د. أحمد شعبان يكتب … المسئولية التضامنية للشركات المساهمة التجارية
إن شركة المساهمة من أهم الشركات في المجال الإقتصادي وهي أفضل شركة بالنسبة لشركات الأموال، وهي الشركة التي تضم رؤوس أموال ضخمة وتقوم بأنشطة إقتصادية لا يمكن للشركات الأخرى الخوض فيها.
طالما إن إدارة شركة المساهمة تكون من قبل مسييرين بالنيابة عن المساهمين فهي تفرض عليهم مسؤوليات تضامنية ومسؤوليات فردية قبل التأسيس وبعده وأثناء حياة الشركة أي تمتعها بالشخصية المعنوية إذ أنهم ملزمون ببذل عناية إتجاه الشركة والمساهمين قصد تحقيق الأهداف والغاية التي أنشأت الشركة من أجلها، وجب عليهم أن يمتنعوا عن القيام بالأعمال التي من شأنها الضرر بالشركة ومع الحداثة في الشركات وضعت التشريعات قيود وتم تقرير مسؤوليات المسيرين لها لما فيها من ثغرات التي من شأنها أن تحدث إخلال بالسياسة الإقتصادية.
بإعتبار أكثر الأخطاء شيوعا في الشركات هي أخطاء التسيير سواء المتعمدة أو العفوية فهي تأثر بشكل كبير على نشاط الشركة، في بعض الحالات يؤدي إلى إندثار الشركة أو التصفية.
تعتبر شركة المساهمة هي بدرجة أولى النموذج الأمثل لشركة الأموال فهي لها إعتبار مالي التعريف الفقهي لها العديد من التعاريف الفقهية فيه من عرفها على أنها الشركة التي يقسم رأس مالها الى أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول ولا يكون كل شريك فيها مسؤولا إلا بقدر حصته في رأس المال ولا تعنون باسم أحد الشركاء، وفيه على من عرفها على أنها هي النموذج الأمثل لشركات الأموال كونها لا تقوم على الإعتبار الشخصي مما يعني أن تجميع رأسمالها هو الهدف الرئيسي الذي يسعى إليه المؤسسين بهدف بناء مشروع يكلف نفقات كبيرة لا يقوى عليه الأفراد لذلك فإن فكرة شركة المساهمة قامت منذ القدم.
خصائص الشركة
أولا الاعتبار المالي: في هذا النوع من الشركات لا يكون لشخص الشريك أي إعتبار، وهي تتكون في معظم الأحيان من عدد كبير من الشركاء دون تنسيق أو إتفاق بينهم حتى أنهم في الغالب قد لا يعرفون بعضهم البعض.
ثانيا عدد الشركاء وحصصهم ومسؤوليتهم: نص المشرع على الحد الأدنى للشركاء الذي هو سبعة شركاء وفي المقابل لم يضع حد أقصى فأنها تستقبل ما تشاء من المساهمين، كما أنه لم يشترط أن يكون فيها المساهمون أشخاص طبيعيين فقط وهذا ما يسمح للأشخاص الإعتباريين المساهمة فيها أيضا.
أهم مميزات شركة المساهمة هي أن حصص الشركاء عبارة عن أسهم قابلة للتداول بالطرق التجارية المعروفة ومنه فإنه يؤدي الى تجدد الشركاء بصفة متكررة أما بالنسبة لمسؤولية الشركاء في شركة المساهمة لا تكون إلا في حدود حصصهم بمعنى في حالة ديون الشركة فيكون كل شريك مسؤول بقدر ما يملكه من أسهم كما إن الشريك لا يكتسب صفة التاجر بمجرد دخوله إلى الشركة وعلى ما تقدم فإنه في حالة إفلاس الشركة لا يترتب عليه إفلاس الشريك بعكس ما هو في شركات الأشخاص.
أهمية شركة المساهمة
لشركة المساهمة وظيفة إقتصادية كبرى في المجتمعات بأسرها لأنه يمكنها القيام بالمشاريع الكبيرة التي تعجز عنها الإستثمارات المحدودة غالبا، هذه الميزة ترجع لها الدور الكبير في رفع الإقتصاد الوطني والتنمية وتحقيق أهدافه بالإضافة الى أنه يتيح لها السيطرة على المجال الإقتصادي، ولهذا أخذت بعض التشريعات إعتبار إن المصلحة العامة سمحت الدولة لنفسها بالإشراف والرقابة على هذا النوع من الشركات حتى لا تضل سبيلها وخصوصها وإنها تراعي مصالح المساهمين الذين لا يتسنى لهم الرقابة على هذا النوع من الشركات المال. ومبدأ تداول الأسهم يجعل الشركة أيضا ذات أهمية بالغة لأنها تعتبر تركيز رأس مع كل الأهمية التي تتمتع بها شركة المساهمة إلا أنها في بعض الأحيان تعتبر أكبر ضرر لها ويسبب في زوالها وهذا راجع إلى النظام السياسي للدولة إذا قرر أنه يخرج من النظام الرأسمالي ويدخل النظام الإشتراكي وتقوم الدولة بتأميم هاته الشركات خصوصا إذا كان نشاط الشركة ذا مصلحة عامة بهذا تدخل الشركة في الملك العام واستمرار نشاطها بصفة عادية كالسابق ويمكن في حالات إن الدولة لاتعوض المساهمين بالإضافة إلى إنها مساهم فعال في عمليات التروست الذي يتكون من مجموعة مؤسسات إقتصادية التي تنتمي إلى الشركات المنفصلة قانونيا عن بعضها البعض وتتمتع كلها بالشخصية المعنوية.
