عادات وتقاليد العروس ليلة الحناء في دولة السودان
ساراتو محمد
كل فتاة تحلم بليلة العمر وتعد لها في مخيلتها حتى قبل ما ترتبط بزوج المستقبل. وليلة الحناء من أهم الليالي التي تهتم بها العروس. لما بها من بهجة وخصوصية. ولكل دولة عربية طقوس في ليلة الحناء. تجتمع في بعض طقوس وتختلف في بعض آخر.
وتعد دولة السودان من الدول العربية التي لها طقوس خاصة ومميزة جداً. وتهتم بليلة الحناء اهتمام كبير.
تحتفل العروس في دولة السودان بيوم الحناء الخاص بها بحضور الأهل والأصدقاء وأسرة العريس عدا العريس. والعكس. يحتفل العريس بيوم حنته دون يوم حناء العروس وبحضور أهلها فقط. يكون يوم الحناء للعروس مزدحم بالأهل والمعارف والأصدقاء. وتذبح الذبائح وتطهى أشهى الأطعمة. وتقام ليلة الحناء على مدار من يوم إلى ثلاث أيام.
ومن الممكن أن ترتدي العروس ليلة الحناء التوب فقط، أو تنوع في ملابسها. مثل أن ترتدي العباءة أو الجلباب المزرقش، ثم الفستان، ثم الزي الهندي. أو الحبشي (الإثيوب)..
ويرتدي العريس الجلباب الأبيض المزين بالخطوط الحمراء. يسمى ” السورتي” والطاقية الحمراء. ويضع العريس الحناء بيده ورجليه. بالطريقة التقليدية. لكن العروس يتم لها رسم الحناء برسومات كبيرة وجميلة. وتُرسم الحناء على الأيدي فقط للبنات الذين لم يتزوجوا بشكل بسيط. كمشاركة لفرحة العروسين. أما النساء المتزوجات يقوموا برسم الحناء على اليد والقدم.
يتم تجهيز العروس قبل ليلة الحناء ويوم الزفاف من شهر إلى ثلاث أشهر.
بعد أن يحدد الفرح تُحبس العروس حتى لا يراها العريس إلا يوم الزفاف لكي تصبح مختلفة وجميلة ويسمى هذا الطقس”حبسة العروسة”. وخلال هذه الفترة تجهز العروس نفسياً وصحياً، وتجميلياً.
تجهيز العروس نفسياً:
لا تقوم العروس بأي أعمال ولا المنزلية خلال هذه الفترة ويحل محلها أخرين. ولا تخرج من البيت ولا تشتري أي شيء. وكل ما عليها هو تجهيز نفسها وراحتها فقط.
تجهيز العروس صحياً:
إذا كانت العروس نحيفة يتم تغزيتها بالأكلات التي تجعلها أسمن مثل مديدة دخن أو مديدة حلبة. وهي عبارة عن حلوى من التمر أو الحلبة “كالمهلبية”. ولو العروس سمينة وتريد أن تنحف. تقوم بعمل الرياضة، وتشرب العصائر وتأكل أكلات تساعدها على إنقاص الوزن والرشاقة.
تجهيز العروس تجميلياً:
تجهز العروس تجميلياً من شهر لحوالي ثلاث أشهر. وأهم ما تهتم به العروس هو عمل كورس مكثف من العطور على جسدها. ولم يقتصر الأمر على وضع العطور والدِلكة فقط. بل يتم عمل حفرة في الأرض على شكل قصيص. ويوضع خشب الشاف والطلح هذه الأخشاب من مكونات البخور. وتعتبر دواء للجسد. فهي تساعد على إزالة العرق والجلد الميت، وإعطاء اللون البرونزي ورائحة جميلة فواحة للجسد. كما تساعد في فتح شهية العروس. تجلس العروس على أدخنة هذه الأخشاب وتُغطى من ساعة إلى ساعتين، حسب قدرة العروس. تتم هذه العملية يومياً، صباحاً ومساء. طوال فترة الحبسة.
للعروس يوم خاص لتصفيف شعرها يتم يوم الحنة أو قبلها. تأتي المشاطة لكي تجهز شعر العروس بالتسريحات المختلفة بالجدايل المميزة والجميلة ويسمى بيوم “المشاط”. تجلس العروس وحولها الأهل والأصدقاء. والمشاطة تصفف لها شعرها ويشربون القهوة ” الجَبَنة”. ممكن أن يضفر شعر العروس نفسها، أو بإضافة الشعر الصناعي أو الخيط. وتزين الضفائر بالسوق سوق أو بالجنيه الدهب أو الفضة. ولكن هذا الطقس يقل هذه الأيام قليلاً.
ويتم تدريب العروس على الرقص من خلال الأقارب والأصدقاء “والعلامة” التي تعلمها الرقص وتتم هذه العملية لمدة شهر. وليلة الحناء ترقص العروس على الأنغام الشعبية السودانية الشهيرة والجميلة. ولكن هذا الطقس قل هذا الأيام إلى حد ما.
هناك نوعين من الحناء يتم استخدامها في يوم الحناء.
١- الحناء الحمراء الطبيعية التي تعجن بالماء ويضاف عليها بعض من المواد كالسوراتية والمحلبية لكي يغمق لونها وتثبت بالأيدي. تترك لتخمر لمدة من ١٠ دقائق لنصف ساعة. ثم بعد ذلك يتم استخدامها على أيدي وأرجل العروس والموجودين. وتترك على اليد أو الرجل من ساعة لساعتين وتغسل بالماء. وتظل لمدة أسبوعين.
٢- الحناء التي تستخدم للرسم فهي غالباً تكون صابغة. وتستخدم للرسم في المناسبات. أما الحناء الحمراء تستخدمها الزوجة بإستمرار بعد الزواج.
تكون الدلكة قبل التحضير عبارة عن طمي أبيض اللون. توضع على دخان البخور بطريقة معينة من خمس أيام إلى أسبوع. بعد ذلك تكتسب اللون الأسود. وتضع على جسد العروس حوالي نصف ساعة. بعد ذلك تفرك ويشطف الجسم بالماء. وتعطي الجسم نعومة ورائحة جميلة. وتكون الدِلكة والحناء في بيت العروس تستخدمهم طوال حياتها بعد الزواج.
يبدأ مشوار العروس مع الحناء والدِلكة يوم الصباحية مع “الجرتك” والجرتك هي عبارة عن صينية يوضع بها جميع ما تستخدمه العروس من أفخم وأغلى أنواع العطور كالصندل والعود، والمسك. والخُمرة ( تركيبة سودانية). والمحلبية والحناء والدِلكة والضريرة ( روائح ناشفة وسائلة سودانية).. ويأتي الأهل والأحباب في صباحية العروسين يلفون حولهم يباركون ويغنون لهم بأغاني سودانية لإعطائهم التفائل. ويدهنون لهم من الضريرة على أجزاء من رأسهم.
ويدعون لهم بحياة زوجية سعيدة.