سلوى النجار/تكتب بين التوكل على الله والتواكل فرق كبير.
سلوى النجار
نرى الكثير الكثير ،بتباطؤن في السعي لأرزاقهم ،ويتواكلون ظنًا منهم أنه توكلًا على الله ، وسمة فرق كبير بين التوكل والتواكل ، المقصود بالتوكل: تفويض الأمر لله -تعالى- والثقة بما قدّر مع الأخذ بالأسباب والجدّ والاجتهاد؛ أما المقصود بالتواكل: فهو تفويض الأمر لله -تعالى- دون الأخذ بالأسباب والعمل والاجتهاد، فالمؤمن المتوكّل يعمل ويأخذ بكافة الأسباب ويفوّض أمره لله،وفي هذا امثلة كثيرة على ذلك:
منها : مزارع اجتهد في حرث أرضه وزراعتها وسقيها وتسميدها ،وعمل بكل الأسباب المتاحة التي هيأها الله له ،ثم توكل على الله في انباتها واثمارها ، فهذا رجل متوكلًا متعبدًا إلى الله بهذا العمل،وفيه قول الله تعالى : أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) الواقعة
وعن بعض السلف أنه كان إذا قرأ هذه الآية وأمثالها يقول: بل أنت -يا رب- الذي تزرع، وأنت الذي تنميه.
(لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا) يعني هذا الزرع، أي: أيبسناه قبل استوائه .
وهنا قد قام المسلم بدوره كاملًا وترك امر الإنبات والإنماء والإثمار لله عز وجل.
أما الشخص الآخر الذي يتواكل عنده الأرض لاحرث ولاغرس ، وينتظر السماء تمطر والأرض تنبت بلاعمل ولااتخاذ أسباب ويقول الله يرزقني .هذا متواكل فالسماء لاتمطر ذهبا ولافضة ، ولاتمطر زرعًا ولاثمارًا ، والإسلام حث على العمل والجد والاجتهاد ، والكسب من عرق الجبين فلا ينتظر عطف هذا ولا عطاء هذا ، الإسلام مقت العالة الذين يتكففون الناس أعطوهم أو منعوهم .
وعندما جاء رجل
إلى النبي صلى الله عليه وسلم وشكا له شدة الفقر، فقال له: أما عندك شيء ؟ قال: لا . فأعطاه درهمين وقال له: اذهب فاشتر بأحدهما طعاما وبالآخر فأسا واحتطب به وبع. فغاب الرجل خمسة عشر يوما ثم أتى فقال: بارك الله فيما أمرتني به. فالنبي يربي أصحابه على الجد والاجتهاد والعمل ، وعدم التسول عندالناس،فهذه صورة ممقوته في الإسلام،وهناك الكثير الكثير من هؤلاء الناس الذين بنبغي على كل مسلم أن يصحح لهم مفهوم التوكل ،والتواكل ، حتى لايسألون الناس ويتعرضون للذل فهذا يعطي ،وذاك يمنع ،وقصة أهل اليمن معروفة عندما كانوا يحجون،
وفيها:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهمَا قالَ: كانَ أهْلُ اليَمَنِ يَحُجُّونَ ولَا يَتَزَوَّدُونَ، ويقولونَ: نَحْنُ المُتَوَكِّلُونَ، فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197].)
صحيح البخاري
لقدْ ربَّى الإسلامُ المسلِمَ على التَّوكُّلِ على اللهِ عزَّ وجلَّ، وعقد العزمِ وتَعليقِ القلْبِ به سُبحانَه وحْدَه؛ فلنْ يَقَعَ شَيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ إلَّا بقَضائِه وقَدَرِه سُبحانه، إلَّا أنَّ الفَهمَ الصَّحيحَ للتَّوكُّلِ لا يُنافي الأخْذَ بالأسبابِ وتَحصيلَها، بلْ يُحتِّمُ ذلك على المسلمِ ويُوجِبُه.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ عَبدُ اللهِ بنُ عبَّاس رَضيَ اللهُ عنهما سَببَ نُزولِ قولِه تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}، وهو أنَّ أهلَ اليَمنِ كانوا يَحُجُّونَ ولا يَحمِلون معهم طَعامًا وشَرابًا يَكْفيهم في حَجِّهم، ويَقولون: نحنُ المُتوكِّلونَ على اللهِ، فإذا جاؤوا مَكَّةَ طَلَبوا مِن النَّاسِ الطَّعامَ والشَّرابَ، فكانوا مُتواكِلينَ لا مُتوكِّلينَ؛ إذ التَّوكُّلُ هو قَطْعُ النَّظرِ عن الأسبابِ مع تَهيِئةِ الأسبابِ. فأنْزَلَ اللهُ تعالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197]، والمعنى: واستَعينوا على أداءِ الحجِّ بأخْذِ ما تَحتاجون إليه مِن طَعامٍ وشَرابٍ، واعْلَموا أنَّ خَيرَ ما تَستَعينون به في كلِّ شُؤونِكم هو تَقْوى اللهِ تعالَى.
وأنَّ تَرْكَ سُؤالِ النَّاسِ مِن التَّقوى.
وأنَّ التَّوكُّلَ لا يكونُ مع السُّؤالِ؛ وإنَّما التَّوكُّلُ على اللهِ تعالَى ألَّا يتركَ الأخذ بالأسباب المعينة له على حاجة وهدفه واذا استعان ةبأحَدٍ في شَيءٍ يكون على سَبيل الدِلالة لاعَلى سَبيلِ الإعانةِ منه
وفيه: زَجرٌ عن التَّكَفُّفِ والطَّلبِ مِن الناسِ، والتَرغيب في التعففِ
والتّوكل من أعظم منازل العبادة والاستعانة؛ لكونه أصلاً لكافّة أنواع العبادات.
فهذا طالب علم اعتمد على قدراته الذهنية ومهاراته الذاتية وتحصيله من الكتب وقراءته على العلماء دون توكلٍ على الله إلا وكله الله إلى نفسه ولم ينفعه بعلمه، وما تبرأ طالب العلم من حوله وقوته ،وعمل بالأسباب إلا كان التوفيق حليفه ونفعه الله بعلمه وبارك له فيه. وآخر تَعَالَمَ ، ولم يتعلم ،واعتمد على ربه بلا كدٍوظل يقول يارب يارب ،بدون أي مجهود أو اتخاذ سبيل للجد والأخذ عن العلماء ،والمذاكرة والمدارسة فهذا كسول متواكل .
وفي الحديث :{اعقلها وتوكل}