من مناقب الحسين بن علي رضي الله عنه
د. عمرو حلمي
يسر موقع جريدة نبض الوطن أن يقدم لقرائه الأعزاء قطوف من سيرة ومسيرة الإمام الحسين بن عليّ رضي الله عنه , وذلك بمناسبة ذكرى مولده رضي الله عنه وعن آل البيت النبوي.
نسبه :
هو : الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصَي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ، بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
أبوه :
عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين رابع الخلفاء الراشدين عند أهل السنة والجماعة ، والإمام الأول عند الشيعة الإثنا عشرية ، وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أمه :
فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لذلك يُعرف بـ “سبط رسول الله” ، والسبط كلمة تُطلق على الأولاد بشكل عام ، وقيل : أولاد الأولاد، وأولاد البنات ، وقيل معناه الطائفة أو القطعة، فيكون معنى “سبط رسول الله” أي قطعة منه دلالة على شدة حبه له وللحسن.
كنيته : أبو عبد الله ، وتذكر المصادر الشيعية أن النبي صلى الله عليه وسلم من كناه بذلك.
ألقابه : لُقّب بالسبط ، وسيد شباب أهل الجنة , وريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والشهيد ، وفي بعض الروايات الشيعية بسيد الشهداء ، وبألقاب أخرى مثل : الزكيّ ، والطّيب ، والوفي ، والسّيد ، والمُبارك.
إخوته : للحسين بن علي العديد من الإخوة والأخوات من أبيه ، فقد بلغ عدد إخوته من الذكور حوالي عشرين أخًا ، ومن الإناث ثماني عشرة.
أما الإخوة الأشقاء من أبناء فاطمة الزهراء فهم : الحسن , والمحسن , وزينب , وأم كلثوم.
والحسين : هو الابن الثاني لعلي وفاطمة بعد الحسن.
مولده :
ولد في المدينة المنورة في شعبان في السنة الرابعة للهجرة ، وعقّ عنه جدّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما عقّ عن أخيه الحسن من قبل. ولما ولد الحسين أُتِي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأذّن في أذنيه بالصلاة ، ثم ذبح النبي صلى الله عليه وسلم عنه كبشَا عقيقة ، وكان علي بن أبي طالب يريد تسميته حربًا، فسماه النبي حسينًا.
ففي حديث عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال : «لمّا ولد الحسن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حربًا ، قال: بل هو حسن. فلما ولد الحسين قال : أروني ابني ما سميتموه؟ قلت سميته حربا. قال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث جاء النبي صلى الله عليه وسلم قال : أروني ابني ما سميتموه؟ قلت سميته حربًا قال : هو محسن ، ثم قال : إني سميتهم بأسماء ولد هارون».
الجدير بالذكر أن الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنة، لم يكونا في الجاهلية.
لقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ حفيديْهِ الحَسَنَ والحُسَيْنَ رضِيَ اللهُ عنهما، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «هُما رَيْحانتايَ مِن الدُّنيا» رواه البخاري.
وعن جابر أنه قال: وقد دخل الحسين المسجد: «من أحب أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنة فلينظر إلى هذا» سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
نشأته في العهد النبوي :
نشأ الحسن والحسين في بيت أبويهما في المدينة المنورة، وكان جدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحبهما ويأخذهما معه إلى المسجد في أوقات الصلاة حين يصلي بالناس، فكان إذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره. فإذا أراد أن يرفع رأسه أخذهما بيده فوضعهما وضعا رفيقا. فإذا عاد عادا. حتى إذا صلى صلاته وضع واحدا على فخذ والآخر على الفخذ الأخرى ، وكان يُركبهما بغلته الشهباء؛ أحدهما أمامه والآخر خلفه، وكان يقول : «هذان ابناي وابنا ابنتي، اللهم إنك تعلم أني أحبهما فأحبهما.». وكان إذا سمع الحسين يبكي قال لأمه: «ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني».
كان الحسين أحد الذين حضروا مباهلة نصارى نجران وهو صغير، حيث أخذ النبي بيد فاطمة والحسن والحسين للمباهلة وقال: «هؤلاء بني».
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ١١هـ ، والحسين حينها بين السادسة والسابعة من عمره , ولم تلبث عدة شهور حتى توفيت والدته فاطمة الزهراء، حيث توفيت في نفس العام ١١هـ.
الحسين في عهد الخلفاء الراشدين
أولا : في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما:
لا يُذكر عن الحسين الكثير في خلافة أبي بكر لصغر سنه حينها، أمَّا في عهد عمر بن الخطاب فقد كانت سياسته أن يُجل السبطين: الحسن والحسين، ويجعل لهما نصيبُا من الغنائم، ووردت إليه حُلل من وشي اليمن فوزعها على المسلمين ثم أرسل إلى عامله على اليمن أن يرسل له حلتين، فأرسلهما إليه فكساهما للحسن والحسين، وجعل عطاءهما مثل عطاء أبيهما علي بن أبي طالب، وألحقهما بفريضة أهل بدر، وكانت خمسة آلاف دينار.
ثانيا : في عهد عثمان رضي الله عنه
في عهد عثمان التحق الحسين بالجيش والجهاد، وذكر ابن خلدون أن جيش عقبة بن نافع في إفريقية كان عشرة ألاف ولم يستطع فتحها، وصالح أهلها على مال يؤدونه، ثم استأذن عبد الله بن أبي السرح عثمان أن يذهب لفتح إفريقية، وطلب منه أن يُمدّه بجيش من المدينة، فأرسل له عثمان جيشًا، فيه عبد الله بن عباس والحارث بن الحكم بن أبي العاص وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب والحسن والحُسين، وفتحوها سنة ٢٦ هـ أو ٢٧ هـ. وفي سنة ٣٠هـ غزا الحسن والحُسين وابن عباس طبرستان تحت قيادة سعيد بن العاص، فلمّا وصلوا إليها فتحوها، وذكر المدائني : «أن سعيد بن العاص ركب في جيش فيه الحسن والحسين، والعبادلة الأربعة، وحذيفة بن اليمان، في خلق من الصحابة، فسار بهم فمر على بلدان شتى يصالحونه على أموال جزيلة، حتى انتهى إلى بلد معاملة جرجان، فقاتلوه حتى احتاجوا إلى صلاة الخوف»
ثالثا : في عهد عليّ رضي الله عنه
كانت إقامة الحسين بالمدينة المنورة حتى بويع عليّ بالخلافة، عام ٣٥هـ مبايعة والده عليّ بالخلافة ثم خروجه معه إلى الكوفة، وشهد معه موقعة الجمل ثم صفين، ثم قتال الخوارج، وبقي معه حتى استشهاده سنة ٤٠هـ .
الحسين في عهد أخيه الحسن بن على رضي الله عنهما.
لما قُتل علي بن أبي طالب على يد عبد الرحمن بن ملجم المرادي ، بُويع ابنه الحسن للخلافة وذلك بعد أن اختاره الناس. وكان الحسين معاونًا لأخيه الحسن في بيعته بعد مقتل علي ، وبويع له خليفةً للمسلمين في رمضان سنة ٤١ هـ ، ثم حدث الصلح مع معاوية بن أبي سفيان سنة ٤١ هـ ، وأطلق على ذلك العام عام الجماعة، وكان الحسين كارهًا للصلح لكنه قبل به انصياعًا لرأي أخيه، وموافقةً له. واجه الحسين المعارضين للصلح بالوقوف مع خيار أخيه.
الحسين في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما
ترك الحسن والحسين الكوفة بعد الصلح مع معاوية ورجعا إلى المدينة المنورة واستقرا بها، واستمر الحسين في الحفاظ على عهد أخيه بعد وفاته مع معاوية طوال حياة معاوية. وظلَّ الوضع كذلك حتى وفاة معاوية في شهر رجب سنة ٦٠هـ الموافق أبريل سنة ٦٨٠م؛ لكن معاوية قد جعل أهل الشام والمدينة يُبايعون ابنه يزيد، مما كان سببًا في تطور الأحداث بعد وفاة معاوية.
فلما استقرت الخلافة لمعاوية كان الحسين يتردد إليه مع أخيه الحسن فيكرمهما معاوية إكرامًا زائدًا، ويقول لهما: مرحبا وأهلا، ويعطيهما عطاءً جزيلًا. وقد أطلق لهما في يوم واحد مائتي ألف، وقال: خذاها وأنا ابن هند، والله لا يعطيكماها أحد قبلي ولا بعدي. فقال الحسين: والله لن تعطي أنت ولا أحد قبلك ولا بعدك رجلا أفضل منا. ولما توفي الحسن كان الحسين يفد إلى معاوية في كل عام فيعطيه ويكرمه، وقد كان في الجيش الذين غزوا القسطنطينية مع ابن معاوية يزيد، في سنة إحدى وخمسين. ولما أخذت البيعة ليزيد في حياة معاوية كان الحسين ممن امتنع من مبايعته، هو وابن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وابن عمر، وابن عباس، ثم مات ابن أبي بكر وهو مصمم على ذلك.
موقف الحسين من بيعة يزيد بن معاوية
لما توفي معاوية بن أبي سفيان ليلة النصف من رجب سنة ٦٠هـ، كان يزيد بن معاوية بحوَّارين، فعاد وبايعه أهل الشام، وكتب يزيد إلى الوليد بن عتبة والي المدينة المنورة: «أن ادع الناس فبايعهم وابدأ بوجوه قريش، وليكن أول من تبدأ به الحسين بن علي، فإن أمير المؤمنين عهد إلي في أمره الرفق به واستصلاحه» وطلب منه أيضًا أن يأخذ البيعة من عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر بن الخطاب، فطلبهم الوليد للحضور عنده.
ذكر البلاذري : أن الحسين وابن الزبير تشاغلا عنه، وقالا: «نصبح وننظر ما يصنع الناس»، ثم رحلا في جوف الليل إلى مكة. بينما يذكر خليفة بن خياط أن الحسين وابن الزبير حضرا عند الوليد ورفضا البيعة، ثم توجها إلى مكة كلٌ على حدا.
ويُرجع المؤرخون والباحثون رفض الحسين لبيعة يزيد إلى عدة أسباب، منها الحرص على مبدأ الشورى والاعتراض على طريقة بيعة يزيد في حياة والده ، وأن هذه الطريقة في أخذ البيعة لا تشابه طريقة بيعة الخلفاء الراشدين.
ولما خرج الحسين إلى مكة وأقام فيها , أتته كتب أهل الكوفة في العراق تبايعه على الخلافة وتدعوه إلى الخروج إليهم ، فأرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب ليأخذ بيعتهم فطالت غيبة مسلم وانقطعت أخباره، فتجهز الحسين مع جملة من أنصاره للتوجه إلى العراق، ونصحه بعض أقاربه وأصحابه بالبقاء في مكة وعدم الاستجابة لأهل العراق، ومنهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن جعفر، وجابر بن عبد الله، وخرج بمن معه متوجّهاً إلى العراق وفي الطريق قريباً من القادسية لقيه الحر بن يزيد التميمي فقال له: ارجع فإني لم أدع لك خلفي خيراً.
