أنا الهندسة الوراثية أتحدث إليكم! د. وسيم السيسي
عادل شلبى
أنا الهندسة الوراثية.. طفلة صغيرة وُلدت فى عالم العلوم ١٩٧٠م ولكن كما تقول الأغنية: عمر الهنا قصير!، رجال الدين ثاروا، العلماء اختلفوا، الحكومات تدخلت، المظاهرات قامت، التمويلات سُحبت، المعامل أغلقت، قوانين سُنت، دنيا اتقلبت!.. عملت إيه يا ناس؟!، قالوا: إنت اللى بتلعبى فى الجينات والوحدات الوراثية فى الكروموزومات اللى خلقها ربنا يا كافرة، يا فرانكشتين، يا دراكولا، يا ميدوزا، يا كنج كونج، يا أمنا الغولة بعنين حمرا!!، وكمان عاوزة تعملى لنا نسخ من الإنسان والحيوان Cloning!، روحى يا صبية ربنا ينتقم منك، ومن اللى متشددين لك!، بقى تخلى توماس كنج U.S.A، جوردون oxford يستنسخوا ضفدعة من خلية جسمية من أمعائها؟!.
لم أفق من هذا الهجوم حتى اندلعت المظاهرات ١٩٧٥ ضدى فى الولايات المتحدة الأمريكية بشعارات ضخمة: اليوم ضفدعة.. غداً الإنسان!.. وقف ضدى العالم الكبير روبرت شاين شايمر، يقول إننى أشد خطراً من القنابل النووية، وحذا حذوه ماكس بيرنستيل، وقال: نحن على شفا انفجار علمى دينى أخلاقى غير مسبوق، وإذا استنسخنا إنساناً من خلاياك الجسمية «وليست الجنسية»، فمن هو هذا الكائن الجديد؟، إنه ليس ابنك لأنه ليس من زوجتك، وليس أخاك لأنه ليس من أمك وأبيك!، إنه أنت، تشهد نفسك لحظة ميلادك!، هذا الوليد والد ابنك الذى هو فى العشرين، وبعد عمر طويل من يرثك؟ ابنك وهو ٥٠ بالمائة منك، أم أنت ترث نفسك، لأن القادم الجديد يحمل مائة بالمائة من جيناتك!!.
صدرت الأوامر من جيمى كارتر بإغلاق كل معاملى، وظلت مغلقة سنتين ونصفا، حتى قيض الله لى علماء مثل شارلز وايزمان الذى هاجم روبرت شاين شايمر قائلاً له: المبادئ تتغير، مفهومنا عن العقائد يتغير، إلا الحقائق فهى لا تتغير، الماء له آثار جانبية «الغرق»، والنار لها آثار جانبية «الحرائق»، كذلك الهندسة الوراثية لها آثار جانبية، ولكننا لا نستطيع أن نستغنى عن الماء أو النار أو الهندسة الوراثية!، ثم إن العلم لا يجب أن يعوق بل يُرشد!.
اجتمع مائة وسبعون عالماً فى يونيو ١٩٧٧ يدافعون عنى ويطالبون بفتح معاملى، واستجاب الرئيس كارتر وفتحت المعامل بعد تقسيمها إلى أربعة: أ- دراسة التركيب الوراثى للخلية، ب-قطع ولحام الشريط الوراثى. ج- نقل جينات جديدة للخلية. د- مخلوقات جديدة لم تعرفها البشرية من قبل، عليها قيود كالتى على القنابل النووية، وكانت تحت إدارة إدوارد كنيدى.
ظلمونى وعفوت عنهم وأعطيتهم الأنسولين البشرى ١٩٨٢، إنترفيرون، فاكسين لحمايتكم من فيروس B الكبدى الوبائى، هورمون النمو Growth، عاملى التجلط فى الهيموفيليا ٨، ٩، دلالات الأورام.. أما فى الزراعة، فقد جعلت الطماطم لا تفسد Shelf – Life 1994، ومنعت تكوين بلورات التلج فى النبات، واكتشفت لكم مناجم الذهب بأشجار المال، وجعلت بعض الأبقار تنتج لبنا بشريا، كما وفرت لكم آلاف الملايين من الأسمدة بواسطة بكتريا مهندسة وراثياً Nitrogen Fixing Bacteria، أما الصناعة فأنا أسلك لكم المواسير المسدودة بواسطة بكتيريا تحول غاز الميثان إلى ميثانول يذيب الدهون، لذا تسمون هذه البكتريا زبال الأرض!.
كما أذيب لكم تلوث البحار بالبترول وأحوله إلى ثانى أكسيد الكربون فأوفر لكم ثروات طائلة، أنا التى سأجعل كوكبكم منيراً دون كهرباء بعد زرع جينات اللوسفرين فى الأشجار والغابات، أنا التى سأعيد إليكم شبابكم بواسطة القضاء على الـTalomeres، أنزيم، حتى تصلوا للثلاثمائة وأنتم شباب لأننى أجريت تجاربى على ذبابة الفاكهة التى عمرها الافتراضى ١٥ يوماً فأصبح ٤٥ يوماً، حتى جينات الفل والياسمين تم زرعها فى الغدد العرقية فأصبحت أسماء ياسمين، ووردة، وفلة.. أسماء على مسمى!، وأنت يا من تتهمنى بالكفر، «علىَّ يمين الله ما لك دينُ»!.. أبوالعلا المعرى.