الميديا تصنع ابطال من ورق (خدعوك فقالوا)
محمد الجوجري
أول ما يخطر على بال المرء هو «كيف تضحك علينا «السوشيال ميديا»؟ فهى تصنع أبطالاً من ورق ليس لهم وزن فى الحقيقة، بل صارت تقدم صورة مزيفة عن حياتنا ليس لها علاقة بالواقع الذى نعيشه، مثل بحيرة الماء فى الأسطورة اليونانية «نرسيوس».
فالشاب اليونانى «نرسيوس» الذى اشتهر بجماله، كان فخوراً بنفسه لدرجة تخطت الغرور إلى تجاهل الجميع، وعندما لاحظت إلهة الحب «أفروديت» ذلك، دفعته إلى رؤية انعكاس صورته فى إحدى البحيرات، فوقع فى حب نفسه، دون أن يدرك حقيقة أنه خُدع وأنه ينظر لوجهه فقط على صفحة ماء.
والأسطورة اليونانية تبدو الوصف الأقرب لعالم «السوشيال ميديا»، التى أصبحت كتلك البحيرة تعكس ما يحدث فى واقعنا، ولكنها تضيف إليه «بهارات» الجذب والإثارة، وتجمله بـ«مكياج» ثقيل ومصطنع، يظهر فى صور خلابة تعتمد على «الفلاتر» والألوان الصناعية، وحكايات وقصص يتم تسويقها على أنها أحدث «صيحات» الموضة ليس فى الملابس فقط، بل فى كل تفصيلة فى الحياة.
والخدعة التى تعتمدها «السوشيال ميديا» لتضحك علينا، هى أنها تقدم محتواها بشكل مبتور، فلا تحكى القصة الكاملة عن كم الضغوط والجهد المبذول قبل لقطة نجاح لا تتعدى ثوانى، أو عن التنازلات التى قدمها الطرفان قبل صورة «حب» باهرة، فيتم تشكيل العقول تجاه ثقافة الانبهار بالشكل على حساب المضمون، وتحقيق النجاح السريع المضمون.
ولم تكتفِ السوشيال ميديا بتأثيرها المعنوى، من تنميط صور السعادة بشكل يجعل من يرفضها غريباً وسط المجتمع، بل صار صناعها يهيئون كل الظروف لإقناع المتلقى بها حتى لو كان الأمر معتمداً على التدليس والخداع.
فصارت هناك لجان إلكترونية أو ليكون اسماً ألطف هى «شللية»، هدفها هو التصفيق لأى فكرة أو مشروع أو حتى موقف فى شكل «لايكات» كثيرة، و«كومنتات» هائلة متتالية -من حسابات حقيقية أو وهمية- تمدح فى محتوى معين، او شخص معين والهدف هو تسويقها بين العامة، وتحقيق الربح لأصحابها أو الشهرة ولا يهم المواطن العادى الذى يصدق ما تقدمه له، ويسعى له سعياً وهو مؤمن أنه يسير فى طريق السعادة ثم يصطدم فى النهاية بأن الواقع ليس جميلاً كما صورته له «السوشيال ميديا» أو ما يمكن أن نسميه بحيرة «نرسيوس»..
خدعوك فقالو…..