تنمية الجانب الأخلاقي عن طريق الأوامر “الأمر بالتعاون في السراء والضراء”

محمد حامد محمد سعيد

من الأوامر القرآنية الواردة في القرآن الكريم أمر الله تبارك وتعالى بتعاون الناس فيما بينهم للمصلحة العامة تارة، وللمصلحة الخاصة تارة أخرى وذلك لكون الحياة لا تسير إلا في جو من التعاون فيما بين الناس بعضهم مع بعض حتى تستقيم عجلة الحياة، ومن الملاحظ في آية التعاون أنها حددت نوع التعاون فلا تعاون إلا في البر والخير والتقوى فقط، ولذا يقول الله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}المائدة:2.

ومن يتأمل نداءات القرآن الكريم يجد أغلبها ورد بصيغة الجمع الدالة على التعاون فيما بينهم فمن ذلك قول الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}فهذه وحدها ذُكرت في ثنايا آيات القرآن ما يقرب من تسع وثمانين مرة (89)، وقوله عزوجل:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ} ذُكرت أيضا ما يقرب من عشرين مرة (20)، وقوله:{يَابَنِي آدَمَ} ورد ذكرها في القرآن الكريم خمس مرات (5)، فهذه النداءات المرتبطة بالمؤمنين تارة، والناس تارة أخرى، وبنى آدم تارة ثالثة فيها الدلالة الواضحة على أن هذه الفئات لابد من التعاون فيما بينها، بصرف النظر عن نوعية التعاون هل هو تعاون على الخير والبر، أم تعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه.

وللتعاون في الإسلام صور عدة ينبغي علينا جميعاً أن نحققها فيما بيننا فمن ذلك التعاون في نصرة الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وفي هذا الشأن يقول الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ}الصف:4، وكذا تعاون المسلمين فيما بينهم في أداء العبادات في رحاب المساجد وغيرها كإعداد المساجد والساحات لصلاة عيدي الفطر والأضحى، وتعاون حجاج بيت الله الحرام لأداء شعيرة الحج، ومن صور التعاون أيضا تعاون الدول الإسلامية العربية فيما بينها في كل مجالات التعاون السياسية، والتجارية، والعسكرية، والاقتصادية….، وكذا التعاون لمساعدة المحتاج، وضرورة التعاون على قضاء الدين عن المدين، فما أحوج الأمة الإسلامية في تعاونها فيما بينها في واقعنا المعاصر واستثمار الموارد والثروات الكائنة في أرض البلاد الإسلامية حتى يعم الخير بلاد الإسلام وتعود الفائدة لأبناء الأمة الإسلامية، وكذا تعاون الشعوب من حكوماتها لإنجاح سياسات الحكومات ما دامت سياسة متوافقة مع منهج إسلامنا وليس فيها ما يخالف الشرع الحنيف…..إلى غير ذلك من صور التعاون القائمة بين أفراد ومؤسسات الأمة.

يتبع في المقال القادم إن شاء الله.

post

 

زر الذهاب إلى الأعلى