ندوة علمية .. بمسجد الغفران إدارة أوقاف دسوق بحرى بكفر الشيخ
حماده مبارك
فى إطار سلسلة وزارة الأوقاف الدعوية والثقافية ، برعاية ا .د محمد مختار جمعه وزير الاوقاف ، وتوجيهات الشيخ عطا بسيونى وكيل وزارة الأوقاف بكفر الشيخ ، الشيخ عبد القادر سليم مدير الدعوة، وتحت إشراف الشيخ سعد الزيات مدير إدارة أوقاف دسوق بحرى ،أقيمت الليلة ندوة علمية بمسجد الغفران بقرية شباس الملح، التابع لإدارة أوقاف دسوق بحرى، بعنوان فقه الأولويات ، بحضور ا .د مندى حجازى استاذ الفقه المقارن كلية الدراسات الإسلامية بكفر الشيخ محاضرا، الشيخ علاء نعيم النجار إمام وخطيب محاضرا، الشيخ رزق رشاد مبارك إمام وخطيب المسجد مقدما، والقارئ الشيخ محمد حمدى عبد الخالق.
فى كلمته قال الشيخ علاء نعيم ، فقة الأولويات هو وضع كل شيء في مرتبته بالعدل من الأحكام والقيم والأعمال، ثم يقدَّم الأولى فالأولى بناءً على معايير شرعية صحيحة يهدي إليها نور الوحي وسلامة العقل، فلا يقدم غير المهمِّ على المهم، ولا المهم على الأهم، ولا المرجوح على الراجح، بل يقدَّم ما حقه التقديم ويؤخر ما حقه التأخير، ولا يكبر الصغير ولا يصغر الكبير، بل يوضع كل شيء في موضعه بالقسطاس المستقيم.
فالقيم والأحكام والأعمال والتكاليف متفاوتة في نظر الشرع تفاوتًا بليغًا، وليست كلها في مرتبة واحدة، فمنها الكبير ومنها الصغير، ومنها الأصلي ومنها الفرعي، ومنها الأركان ومنها المكملات، وفيها الأعلى والأدنى، والفاضل والمفضول،والخلاصة: أن فقه الأولويات هو العلم بالأمور التي ثبت لها حق التقديم وفق الأدلة الشرعية[1].
وفى كلمته قال ا .د مندى حجازى،
أدلة فقه الأولويات من الكتاب والسنة، لقد وردت آيات وأحاديث كثيرة تدل على التفاوت في أحكام الأعمال ومراتبها، مما يدعونا إلى البحث عن فقه يساعدنا على تحديد الأولويات بين هذه الأحكام وهذه المراتب، لنيل أسمى الفضائل منها، واجتناب أنكر المنكرات، فمن هذه النصوص:
أولًا: من القرآن الكريم:
1- قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [التوبة].
أي: أجعلتم – أيها القوم – ما تقومون به من سقي الحجيج وعمارة المسجد الحرام – وهي في ذاتها أعمال صالحة – كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله؟ لا يستوون عند الله تعالى.
2- قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر].
أي: أهذا الكافر المتمتع بكفره – وهو الذي سبقت الإشارة إليه في الآية السابقة -، خيرٌ أم من هو عابد لربه طائع له، يقضي ساعات الليل في القيام والسجود لله، يخاف عذاب الآخرة، ويأمُل رحمة ربه؟ قل – أيها الرسول -: هل يستوي الذين يعلمون ربهم ودينهم الحق والذين لا يعلمون شيئًا من ذلك؟ لا يستوون، إنما يتذكر ويعرف الفرق بينهما أصحاب العقول السليمة.
3- وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ * وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾ [فاطر].
أي: وما يستوي الأعمى عن دين الله، والبصير الذي أبصر طريق الحق واتبعه، وما تستوي ظلمات الكفر ونور الإيمان، ولا الظلُّ ولا الريح الحارة، وما يستوي أحياء القلوب بالإيمان، وأموات القلوب بالكفر. إن الله يسمع من يشاء سماع فَهْم وقبول، وما أنت – أيها الرسول – بمسمع من في القبور، فكما لا تُسمع الموتى في قبورهم – سماع منفعة – فكذلك لا تُسمع هؤلاء الكفار لموت قلوبهم، وما أنت إلا نذير لهم من غضب الله وعقابه.
ثانيًا: ومن الحديث:
3- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “سبق درهم مائة ألف درهم” قالوا: وكيف؟ قال: “كان لرجل درهمان تصدق بأحدهما، وانطلق رجل إلى عُرض ماله فأخذ منه مائة ألف درهم فتصدق بها”[2].
4- وعنه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: “الإيمان بضعٌ وسبعون – أو بضع وستون – شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان”[3].
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الإيمان بضع وستون شعبة – أو بضع وسبعون شعبة – فأرفعها: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق. والحياء شعبة من الإيمان”[4].
قال أبو حاتم ابن حبان: “والدليل على أن الإيمان أجزاءٌ بشعب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خبر عبد الله بن دينار: “الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة: أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله”، فذكر جزءًا من أجزاء شعبه، هي كلها فرضٌ على المخاطبين في جميع الأحوال، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقل: وأني رسول الله، والإيمان بملائكته وكُتبه ورسله والجنة والنار وما يُشبه هذا من أجزاء هذه الشعبة، واقتصر على ذكر جزء واحد منها، حيث قال صلى الله عليه وسلم: أعلاها “شهادة أن لا إله إلا الله”، فدل هذا على أن سائر الأجزاء من هذه الشعبة كلها من الإيمان، ثم عطف فقال: “وأدناها إماطة الأذى عن الطريق”، فذكر جزءًا من أجزاء شعبة هي نفلٌ كلها للمخاطبين في كل الأوقات.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: “الحياء شعبةٌ من الإيمان”، فهو لفظةٌ أطلقت على شيء بكناية سببه، وذلك أن الحياء جبلةٌ في الإنسان، فمن الناس من يكثر فيه، ومنهم من يقل ذلك فيه، وهذا دليلٌ صحيح على زيادة الإيمان ونقصانه، لأن الناس ليسوا كلهم على مرتبة واحدة في الحياء. فلما استحال استواؤهم على مرتبة واحدة فيه، صح أن من وجد فيه أكثر، كان إيمانه أزيد، ومن وجد فيه منه أقل، كان إيمانه أنقص. والحياء في نفسه: “هو الشيء الحائل بين المرء وبين ما يباعده من ربه من المحظورات”، فكأنه جعل ترك المحظورات شعبة من الإيمان بإطلاق اسم الحياء عليه، على ما ذكرناه”[5].