عندما يرضى الإنسان عن نفسة
بقلم – محمد الدكروري
قد يتزين للناس بأعمال ليست خلقا له في الواقع، ويتزين لهم بأشياء يقول لهم ويخبر عنها إما صراحة وإما بطريق غير مباشر، وهو يريد أن يترفع عند الناس، وأن يتزين عندهم فلربما يُظهر لهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أنه هو الذي سعى في الأمر الفلاني من أمور الخير، وأنه على يده تحقق المشروع الفلاني، وأنه صاحب فكرة المشروع العظيم الذي انتفع به الناس هنا وهناك، وأنه هو الذي كان السبب في هداية فلان وفلان وفلان من كذا، ويعني ويذكر أشياء كثيرة ليقول للآخرين أنا صاحب فضائل، وصاحب أعمال جليلة، وأنا جرت على يدي كثير من أعمال البر والخير والصدقات، والمسجد الفلاني بني عن طريقي، والمدرسة الفلانية بنيت عن طريقي، وأنا تبرعت بالمشروع الفلاني.
وأقمت المؤسسة الفلانية، وبنيت المسجد في الناحية الفلانية كل هذه الأشياء، الله تبارك وتعالى يعلم بهذا كله، فإذا كان الله قد أحب العبد والله لو لم يتكلم فإن قلوب الخلق تنقاد إليه، بل حتى لو لم يروه بمجرد سماع اسمه يحبونه، وإذا رأوه أسرهم بمحبته، وانقادت القلوب له، وإذا كان الله قد أبغض العبد واللهِ لو طار، واللهِ لو عمل ما عمل، لو أنفق ما في الأرض جميعا في أعمال البر والخير والله يبغضه ما يزداد بهذه الأعمال إلا بغضا في قلوب الخلق، وإذا جاء الناس يشكرونه، أو يحاولون كذا فهو من باب شر الناس من يُحسن إليه اتقاء لشره، أو نفاقا له أو نحو ذلك، يعرفون أن هذا الموظف إن لم يقولوا له ذلك وإن لم يشكروه وإن لم يكافئوه ويذكروه في الاحتفال الفلاني والمناسبة الفلانية أنه سيقف لهم ويعرقل أعمالهم، فيضطرون مرة يعطونه درعا، ومرة شهادة شكر.
ومرة يذكرونه في الافتتاح، ومرة يجعلونه يلقي كلمة، من أجل أنهم يعرفون أن هذا الإنسان لا تطيب نفسه إلا أن يكون مقدما في كل شيء، فيضطرون تصنعا له، لكن قلوبهم بمنأى عن هذا تماما، قلوبهم لا تحبه، وإن كلمة السعادة تحمل الكثير من المعاني، فهي لا تقتصر فقط على شعور أو إحساس معين، وإنما يمتد بها الأمر لما أبعد من ذلك، حيث تمثل لدى الغالبية العظمى من الناس هدفا يسعون دوما لتحقيقه والوصول إليه، ويسلكون العديد من الطرق في سبيل الوصول لهذا الهدف، ولكن لا بد من القول بأن معنى السعادة يختلف من شخص لآخر، إذ إن البعض يرون السعادة في امتلاك سيارة أو طفل أو بيت أو وجبة طعام، في حين أن الكثير يرون أن السعادة تتجلى في أشياء بسيطة قد لا تكون ملموسة كاهتمام شخص ما بهم، أو سماعهم كلمة جميلة من محبيهم.
أو الذهاب لمنطقة خلابة، والجدير ذكره أنه بالرغم من وجود هذه الفروقات بين الأفراد، إلا أن العديد منهم يجتمعون على أسباب مشتركة للسعادة، وإن من أسباب السعادة هو صنع المعروف أو الأعمال الخيرية المختلفة، والابتسامة في وجه الآخرين، ومقابلة الشر بالخير أو كما تسمى بمقابلة الإساءة بالإحسان، وكذلك التخلص من الفراغ والوحدة، وبالتالي إلهاء النفس، والتخلص من المشاعر السلبية المختلفة مثل الحزن، والتوتر، والغضب، والابتعاد عن النميمة والحسد والغيرة، والابتعاد عن إرضاء الناس، وتعليم النفس على أن رضا الناس غاية لا تدرك، وحب الإنسان لغيره، والصلاة والخشوع، وتقبل النقد البناء من الآخرين.