وسط أزمة خانقة يمر بها الاقتصاد التونسى على مدار الأشهر الماضية سجلت عوائد السياحة فى البلاد أرقاما مرتفعة للمرة الأولى منذ سنوات بالتزامن مع عودة المناقشات المتوقفة مجددا مع صندوق النقد الدولى ما يبعث باحتمالات انفراجة قريبة.
وتوقع مراقبون تونسيون أن يسهم انتعاش القطاع السياحى فى البلاد مؤخرا إلى حد كبير فى تحقيق انفراجة نسبية للاقتصاد كما يعول الخبراء على نجاح المفاوضات الجارية مع صندوق النقد لتحسين أوضاع الاقتصاد التونسى خلال الفترة المقبلة.يقول المحلل السياسى التونسي نزار الجليدر إن بلاده سعت من خلال حزمة إجراءات عاجلة إلى فك الحصار المفروض على القطاع الاقتصادى دون الانصياع للشروط المفروضة من جانب صندوق النقد الدولى والتى تضر بالمواطن إلى حد كبير.
أولاً: دعمت تونس القطاع السياحى الذى تضرر مؤخرا بشكل كبير بسبب حملة التشويه التى استهدفت البلاد فى أعقاب سقوط جماعة الإخوان عن الحكم.
ثانيا: انعكس نجاح المواجهة الأمنية مع تنظيمات الإرهاب التى نشطت خلال السنوات الماضية فى تعزيز بيئة أمنة لاستقبال السياح من كافة دول العالم، الأمر الذى ظهر جليا فى الأرقام المعلنة من جانب البنك المركزى.ثالثا: تجري الاستعدادات فى الداخل حاليا على قدم وساق لتأمين موسم سياحي قوى فى فترة الصيف سواء من حيث الاستعدادات الأمنية أو التجهيزات الخدمية على أعلى مستوى.
رابعا: تسعى تونس أيضا لتنشيط القطاع الصناعى لرفع الناتج المحلى وتعويض عجز الموازنة وتركز الجهود بشكل كبير على قطاع الزراعة وانتاج الفوسفات فضلا عن بعض الصناعات الانتاجية الأخرى.الجليدى يشير أيضا إلى أهمية الجهود المبذولة على المستوى الإقليمى والدولى لجذب استثمارات ومساعدات دول الجوار والحلفاء لدعم الاقتصاد التونسى.
وبحسب الجليدي، نجحت الدبلوماسية التونسية فى جذب الدعم الدولى والإقليمى للاقتصاد التونسى أبرزها الدعم المقدم من جانب إيطاليا والجزائر وفرنسا أيضا.
يقول الخبير الاقتصادي التونسى حسن بالى إنه يتوجب على الحكومة البدء بحزمة إجراءات لتصحيح الأوضاع سريعاً تتمثل فى:
تنفيذ إصلاحات حاسمة فى القطاعات الحيوية للاقتصاد التونسى.تنفيذ سياسات مالية ونقدية صحيحة وفعالة للحد من التضخم والنمو الاقتصادى الحقيقى.
البحث عن حلول لتعزيز الثقة فى الاقتصاد التونسى وتحفيز الاستثمارات الوطنية والأجنبية.
لا يمكن أن تستمر جهود الحكومة فى الانكفاء والهروب من المسؤولية فى مواجهة هذه الأزمة ويجب علينا أن نتحرك بسرعة وقوة للتغلب على التحديات التى تواجهنا.
كما يجب على الحكومة العمل على وضع خطة اقتصادية مستدامة وفعالة وتحقيق الإصلاحات اللازمة لتحفيز النمو الاقتصادى وجذب الاستثمارات.
بالإضافة إلى ذلك يجب الاهتمام بالشأن الاجتماعى وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين والعمل على تحسين الأداء الحكومى والحد من الفساد.بحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن البنك المركزى التونسى ارتفعت عوائد القطاع السياحى بنسبة 60.3 بالمئة لتصل إلى 389 مليون دولار حتى 20 أبريل من العام الماضى.
كما ارتفعت تحويلات التونسيين العاملين بالخارج فى ذات الفترة بنسبة 7.3 بالمئة إلى 772 مليون دولار مقابل 690 مليون دولار فى نفس الفترة من العام الماضى.
وذكر البنك أن صافى احتياطيات النقد الأجنبى تراجع إلى 7.29 مليار دولار حتى 28 أبريل مقابل قرابة 7.95 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من عام 2022.
وتعانى تونس من أزمة اقتصادية متفاقمة مع ارتفاع حاد لمعدل التضخم وأسعار المواد الأساسية وتسعى للتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولى للحصول على تمويل بنحو 1.9 مليار دولار يدعم ميزانيتها لكن الاتفاق تعطل بسبب عدم التوافق بين الحكومة والصندوق حول إجراءات التقشف المطلوبة.وفى نهاية مارس الماضى نشر صندوق النقد الدولى تقريرا بعنوان إصلاح دعم الطاقة من أجل تونس أكثر استدامة قال فيه إن وتيرة التعافى الاقتصادى فى تونس تباطأت فى عام 2022 وفى الوقت نفسه ارتفع عجز الحساب الجارى والمالية العمومية فى ظل زيادة أسعار الطاقة والغذاء العالمية.