اتساعا مخيفا في رقعة القتال بالسودان
كتب/ أيمن بحر
أكملت الأحد الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع فى العاصمة السودانية الخرطوم وعدد من مناطق البلاد الأخرى شهرها السادس، دون ظهور أفق للحل ووسط إحباط كبير فى أوساط السودانيين مع ارتفاع عدد القتلى إلى نحو 10 آلاف والمشردين إلى ما يقارب 6 ملايين والخسائر المادية إلى أكثر من 60 مليار دولار.
وشهدت الأسابيع القليلة الماضية اتساعا مخيفا فى رقعة القتال حيث توغلت قوات الدعم السريع فى ولاية الجزيرة فى وسط البلاد وذلك بعد سيطرتها على منطقة العيلفون الاستراتيجية الواقعة على بعد نحو 30 كيلومترا إلى الشرق من الخرطوم والتى كانت تعتبر آخر المداخل المهمة المتبقية للعاصمة.
كما استمرت الاشتباكات فى مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان وعدد من مناطق إقليم دارفور فى غرب البلاد.
وتواصل القصف الجوى والأرضى الذى طال عدد من الأحياء السكنية فى مدن العاصمة الثلاثة الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحرى وفى مدينتي الأبيض ونيالا مما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى خلال الأيام الثلاث الماضية وفقا لبيانات صادرة عن نقابة أطباء السودان وهيئة محامو الطوارئ ولجان الطوارئ.
وألحق القتال المستمر منذ منتصف أبريل أضرارا هائلة فى القطاع الصحي فى ظل انتشار واسع للوبائيات مثل الملاريا وحمى الضنك.
وفى حين خرج نحو 70 فى المئة من المستشفيات عن الخدمة تماما بينما تعانى المستشفيات القليلة العاملة من شح كبير فى الأدوية والمعينات الطبية والخدمات وسيارات الإسعاف، مما اضطر فرق الإسعاف التى تعمل فى ظروف أمنية بالغة الخطورة لنقل المصابين من مناطق بعيدة بواسطة عربات يدوية بدائية.
كما تعانى المستشفيات أيضا من نقص حاد فى شرائح فحص الفيروسات مما دى إلى وقف التبرع بالدم فى بعضها.اقتصاديا توقع البنك الدولى أن ينكمش اقتصاد السودان 12 فى المئة فى العام الحالي 2023 وذلك بسبب التداعيات الكبيرة الناجمة عن الحرب التى أوقفت عجلة الإنتاج فى العاصمة الخرطوم التى تعتبر مركز الثقل الاقتصادى في البلاد إضافة إلى مناطق عديدة فى إقليمى دارفور وكردفان المتأثران بالحرب ايضا.
وخرجت أكثر من 400 منشأة تعمل فى مجال الصناعات الغذائية والدوائية ومختلف المجالات الأخرى فى الخرطوم عن الخدمة تماما بعد التخريب الكبير الذى تعرضت له بسبب الفوضى المصاحبة للقتال.
كما تأثرت المشروعات الإنتاجية والزراعية فى كافة انحاء البلاد بسبب نقص التمويل وحالة عدم الاستقرار الإدارى.
وقدر وزير المالية الأسبق ابراهيم البدوى حجم الخسائر التي لحقت بالبنية التحتية للبلاد بنحو 60 مليار دولار وسط توقعات بان ترتفع لخسائر بشكل كبير فى ظل استمرار الحرب.
وتوقع البدوى فى مقابلة مع رويترز الشهر الماضى أن يتراجع الناتج المحلى بنحو 20 فى المئة إذا لم تتوقف الحرب سريعا.
وفى ظل الفوضى الواسعة التى صاحبت القتال تعرض نحو 100 فرع من أفرع المصارف العاملة فى البلاد للنهب والحرق والتدمير الكامل بما فيها اجزاء كبيرة من بنك السودان المركزى الذى تشير تقارير إلى أنه يعانى حاليا من شح كبير فى النقد وسط انباء عن خطط لطباعة أوراق نقدية فى الخارج وهو أمر مكلف للغاية.وتضاعفت أسعار بعض السلع الغذائية الرئيسية بأكثر من ثلاث مرات بسبب توقف سلاسل الإمداد وانخفاض قيمة الجنيه السودانى حيث يجرى حاليا تداول الدولار الواحد عند 840 جنيها.
ووفقا لمستثمرين فى القطاع الصناعى فقد تعرضت البنية الصناعية فى الخرطوم والتى تشكل نحو 70 فى المئة من القطاع الصناعى فى البلاد إلى دمار وتخريب كامل. وبالتزامن مع العمليات القتالية ينتشر المئات من اللصوص والمتفلتين فى المناطق الصناعية فى مدن العاصمة الثلاثة وينهبون كل شىء بما فى ذلك الماكينات وأجزاؤها والمواد الخام والمخزون الإنتاجى وحتى أسقف المبانى واجهزة التكييف والإضاءة فى مشهد لم تراه الخرطوم طوال تاريخها الممتد لأكثر من 200 عام
تشهد اكثر من 80 فى المئة من مناطق العاصمة شحا كبيرا فى إمدادات الكهرباء والمياه بعد أن دمر القتال الكثير من المنشآت والشبكات الرئيسية ولا زالت العديد من مناطق العاصمة تعيش فى ظلام دامس، وتوقف كامل لإمدادات المياه منذ الاسبوع الاول من بدء القتال.
توفى المئات من المصابين بالأمراض المزمنة مثل الكلى والسكرى وغيرها بسبب النقص حاد فى الرعاية الطبية والأدوية المنقذة للحياة. وفى ظل تزايد اعداد الجثامين الملقية فى الطرقات وتلك التى تدفن داخل الأحياء وفناءات البيوت حذر مختصون من كارثة صحية وبيئية كبيرة. وتوقعت نقابة اطباء السودان تزايدا كبيرا فى إعداد الوفيات بسبب تفشى الامراض الناجمة عن الآثار الصحية والبيئية الناجمة عن الحرب.
مع استمرار القتال يزداد حجم التدهور الاقتصادى المريع خصوصا فى ظل الدمار الكبير الذى لحق بالبنية التحتية والاقتصادية والاحياء السكنية والاضرار الكبيرة التى لحقت بالقطاع المصرفى.تحولت معظم تلك الأحياء إلى مدن اشباح بعد أن هجرها نحو 95 فى المئة من سكانها لكن بقية من بقوا فى بيوتهم تعرضوا لمآسى إنسانية غير مسبوقة حيث مات بعضهم ولم يجد من يدفنه وظل البعض تحت الانقاض لأيام حتى فاحت رائحة جثامينهم.
أدى القصف الجوى والمدفعي المكثف إلى دمار واسع طال 60 فى المئة من المناطق الحيوية بالعاصمة من بينها القصر الرئاسى وأجزاء من القيادة العامة للجيش وعدد من المتاحف والمبانى التاريخية وعدد من الوزارات والهيئات الحكومية والخاصة التى احترق بعضها بالكامل.
توقف نحو 15 مليون طالب عن الدراسة فى المراحل الدراسية المختلفة منهم نحو مليون طالب فى 155 جامعة وكلية متخصصة يقع 60 في المئة منها فى العاصمة وتعرضت أكثر من 70 فى المئة من المدارس والجامعات والمعاهد والكليات العليا المتخصصة الحكومية والأهلية فى الخرطوم لتخريب كلى أو جزئى