كان ياما كان فى جزيرة الاحلام
د/سحر السيد
يحكي أن في قديم الزمان حيث لم يكن على الأرض بشر, كانت الفضائل والرذائل, يطوفون العالم معاً للبحث عن شيء جديد ليخرجوا من حالة الملل التي يعيشوها. وذات يوم من الأيام, وكحل لمشكلة هذا الملل, اقترح الإبداع لعبة جديدة وأسماها الآستغماية, أحبت جميع الفضائل والرذائل الفكرة, وبدأ الجميع في الصراخ والهتاف: أريد أنا أن أبدأ الأول…. أريد أنا أن أبدأ الأول, فجميعهم يردون أن يبدأ الأول. صاح الجنون بصوت عالي وقال: أنا من سيبدأ الأول, أنا من سيغمض عينيه ويبدأ العد وأنتم عليكم الاختفاء مني وأنا سأبدأ بالبحث عنكم, ثم اتكأ بكلا ذراعيه على شجرة وبدأ العد.. واحد, اثنين, ثلاثة. وبدأت الفضائل والرذائل جميعاً بالاختباء, بحثت الرقة عن مكان لنفسها فوجدت مكان فوق سطح القمر, واختفت الخيانة كعادتها في كومة من القمامة, وذهب الولع وأختفي بين الغيوم, واختفي كذلك الشوق في باطن الأرض, وقال الكذب: سأختفي تحت الحجارة, ولكنه أختفي في قعر البحيرة. واستمر الجنون في العد وخلال فترة عد الجنون، كل الفضائل والرذائل أكملت تخفيها, ماعدا الحب كعادته لم يتخذ قرار بعد. وجلس يفكر مراراً ومراراً أين يختفي, وهذا غير مفاجئ علي الحب, فنحن جميعاً نعلم كم هو صعب إخفاء الحب. تابع الجنون: العد وعندما وصل الجنون في تعداده إلى المائة, قفز الحب وسط كومه من الورد واختفى بداخلها, فتح الجنون عينيه وبدأ البحث صائحاً أنا آت إليكم…. أنا آت إليكم, كان الكسل أول من أنكشف أمره لأنه كعادته لم يبذل أي جهد في إخفاء نفسه, ثم ظهرت الرقة المختفية في القمر, وبعدها خرج الكذب من قاع البحيرة, وأشار الجنون على الشوق أن يرجع من باطن الأرض, وبعد البحث الجنون وجدهم جميعاً واحداً بعد الآخر ماعدا الحب, كاد يصاب الجنون بالإحباط واليأس في بحثه عن الحب, ولكن اقترب الحسد من الجنون, وهمس في أذنه وقال له: هل تريد أن تعرف أين يختبأ الحب. الحب مختفياً كومة الورود, التقط الجنون شوكة خشبية أشبه بالرمح وبدأ في طعن كومة الورود بشكل طائش ولم يتوقف إلا عندما سمع صوت بكاء يمزق القلوب, فظهر الحب من تحت كومة الورود وهو يبكي ويحجب عينيه بيديه والدم يقطر من بين أصابعه, صاح الجنون نادماً يا إلهي ماذا فعلت بك ؟ لقد أفقدتك بصرك. ماذا أفعل لكي أصلح غلطتي بعد أن أفقدتك بصرك ؟ أجابه الحب لن تستطيع إعادة النظر لي, ولكن لازال هناك ما تستطيع فعله لأجلي كن دليلي, وهذا ما يحدث حتي الأن, يمشي الحب أعمى ويقوده الجنون. فهل فعلاً الحب أعمي لأنه يجعلنا نعشق كل شيء في الشخص الذي نحبه حتي عيوبه, أم الحب ليس أعمي كما نعتقد وإنما يمكن البعض من رؤية ما لا يشاهده الأخرون. وأن سألتني ما الحب ؟ سأقول كما قال نزار قباني ” فهو أن أكتفي بك ولا أكتفي منك أبداً ” .