كما تساهم شركة المساهمة أيضا في الاتفاقي الاحتكاري المسمى “الكارتل” الذي هو عبارة عن إتفاق يتم بين عدد من المشاريع المستقلة بقصد السيطرة على السوق وإحتكاره لنشاط إقتصادي معين.
الشروط الموضوعية
أولا الرضا والأهلية، المقصود بالأهلية هنا هي أهلية الوجوب بمعنى صلاحية الشخص لتحمل الإلتزامات وإكتساب الحقوق، ولما كان الدخول في الشركة عمل تجاري بحسب الشكل حسب القانون التجاري يعد عملا تجاريا بحسب الشكل …. الشركات التجارية فوجب توافر الأهلية القانونية للدخول في الشركة أي الأهلية المحددة بسن 19 سنة طبقا القانون المدني. ويجب لصحة الأهلية ألا يعتبر بها عارض من العوارض والمتمثلة في الجنون والعته والسفه، والعته والجنون، ونقص السن يفقد الأهلية تماما ويعدمها، بينما السفه يجعل الشخص ناقص الأهلية حسب ما جاء في القانون المدني.
ثانيا المحل: يعتبر المحل من الأركان الضرورية لإبرام عقد شركة المساهمة، لذلك ففي حالة ما إذا كانت لدى المؤسسين نية إنشاء شركة المساهمة، فينبغي أن يحتوي ذلك العقد الذي على أساسه سوف تقوم هذه الأخيرة على المحل، والذي يقصد به في هذه الحالة موضوع شركة المساهمة والذي يعتبر مشروع تأسيسها، إذ من خلاله يستطيع المؤسسين الوصول إلى هدفهم الأساسي الذي يتمثل في تحقيق الأرباح، وقد يكون كذلك المحل ذلك المشروع الإقتصادي الذي يسعى الشركاء إلى تحقيقه من وراء تأسيسهم لشركة المساهمة.
ثالثا السبب: السبب طبقا للمفهوم التقليدي لنظرية السبب هو الإلتزام التبادلي، أي أن إلتزام هذا الشخص سببه هو إلتزام الشخص الثاني، أما حسب المفهوم الحديث للسبب فإنه الباعث الذي دفع بالشريك إلى الدخول أي إستهدافا لتحقيق الربح، فالسبب الرئيسي الذي يدفع الى تأسيس الشركة قصد الحصول على الأرباح ويشترط أن يكون السبب مشروعا وغير مخالف للنظام العام.
الشروط الشكلية لعقد الشركة
– الكتابة: ينص المشرع على شرط الكتابة فإنه يستوجب إفراغ العقد المتعلق عمومي مكلف بتأسيسها في قالب رسمي وشكلي وإلا كانت باطلة وذلك يتم عند ضابط “الموثق” والتي تنص على ما يلي: تثبت الشركة بعقد رسمي وإلا كانت باطلة.
الشهر والقيد:
1- الإشهار هو إعلام الغير بوجود الشخص المعنوي ألا وهو شركة المساهمة وذلك باستعمال الطرق القانونية التي استجوبها المشرع بهدف حماية الشركاء وفي نفس الوقت فإن عملية الشهر تحمي كذلك الغير الذي يريد التعامل مع هذه الشركة ، ولا يقتصر الشهر على عقد الشركة فقط وإنما في حالة ما اذا أراد الشركاء إدخال أي تعديل على عقد الشركة فيجب أن يقوموا بشهره.
2-القيد هو إيداع العقد الأساسي للشركة على مستوى مصالح مديرية السجل التجاري حينها يتم إتمام إجراءات القيد تصبح للشركة الشخصية الإعتبارية كاملة وتباشر عملها من تاريخ القيد مباشرة.
وفي الختام يظهر لنا جليا أن شركة المساهمة من أهم شركات الأموال لأنها تساهم بشكل كبير في تنمية وتطوير إقتصاد الدول، وهذا ما أثبتته مختلف الشركات التجارية التي أسست في شكل شركات مساهمة كالشركات القابضة والشركات ذات الرأسمال المتغير فكل هذه الشركات اتخذت شكل شركة مساهمة ، لأن هذه الأخيرة هي الوسيلة المثلى لتحقيق الفعالية حيث ساهمت في إحداث ثورة في المجال الإقتصادي وذلك لما تتوفر عليه هذه الشركات من إمكانيات مالية جد كبيرة وقدرتها على جمع أكبر قدر ممكن من الأموال، وما يؤكد ذلك هو إمتالكها لرؤوس أموال ضخمة وهائلة لهذا نجد أن مجال الإستثمار فيها واسع جدا.
وبالمقابل كل ما تحمله من خطورة على الإقتصاد وذلك يتمثل في طرق الإحتيال التي تصدر من المؤسسين ومجلس الإدارة وهذا ما تم ذكره سابقا بتحديد مسؤوليتهم التي تكون تضامنية أو فردية والطرق التي تؤدي الى هلاك الشركة وإحداث ضرر بالمساهمين وبالإقتصاد الوطني لإحتوائها على رأس مال ضخم ، وأي إخلال بأحد البنود أو الإتفاقية المبرمة سواء قبل إكتساب الشركة الشخصية المعنوية أو بعدها أي في مرحلة ما قبل التأسيس، ومرحلة التأسيس وأثناء حياة الشركة ، وهذا ما ينتج عنه متابعة جزائية أو مدنية لكل متسبب في الضرر سواء بالإهمال أو متعمد لمخالفة القواعد المتعلقة بالتأسيس، حسب درجة الضرر وكيفية تكييفه وإقرار أن تكون المسؤولية بالتضامن أم فردية لضمان عدم التلاعب بهذه الإجراءات للوصول الى أي أهداف غير مشروعة.