فتوى عن يوم الجمعة حكم التهنئة بها

 

بقلم : ا.د/ عطية لاشين أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف

 

يقول في رسالته :

قلت لصاحبي يوم الجمعة : “جمعة مباركة” فقال : “إن هذا بدعة” ، فهل ما قاله صحيح؟

post

 

الحمد لله رب العالمين قال في القرآن الكريم : {بديع السماوات والأرض أنى يكوز له ولد ولم تكن له صاحبة}

 

والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم روت عنه كتب السنة “أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة فإن صلاتكم معروضة علي”.

 

وبعد :

فإن البدعة بمعناها المذموم هي التي لم يشهد لها عموميات الشريعة وأدلتها الإجمالية يعني لا يمكن إدخالها في عباءة عموم الأدلة وهي التي ورد بشأنها حديث المعصوم صلى الله عليه وسلم “كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار”.

 

أما إذا كان يشهد لها عموم النصوص فليست من المحدثات ، ولا من المبتدعات ، ولا يطلق عليها بدعة الضلالة بل دخلت في عموم ما قاله سيدنا عمر رضي الله عنه “نعمت البدعة”٠

 

وبخصوص واقعة السؤال نقول :

إن ليلة الجمعة ويومها مذكورة على وجه الثناء والمدح في الكتاب والسنة ففي القرآن يقول الرحمن مناديا على أهل الإيمان : {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع}٠

 

وفي السنة المباركة : “إن يوم الجمعة فيه ساعة إجابة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها شيئا إلا أعطاه إياه”٠

 

أضف إلى ما تقدم قول الله عز وجل : {وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لأيات لكل صبار شكور}

 

وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : “إن لربكم في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها”٠

 

وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم زاخرة وملأى بذكر فضل يوم الجمعة وصلاتها والحسنات المترتبة على ذلك من غفران صغائر ما بين الجمعتين وزيادة ثلاثة أيام لأن الحسنة بعشر أمثالها٠

هذا أولاً.

وأما ثانياً : إن قول المسلم لأخيه المسلم : جمعة مباركة دعاء منه لأخيه المسلم بأن يبارك الله جمعته بالطاعات ومزيد من العبادات وبالصلاة على نبي الأمة ، وحبيب الرحمن صلى الله عليه وسلم ، فإن أحيا المسلم جمعته بعباداتها المشروعة فيها كانت جمعته مباركة طيبة شاهدة له يوم القيامة٠

 

فعبارة : “جمعتكم أو جمعتك مباركة” دعاء يحث المدعو له ويحضه بأن يحييها بما شرع فيها من العبادات فيحصل بسبب ذلك على مزيد من غفران السيئات ومضاعفة الحسنات٠

 

وثالثاً : إن أريد بالبدعة هي كل مالم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا فهم خاطئ يخرج كثيراً من الأعمال من دائرة المشروعية إلى غير المشروعية من ذلك مثلا جمع الناس على إمام في صلاة تراويح رمضان ،واتخاذ سيدنا عمر دارا للسجن ، وتدوينه الدواوين وركوب السيارات والطائرات والأكل بالملاعق يجعل ذلك كله بدعة ضلالة ولم يقل بذلك عاقل بله المسلم٠

 

وفي النهاية : “جمعتكم مباركة”٠

 

والله أعلم.

 

وصلى الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى