العدل ومكارم الأخلاق
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن السلام جاء من الأمن والعدل والحق وكما هو شعار المسلمين ولقد شرّف الله المسلمين بأفضل تحية، فجعل السلام بينهم شعاراً يتميزون فيه بين الأمم، وهي تحية عامة غير مقيدة بوقت محدد كما في بعض التحايا الأخرى فضلا عما يشيعه هذا الشعار من الإخاء والطمأنينة والسكينة والطيبة الظاهرة على أصحابها، وإن من مكارم الأخلاق هو العدل، وإن من مجالات العدل هو التوسط في أمور الدنيا، والابتعاد عن التطرف، وبهذا الخلق يجب أن يتصف المسلم، وبهذا المبدأ سيحاسب الناس يوم القيامة، وهم مطمئنين للحساب لأنه سيسير وفق العدل الإلهي، ومن صور تطبيقه هو العدل في التعامل مع الناس، وكذلك العدل في التعامل مع الخلافات التي تواجه المسلم، فلا يرى المسلم من يخالفه بالأفكار إلا بصورة معتدلة دون تهويل أو تبخيس.
وأيضا العدل في كل مكارم الأخلاق، فالكرم إن زاد عن حد الاعتدال أصبح إسرافا، والتسامح إن زاد عن حده أصبح ضعفا، وأيضا العدل مع العدو بقدر العدل مع الصديق، وكذلك التعاون التعاون حاجة ضرورية أم كمالية؟ ضرورة إنسانية فطرية بها يستطيع الإنسان تيسير أمور حياته، وإن الإسلام حث المسلمين بشكل خاص على تحفيز هذا الخلق في المجتمع، لما له من أثر كبير يصب في الغاية الأساسية التي وجد الإنسان في الأرض بسببها عمارة الأرض فقال الله تعالى فى كتابه الكريم ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ” ومن صور التعاون هو إبعاد المسلم للأذى والعدوان عن أخيه، وأيضا التعاون في أمور الدين والعبادات، وإعانة العالم بعلمه، والقوي بقوته، والغني بماله، والتقي بمساعدة الناس في التزام الحق والابتعاد عن ما يغضب الله تعالى.
وأيضا من مكارم الأخلاق جبر الخواطر ويتمثل هذا الخلق في تقديم الدعم المعنوي قبل المادي لمن لديه حاجة أو حتى يواجه ويعاني من مشاكل معينة في حياته، وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مواقف من حياته كان قد جبر وساند فيها أناس يمرون بفترات حرجة كمرض وغيره، مثل معاودة المرضى من الناس، ولهذا الخلق أثر كبير في نفوس الناس وله دوره في مساندتهم، وإن من صور التعاون هو زيارة المريض ومساعدته في شؤونه، وأيضا التشجيع المعنوي لمن فشل في أمر ما، وقد أخذ بأسباب النجاح، والمساندة في حالات الوفاة، وكذلك من مكارم الأخلاق هو التسامح، وهو صفة الإسلام البارزة وفيه يتنازل الناس عن حقوقهم بطيب خاطر منهم وبكامل الرضا، وحث عليه الإسلام كثيرا لما له أثر في اختفاء النبذ والكراهية والعداوة بين الناس.
فيتحقق مقصود عمارة الأرض، فلن تعمر الأرض بوجود المشاحنات بين الناس، فقال الله تعالى فى كتابه العزيز ” لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين” وإن من صور هذا الخلق الكريم أن تسامح المسلم مع من له عنده حق مادي و معنوي، وتسامح المسلم مع من تسبب له الأذى، وإن من سماحة الإسلام، هو حين تجد امرءا سهلا ميسرا، يتنازل عن حظ نفسه أو جزء من حقه، ليحل مشكلة هو طرف فيها، أو ليطوي صفحة طال الحديث فيها، أو ليتألف قلبا يدعوه، أو ليستطيب نفس أخيه، وهو قبل ذلك لا يتعدى على حق أخيه، ولا يلحف في المطالبة بحقوقه، فذلك هو الرجل السمح، وتلك هي السماحة.