اللغة العربية هي أهم مظاهر شخصيَّة الأمة العربية الإسلامية 

د.عمرو حلمي 

تعد اللغات في حياة الأمم والشعوب من أهم المعالم والمظاهر الدالة على شخصية كل أمة من الأمم والتي تميزها عن غيرها ، ومن هنا فإن اللغة العربية هي أهم مظاهر شخصيَّة الأمة العربية الإسلامية ، والتي تميزها عن غيرها من الأمم.

 

قال ابن تيميَّة في «اقتضاء الصراط المستقيم» : «واعتِياد اللغة يُؤثِّر في العقلِ والخُلقِ والدِّينِ تأثيرًا قويًّا بيِّنًا ، ويُؤثِّر أيضًا في مشابهةِ صدرِ هذه الأمَّة من الصحابة والتابعين ، ومشابهتهم تَزِيد العقلَ والدِّينَ والخُلقَ، وأيضًا فإنَّ نفس اللغة العربيَّة مِن الدين ، ومعرفتها فرضٌ واجبٌ ، فإنَّ فهْم الكتاب والسُّنَّة فرضٌ ، ولا يُفهَم إلَّا بفهْم اللغة العربية ، وما لا يتمُّ الواجب إلَّا به فهو واجب.

 

post

ويقول الدكتور عثمان أمين : «ويرى علماء الاجتماع أنَّ اللغة تجعل من الأمَّة الناطقة بها كُلًّا مُتراصًّا يخضَع لقانونٍ واحد، وأنها الرابطة الحقيقية الوحيدة بين عالم الأذهان وعالم الأبدان، وهي نظريَّة تصدُقُ على لغتنا العربية أكثر ممَّا تصْدُق على أيَّة لغة أخرى؛ فاللغة العربية عظيمة الأثر في تكوين عقليَّتنا، وهداية سلوكنا، وتصريف أفعالنا؛ ذلك أنها تمتاز عن اللغات الأخرى بمثالية عميقة صريحة، تحسب حساب الفكرة والمثال، وتضعهما مكانَ الصَّدارة والاعتِبار؛ أي: إنَّ لغتنا العربية تفترض دائمًا أنَّ شهادة الفكر أصدق من شهادة الحسِّ، ويَكفِي في التعبير بها إنشاء علاقة ذهنيَّة بين المسند والمسند إليه، دون حاجة إلى فعل الكينونة الذي هو لازمة ضرورية في اللغات الهندو أوربية ، ودون الحاجة إلى التصريح بضمير المتكلم أو المخاطب أو الغائب؛ لأن الذات مُتَّصِلة دائمًا بالفعل في نفس تركيبه الأصلي».

 

وكما جاء في «مجلة الزهراء» : «إنَّ لغة الأمَّة دليلُ نفسيَّتها وصور عقليَّتها؛ بل هي أسارير الوجه في كيانها الاجتماعي الحاضر، وفي تطوُّرها التاريخي الغابر؛ لأنَّ وراء كلِّ لفظةٍ في المعجم معنى شعرتْ به الأمَّة شعورًا عامًّا، دعاها إلى الإعراب عنه بلفظٍ خاصٍّ، فوَقَع ذلك اللفظ في نفوس جمهورها موقع الرِّضا، وكان بذلك مِن أهل الحياة، وما معجم اللغة إلا مجموعة مِن المعاني التي احتاجت الأمَّة إلى التعبير عنها، فاختارت لكلِّ معنًى لفظًا يدلُّ على الجهة التي نَظرَت الأمَّة منها إلى ذلك المعنى عندما سمَّتْه باللفظ الذي اصطَلَحت عليه، فلغة الأمَّة تتضمَّن تاريخ أساليب التفكير عندها مِن أبسَط حالاته إلى أرقاها، يعلَم ذلك البصير بِأَبْنِية اللغة وتلازُمها، ومَن له ذوقٌ دقيق في ترتيب تسَلْسُلها الاشتقاقي».

زر الذهاب إلى الأعلى