اسمها بحروف من نور، يتذكرها الجميع، حتى باتت حديث الشارع الدمياطى، باعتبارها أول سيدة تعمل فى صناعة الأثاث، وتحديداً حرفة الدوسر
روت «ه قصتها لـنبض الوطن» قائلة: «زوجى كان يعمل بهذه المهنة قبل وفاته، وكنت أنزل معه الورشة لمساعدته، وفى إحدى المرات قال: هعلمك الدوسر يا ه، دى هتبقى أكل عيشك بعد ما أموت.. وقبل 7 سنوات، توفى زوجى فجأة، وبعد وفاته قررت استكمال المسيرة وفتح الورشة، وعملت كنجارة صالونات، كما عملت على ماكينة المنشار والغراية وكافة أنواع الماكينات الخاصة بالنجارة، وأعمل نجارة كأى رجل يعمل بالمهنة مشيرةً إلى أن الدوسر هو عبارة عن مسمار خشب يُستخدم فى تجميع كافة أنواع الموبيليا، كالصالونات والأنتريهات وغرف النوم والسفرة.
ه تتفوق على الرجال فى صناعة الدوسر و«ف تتحدى أسرتها لتتحول من فتاة مدللة إلى أشهر مصنعى الحلويات وبدأت مشروعها بـ1000 جنيه.. ون تخوض معترك الحياة بدون راجل وقامت بتربية الحمام والسمان وأ فقدت زوجها على مركب وتجارة «الفراخ وسيلتها لتربية بناتها
كما أشارت إلى بعض الصعوبات التى واجهتها نتيجة نظرة المجتمع للمرأة الأرملة أو المطلقة، وأضافت: «كانوا بيقولولى المهنة دى للرجالة، إزاى هتقفى على ماكينة المنشار وغيرها من الماكينات فى الورشة، وإزاى هتتعاملى مع الرجالة فى شراء وبيع الخشب والموبيليا، ونصحنى عدد من أهلى وجيرانى بأنى أقعد فى البيت، أو أفتح محل بقالة، وكان ردى عليهم إنى بعرف الصنعة ولن أترك عملى، كما لن أسمح للآخرين بالنظر إلى أبنائى نظرة عطف لأنهم أيتام، وطول ما أنا عايشة هأكون لأولادى الأم والأب، ولن أجعلهم يشعروا باليتم».
وبينما أعربت ه عن أملها فى توسيع عملها وتصدير الدوسر للخارج، وأن تمتلك ورشة خاصة بها، حيث إن ورشتها الحالية مستأجرة، وأن تمتلك مصنعاً صغيراً لتصنيع منتجاتها بعلامة تجارية ، حيث تقوم حالياً ببيع منتجاتها للتجار، الذين يسوقونها بأسمائهم، فقد وجهت رسالتها إلى أقرانها من السيدات والفتيات، قائلة: «متخافيش من أى حاجة فى الدنيا غير ربنا، طالما مش بتعملى حاجة غلط ولا حرام، توكلى على الله واعملى اللى بتحبيه».
أما «ف. م.42 سنة، حاصلة على دبلوم تجارة، فقد أعلنت هى الأخرى تمردها على العادات والتقاليد، وقررت أن تقيم مشروعها الخاص بإمكانيات بسيطة، ورغم عدم حاجتها للعمل، حيث إنها من أسرة ميسورة الحال، وابنة عائلة من أعيان دمياط، كما أن زوجها أحد التجار المعروفين فى بيع مستلزمات السفن بمدينة عزبة البرج
بدأت ف حديثها لـنبض الوطن بقولها: «لم أكن بحاجة للعمل، فأنا من أسرة ميسورة الحال، وكنت عايشة حياتى كلها لرعاية أولاد شقيق زوجى، بعد وفاة والدتهم ووالدهم وحماى، ولكن بعد الأولاد ما تزوجوا، كما أن أبنائى الذين أنجبتهم متأخراً بعد زواجى بـ7 سنوات، يقضون معظم وقتهم فى مدارسهم ودروسهم، بدأت أشعر بالملل»، وأضافت أن فكرة المشروع بدأت تراودها تدريجياً، «حينما تزوجت، كنت فتاة مدللة ولا أعرف الطبخ، وعانيت الأمرين حتى تعلمت، ومن هنا قررت أعلم الفتيات الطبخ، وأقضى وقتى فى شىء مفيد، وتعلمت صناعة الحلويات، مثل أى شيف حلويات شهير، ولفتت إلى أن عدداً من السيدات اللاتى تعلمن منها أصول الصنعة قمن بفتح محلات خاصة بهن لبيع الحلويات، وتابعت بقولها: «للأسف واجهتنى العديد من المصاعب، أبرزها نظرة المجتمع للمرأة العاملة، وكانت عائلتى أول من عارضتنى بدعوى عدم حاجتى للعمل، ولم يساعدنى أحد من أهلى، حتى زوجى اشترط عدم العمل طوال فترة وجوده بالمنزل، وقال لى: ممنوع تقصرى تجاه بيتك وأولادك وزوجك، وحينها حاولت والدتى إقناعى بالتراجع عن قرارى، وقالت لى: هتفضحينا، هو انتى بتاكلى بالدين جوزك مش مخليكى محتاجة حاجة، ليه تشتغلى؟»، وأضافت أنها بدأت مشروعها برأسمال 1000 جنيه، وخلال سنة واحدة ارتفع إلى 10 آلاف جنيه، مشيرةً إلى أنها تستعين بالإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى فى تسويق منتجاتها.
معيلة غير نمطية
تقول عن نفسها بفخر “الصورة النمطية للأم المعيلة هي تلك العاملة البسيطة التي تضطر إلى أن تكون العائل الوحيد للأسرة، وهي تستحق من الجميع كل التحية. لكن هناك أيضاً الكثيرات من النساء المعيلات من الطبقات الاجتماعية الأخرى. تدفعهن ظروف الحياة، سواء مرض الزوج أو وفاته أو انعدام شعوره بالمسؤولية أو تعنته، إلى القيام بهذا الدور العظيم. والحقيقة أن المرأة تكون أكثر قوة وقدرة على العمل الشاق، سواء كان جسدياً أو ذهنياً، حين يكون لديها رسالة وهدف يتعلق بأبنائها وتكون على يقين بأنها في حال استسلمت لليأس أو الإحباط أو حتى الصورة النمطية التي يعشق المجتمع حبسها فيها باعتبارها ضعيفة ومكسورة الجناح وغير قادرة على أن تكون واحداً صحيحاً”.
الواحد الصحيح في مصر يقدر رسمياً بـ3.3 مليون امرأة وفتاة هن رؤوس أسرهن، وأغلب الظن أن عددهن أكثر من ذلك بكثير، لكن قصصهن وحكاياتهن تمضي من دون أن يدركن هن أنفسهن أنهن البطلات المعيلات القائمات بعشرات الأدوار من دون أن يلحظ أحد ومن دون أن يتوقفن لالتقاط الأنفاس أو استعراض البطولات
كما سعا المجلس القومى
بتكليف وزارة التضامن اقجتماعى بدعم أسر المرأة المعيلة والأسرة الفقيرة من خلال برامج دعم ميسرة يقدمها بنك ناصر الاجتماعى بقيمة ” 50 مليون جنيه ” ، لدعم بناء البنية التحتية التى تيســـــر على الــمــرأة والأسرة حياتها اليومية فى القرى