رؤية حول فتوى الكد والسعاية
بقلم : ا.د / عطية لاشين أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف
الحمد لله رب العالمين قال في القرآن الكريم :(فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا)
والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم روت عنه كتب السنة “لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه”٠
وبعد :
صدر مؤخرا فتوي “الكد والسعاية” الذي كان الهدف منها حفظ الحقوق وإرجاعها إلى ذويها سواء كان الحق للزوجة أو لأحد الأبناء أو البنات الذين ساهموا بنصيب موفور في تنمية ثروة الوالد وتضعيفها ولا ينكر أحد أيا كان أن حفظ الحقوق من الأمور الواجبة في الإسلام٠
ولكي لا يساء استغلال هذه الفتوى ، وفهمها على غير وجهها نؤكد أن اسمهما “الكد والسعاية” يتضمن توضيحها ، وبيان المراد منها ومعنى ذلك ان كان للزوجة كد عمل وسعي وكتفها بكتف زوجها وإلإيراد المترتب على كدها وسعيها يعادل إيراد كد الزوج وسعيه إن لم يكن يفوقه ولا يزالان يجمعان إيراد الكدين ونتاج السعيين حتى تضخمت الثروة فالعدل يقتضي أن يكون للزوجة من هذه الثروة ما يعادل قيمة ما ساهمت به في إجمال هذه الثروة خاصة إذا كان الاتفاق منذ البداية بينهما على ذلك أي قالت الزوجة لزوجها إني سأسعى معك ، وأكد معك ، وأضم مرتبي إلى مرتبك على أن تعوضني عن ذلك فهما في هذه الحالة بمنزلة الشريكين٠
في الحالة المتقدمة تأتي أهمية هذه الفتوى من محافظتها على حقوق الشركاء وحق كل شريك في نصيبه من رأس مال هذه الشركة، والمحافظة على الحقوق ، وردها إلى أصحابها هدف يرنو إليه الإسلام ويقصده٠
أما إذا كانت الزوجة لا كد لها، ولا سعي لها، ولا مرتب لها تساهم به كل شهر في أعباء الحياة الزوجية، ولا توجد أية مساهمة لها في تكوين ثروة الزوج فأمر هذه الزوجة بعيد عن هذه الفتوى، ولا تخصها، ولا تنطبق عليها، وتخضع للقواعد العامة في التشريع الإسلامي كما نبشرها أن أجرها على ما قامت به من رعاية الزوج والأولاد يعادل أجر الجهاد ففى الحديث الذى جاءت المرأة فقالت أنى وافدة النساء إليك ثم ذكرت ما للرجال فى الجهاد من الأجر فقالت فما لنا قال لها أخبرى من وراءك من النساء أن طاعة الزوج والقيام بحقه يعدل ذلك وقليل منكن من تفعله
كما أن من محاسن الإسلام تشريع متعة النساء بعد الطلاق وكأنه رعاية للمعروف والجميل
وهكذا تدور الحياة الزوجية بين مراعاة الحق والمعروف والله أعلم.