معاناة الفتيات من التحرش داخل المواصلات
شهد شريف
فجأة وبلا مقدمات تقريبًا تحول التحرش إلى سلوك يومي، يُمارسه الجميع، حتى وصل إلى تحرش الشباب بالفتيات في المواصلات و في الجامعه و في العمل و غيرها.
وتقول فتاة في العشرين من العمر، إنها تعرضت للتحرش داخل المترو، حيث قام رجل بوضع يديها على خصرها، وعندما ابتعدت حاول التقرب منها مرةً أخرى حتى ابتعدت نهائياً .
في الوقت ذاته قالت فتاة أخرى، أنها تُعاني من التحرش اللفظي أثناء عودتنا من الجامعه، حيثُ يقوم أحد الزملاء بقول ما لا يرضيها، بجانب النظرات التي تُزعجها.
لا تستطيع أي فتاة الاستغناء عن استخدام المواصلات، لكن تعرضهن للتحرش والمضايقات بشكل متكرر والسكوت عنه بذات الوقت، جعل من المواصلات العمومية وسيارات الأجرة أماكن خصبة لمثل هذه المشكلات.
(مضايقات صامتة)
تتعرض الفتيات للمضايقات والتحرشات بصمت، ودون أن ينتبه أحد، فيجلس شاب الى جانبها في الباص مثلا ويضايقها فيما يكون خجلها وخوفها من العواقب (في أغلب الأحيان ) سبب في صمتها عن الاعتراض.
حيثُ اتفق معظم النساء على أن المضايقات تكثر في الباصات، وخاصة من قبل بعض الشبان الجاهلين، حيث تقول إحداهن “هناك الكثير من الأشياء نتعرض لها في المواصلات، فهؤلاء الشباب يجهلون أن من يضايقونها قد تكون أختهم أيضاً، في الباص يحاولون أن يستغلوا جلوس فتاة الى جانبهم وقد تتعرض للمس أو الالتصاق أو أي نوع من أنواع المضايقات.
يصف الدكتور محمد الحباشنة اختصاصي علم النفس، مضيفاً “أولوية النقل في العالم هي من حق الجميع، ففي العالم وسائل النقل العامة محترمة ويوظفون سائقاً فيه مواصفات عامة محترمة تضمن للركاب الأمان فيها”. أما فيما يخص الصمت على هذه التحرشات في المواصلات فيقول الحباشنة “النقطة المرعبة أننا ما زلنا نحمل في أنفسنا رهاب الشكوى أي أن نتقدم للشكوى من قبل اي شخص وخصوصاً الأنثى فيما يتعلق بموضوع التحرش بشكل عام، والأنثى العربية والأردنية تحمل الشك في أن التهمة قد توجه بشكل عكسي عليها أو بما يمس سمعتها، وأن الشخص المتحرش قد لا يتابع قانونياً وقد لا يعاقب وهذا يمنعها بشكل كبير من الشكوى، وخوفنا من تطبيق القانون وإجراءاته يمنعنا من ضبط هؤلاء الذين تسول لهم أنفسهم بالتحرش”.
غياب القيم ورسوخ الفراغ
حيثُ تصف منى طنوس المضايقات بأنها كثيرة سواء في الباص أو التكسي أو حتى وهي تنتظر الباص وتقول “إذا ما وقفت لأنتظر الباص أو التكسي، فلا أستطيع أن أصف لك كم كلمة أتعرض لها وكم نظرة وكم مضايقة، لكن بصراحة قد يكون الحق على الفتيات، فبعضهن يرتدين ملابس لا يمكن للشاب إلا أن ينظر إليها، هي طبيعة في الإنسان حتى أنا كفتاة تلفت لي نظري بملابسها الفاضحة فماذا عن الشباب”.
غياب الدين والقيم والوعي
هو ما يُحدث هذه المشكلات في مجتمعنا، تقول (س.م) وتؤكد أنها لا تتعرض لمضايقات كثيراً، “فأنا لا أرتدي ما يلفت النظر، لكن قد لا يكون هناك متسع في الباص فنجلس ثلاثة فتيات في كرسي ثنائي فأكون غير مرتاحة في جلستي بالباص، الأمر لا يصل الى التحرش الجنسي بالنسبة لي فأنا أركب مع صديقاتي وليس وحدي، لكن هناك بعض الأنفس المريضة وغياب الدين والقيم من أنفسهم يخلق المجال لهذه المشكلات ويجعل البنات يتعرضن للتحرش والمضايقات”.
حسب الفتاة.. وحظها ديما لا تجد في المواصلات الكثير من المتاعب، فهي تستخدم الباص أو التكسي في طريق الذهاب والعودة من عملها أو دراستها، وتؤكد لم أتعرض لأي مضايقات أو تحرشات والحمدلله”.
كل بنت وتشاطرها
بالقرب من الجامعة حيث تدرس أحد الفتيات وتستخدم التكسي في تنقلاتها، وتقول “كل شخص وحظه أنا لم اتعرض لأي مضايقات لكني أسمع أحياناً عن بنات تعرضن لبعض التحرش من قبل سائقي التكاسي هذا لم يحدث معي والحمدلله، ربما يحدث هذا بحسب الشخص الذي قد تركب معه وحسب المكان والوقت أيضاً فمن غير الممكن أن تركب التكسي في وقت متأخر لوحدها مثلاً”.
وترى( ن.ع ) والتي ما تزال تدرس في الجامعة، والتي تستخدم سيارتها “الخاصة” أن “ذلك أسهل لها كما و تقول أنني لم أكن أحب استعمال الباص لأنه يكون ممتلأ و”عجقة”، التاكسي أضمن وأسهل”.
لا نظام.. لا رقابة
( أ.ج ) تركب ثلاث باصات من الزرقاء الى عمان يومياً وتتعرض الى الكثير من المضايقات والتي تكون في أكثرها من عمال وشباب من المناطق الشعبية وتقول “الأزمة المتكررة على الباصات تضطرنا للوقوف طوال الطريق، وأحيانا يجلسونا ثلاث بنات على كرسي زوجي، ويكون الشباب واقفين أمامنا والى جانبنا فيميلون علينا ونتخبط بهم طوال الطريق، ليس هناك نظام ولا رقابة، وبالنسبة لتحرشات الشباب هي عائدة لقلة الدين وللفراغ الذي يعيشونه، والفتيات يزودونها باللباس، فليس مناسباً أن تركبي في باص به عشرات الاشخاص وأنت ترتدين ملابساً مبالغ بها”.
فقد أصبح المجتمع انتقالي والقواعد فيه غير مضبوطة وغير سليمة لكن ذلك لا يعني أنه ليس هناك أساسيات ومبادئ، نحن لدينا أساسيات ضمنها الدين والعرف بحيث تجعل من موضوع التحرش بفتاة أو سيدة في أي مكان ممنوعا ومرفوضا ومنبوذا أيضاً”.