وأخبره أن عبيد الله بن زياد والي البصرة والكوفة قتل مسلم بن عقيل، فهم الحسين أن يرجع ومعه إخوة مسلم فقالوا: “والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نُقْتَل” فتابع سيره حتى وصل إلى منطقة الطفّ قرب كربلاء، وكان عدد ما معه من الرجال ٤٥ فارساً ونحو ١٠٠ راجل إضافة إلى أهل بيته من النساء والأطفال، حيث إن أهل الكوفة خذلوه ولم يوفوا بوعودهم لنصرته، فالتقى بمن معه بجيش عبيد الله بن زياد بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص، وكان معه أربعة آلاف فارس، وجرت بينهما مفاوضات لم تسفر عن اتفاق، فهاجم جيش ابن زياد الحسين ورجاله، فقاتل الحسين ومن معه قتال الأبطال واستشهد الحسين ومعظم رجاله، ووُجد في جسده ثلاثة وثلاثون جرحاً، وكان ذلك في يوم عاشوراء من عام (٦١هـ) رحمه الله ورضي عنه.
ويروى أنه لما ورد رأس الحسين رضي الله عنه إلى يزيد بن معاوية ومعه جماعة من أهل البيت وجلّهم من النساء، قال يزيد: كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، فقالت سكينة بنت الحسين: يا يزيد أبنات رسول الله سبايا؟ قال: يا ابنة أخي هو والله أشدُّ عليَّ منه عليك، وقال كلاماً يشتم فيه عبيد الله بن زياد: وما عليّ لو احتملت الأذى وأنزلت الحسين معي، وحكّمته فيما يريد، وإن كان علي في ذلك وهن، حفظاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورعاية لحقه، لعن الله ابن مرجانة ـ يعني عبيد الله ـ فإنه أحرجه واضطره، وقد كان سأل أن يخلي سبيله أن يرجع من حيث أقبل، أو يأتيني، فيضع يده في يدي، أو يلحق بثغر من الثغور، فأبى ذلك عليه وقتله، فأبغضني بقتله المسلمون، وزرع لي في قلوبهم العدواة” , ثم قال: «رحم الله حسيناً لَودِدت أن أُتيت به سِلمًا».
ثم أمر بالنساء فأدخلن على نسائه، وأمر آل أبي سفيان فأقمن المأتم على الحسين ثلاثة أيام، ثم أمر بتجهيز نساء آل البيت وإعادتهن إلى المدينة معزّزات.
في بيت الحسين رضي الله عنه
أولا : زوجاته :
أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله , كانت زوجة لأخيه الحسن، ثم تزوجها بعده.
الرباب بنت امرئ القيس.
السُلافة القضاعية , نسبة إلى قبيلة قضاعة.
شهربانو – شاه زنان , بنت كسرى يزدجرد ، سُبيتْ أثناء الفتح الإسلامي لفارس.
ليلى بنت أبي مُرّة بن عروة بن مسعود الثقفية , أمها ميمونة ابنة أبي سفيان بن حرب.
ثانيا : أبناءه :
عليّ الأكبر , قتل مع أبيه في معركة كربلاء ، وأمه: ليلى بنت أبي مرة.
عليّ السجاد , وهو المعروف بزين العابدين ، أمه : شهربانو بنت كسرى.
عبد الله الرضيع , قتل رضيعًا في كربلاء ، وأمه : الرباب بنت امرؤ القيس.
جعفر, مات صغيرًا ولا عقب له ، وأمه : السُلافة القضاعية.
ثالثاً : بناته :
سكينة , أمها الرباب بنت امرؤ القيس
فاطمة : تزوجها ابن عمها عبد الله بن الحسن ، فقتل مع أبيها قبل الدخول بها، ثم تزوجها مصعب بن الزبير أمير العراق، ولكن سرعان ما قُتل.
من مناقب الحسين رضي الله عنه
عاش الحسين طفولته وصدر شبابه في المدينة المنورة ، وتربّى في بيت النبوة ثم في بيت والده، وفي حلقات العلم في المسجد النبوي الشريف على الأخلاق الفاضلة والعادات الحميدة ، أُثر عنه أنه حج خمساً وعشرين حجة ماشياً
وقال عمرو بن العاص لما رأى الحسين في ظل الكعبة : هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم.
رضي الله عن الإمام الحسين بن عليّ وعن آل البيت النبوي وعن الصحب الكرام والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.