د. سحر السيد .تكتب..دراكولا بطل قومي أم مجرم حرب؟
في عام 2014 صدر فيلم بعنوان القصة الغير مروية عن دراكولا، يحكي الفيلم عن دراكولا البطل الشرير الذي استطاع أن ينقذ أهلة وبلده من العثمانيين، وبالتعاون مع الشيطان أصبح ابن للشيطان، وتم إظهار السلطان محمد الفاتح في الفيلم علي انه شخص شرير يقتل وينهب الأموال بغير ضمير وباسم الدين، ولكن هل هذه هي الحقيقة بعيداً عن أساطير وخرافات هوليود وأفلامها، دعونا نعود للتاريخ الحقيقي لقصة دراكولا مع السلطان محمد الفاتح.
فمن هو دراكولا أو فلاديمير المخوزق كما أطلق عليه؟. هو فلاد الثالث أمير ولاشيا وأحد أفراد عائلة دراكوليشتي، والذي اشتُهر بلقب دراكولا ” وتعني ابن الشيطان ” قبل أن يُطلق عليه اسم فلاد المخوزق نسبة لاعتماده الخازوق كوسيلة مفضلة له في القتل، جلس على عرش إمارة ولاشيا ثلاث مرات، وهو واحد من أبناء عدة للملك فلاد الثاني دراكول العضو البارز في تنظيم التنين، وهو التنظيم السري الذي أسسه الإمبراطور الروماني بالتعاون مع باقي ملوك وأمراء أوروبا لحماية المسيحية في أوروبا الشرقية من الغزو العثماني، فقام فلاد الثاني بإرسال ابنيه فلاد الثالث (دراكولا) ورادو للإمبراطورية العثمانية، وتختلف الروايات في سبب أرسال أولاده للسلطان العثماني، فبعضها تقول كعربون صداقة ووفاء، وبعضها الآخر تقول أن السلطان العثماني “مراد الثاني” كان قد استدعى فلاد الأب لاجتماع دبلوماسي، وقد قام فلاد الأب بجلب ابنيه معه إلا أن هذا الاجتماع لم يكن في الحقيقة إلا فخاً لاعتقالهم وأخذهم كرهائن لديهم لكي يتعاون معهم فلاد الأب في حربهم مع هنغاريا، أيا يكن سبب ذلك فقد عاملهما الأتراك معاملة جيدة للغاية أثناء أسرهما، وقد علماهما مختلف العلوم والفلسفة وفنون الحرب والفروسية بالإضافة لتعلم القرآن واللغة التركية، وقد استطاع أخاه الأصغر رادو الانسجام معهم وكان محبوباً لديهم أكثر من أخيه فلاد الذي لم يكن راضياً بوضعه كأسير لدى أعدائه، لذا بعد أن تم فك أسره عاد ألي بلاده وهو يحمل الحقد والكره والبغضاء للعثمانيين وللسلطان محمد الفاتح الذي تربي معه منذ الصغر، وهذا بالطبع عكس شقيقه رادو الذي ظل وفياً ومخلصاً لمحمد الفاتح حتى أنه اعتنق الإسلام، وأصبح فلاد حاكماً على ولاية ولاشيا بعد أن تم إعدام والده وقتل أخيه الأكبر على يد بعض النبلاء، ولذلك أصبح فلاد أكثر شراً ووحشية مع أعدائه وأكثر تعطشا للانتقام، فبرغم أن فترة حكم فلاد لم تتجاوز السبعة أعوام وهي فترة قصيرة جدًا مقارنة بأعداد البشر الذين قتلهم، والذين ناهز عددهم المائة ألف إنسان أغلبهم من الأتراك والبويار، ألا انه خلال هذه الفترة ارتكب ابشع الجرائم، فقد كان حاقداً علي المسلمين فلم يكن أحداً يتوقع أن هذا الشخص يملك هذه الوحشية، فقد أتقن مجالاً يدعي فنون التعذيب، حيث كان من أحب الأشياء إلي نفسه النظر علي مشاهد التعذيب والألم وكان يطرب لسماع أنين المعذبين، فقد قام بسلخ جلود أرجل الأسرى الأتراك ثم مسحها بالملح وجعل الأغنام تلعقها، وكان يجبر الأطفال على أكل لحم أمهاتهم اللاتي قتلهن، وقطع ثدي الأمهات ويخيط محلها رؤوس أولادهن، وذات مرة جمع كل متسولي البلد وقدم لهم الأكل ثم قام بإحراقهم، كما ذكر عنه أيضاً انه لقي ذات يوم راهباَ يركب حماراَ فأعجبه هذا المنظر فامر بخوذقتهما معاً بالخوازيق وتثبيتهما معاً علي هذه الصورة، وغير ذلك من الجرائم التي قتل من خلالها بين عشرين وثلاثين ألف إنسان فقط للاستمتاع، كما ذكر عنه انه كان يخلط دماء ضحاياه مع الخمر ويشربه، وفي بعض الأحيان كان يغسل يديه بالدماء قبل تناول الطعام وحوله الجثث معلقة علي الخوازيق، وكان مصير من يسرق أو يكذب أو يزني هو الخازوق، ولم يسلم أحد من شره سواء من أبناء شعبه أم من أعدائه وقد استحق بذلك لقب الحاكم الدموي بجدارة، وكان أمراء الممالك المجاورة يقومون بمساندته ويغضون الطرف عن مجازره وجرائمه الوحشية بحق شعبه لأنه كان يقوم بمحاربة العثمانيين ويحمي أوروبا من توسعهم، ببساطة كان بنظرهم ونظر الرومانيين بطلاً قومياً استطاع حماية دولته وشعبه وتخليصهم من أعدائهم وهزيمتهم شر هزيمة، ولكن بالرغم من كل هذه الوحشية انتصر الجيش العثماني بقيادة أخيه رادو على جيش فلاد، وقد تمكن فلاد من الهرب وفر إلى هنغاريا عن طريق نفق سري بين الجبال وطلب المساعدة من ملكها لكن هذا الملك لم يلبي طلبه وقام باسره بدلاً من مساعدته بتهمة الخيانة، وفي السجن كان فلاد يقضي وقته بتعذيب الحيوانات حيث كان يقوم بسلخهم أحياء وكان يضع الطيور والجرذان على الخوازيق لأنه كان يتخيلهم أعدائه، وفي النهاية لقي حتفه وتم فصل رأسه عن جسده وتم أرسالها للسلطان محمد الثاني الذي قام بعرض الرأس على خازوق خشبي في العاصمة العثمانية أدرنه وأمر بدفن جسده بغير جنازة. وبذلك أعطي السلطان محمد الفاتح درساً للعالم أن للإسلام حرمه يقف ورائها جيشاً من المسلمين.