كتاب «اللهجة العرايشية».. استعاد ذاكرة الأجداد في سيناء

سيناء – تقرير يكتبه: محمود الشوربجي

«اللهجة العرايشية» لغة الحضر، تراث شفهي سيناوي يرسخ الهوية ويوثق التاريخ. ارتبطت بالعائلات الحضرية في مدينة العريش العاصمة الرسمية لمحافظة شمال سيناء، الواقعة في الشمال الشرقي لجمهورية مصر العربية. والتي أُسست منذ مئات السنوات من خلال عائلات وفدت إليها من مختلف بقاع العالم.

قالوا أن لغتها أقرب إلى لهجات «أهل الشام» وذلك وفقًا لرحالة ومؤرخين ومدونين وباحثين ذكروا مدينة العريش ولهجتها ووصفوها كذلك.

وعقد فرع ثقافة شمال سيناء، أمس الإثنين،  ندوة مناقشة وأمسية ثقافية بقصر ثقافة العريش. لكتاب صدر مؤخرًا وهو “معجم اللهجة العرايشية”  الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة إقليم القناة وسيناء الثقافي. والذي جمعه وصنفه الكاتب الصحفي حمدي نصر عميد الصحفيين السيناويين، والباحث في التراث.

كما أدار المناقشة الأديب محمود طبل، والكاتب عبد العزيز الغالى، بحضور أشرف المشرحاني رئيس فرع ثقافة شمال سيناء.  ومشاركة عدد من أساتذة جامعة العريش ورموز وأدباء وباحثين وشخصيات إعلامية بشمال سيناء.

ورحب أشرف المشرحاني، خلال كلمة افتتاحية بجميع السادة الحضور، مثمنًا جهود الأدباء والشعراء والكتاب في سيناء عمومًا. لما قدموه وما سيقدمونه من إضافات جديدة للمكتبات الثقافية.

وأكد “المشرحاني” خلال كلمته أن الكتاب كنز من المعلومات التراثية القيمة التي تفخر الثقافة أنها تبنت طباعته. وتوزيعه ضمن إصداراتها المتميزة.

وأعلن خلال كلمته مخاطبة الكاتب محمد نبيل رئيس إقليم القناة وسيناء الثقافي لإجراء طبعة ثانية للكتاب بعد نفاذ الكمية المطروحة في أقل من 10 أيام من صدوره.

رسالة المؤلف حمدي نصر

واستهل المناقشة الأديب محمود طبل بالحديث عن نص رسالة المؤلف للحاضرين، متمنيًا لهم أوقات عرايشية سعيدة. ومقدما الشكر لكل العاملين بالحقل الثقافي بالفرع والإقليم والهيئة العامة لقصور الثقافة ووزارة الثقافة المصرية.

كما أضاف “طبل” أن الكتاب من الحجم المتوسط ويقع في 200 صفحة، مصنف حسب المفردات المرتبة أبجديًا. وقال أن مؤلف الكتاب أورد فصلًا للعبارات مُصنفة حسب مواقفها، وفصلًا آخر لتفاصيل حياة الإنسان العرايشي، من مكونات ومستلزمات وطبيعة البيت العرايشي، وفصلًا للأمثال الشعبية العرايشية وفصلًا لألعاب البنات والأولاد التي اختفت الآن.

وشارك الكاتب عبد العزيز الغالي، عضو اتحاد كتاب مصر، الملقب بـ “جبرتي سيناء” خلال كلمته كونه محاضرًا للندوة، واستعرض جوانب عديدة مما يتضمنه الكتاب. علاوة على طرح أسئلة على المتلقين في محاورة تفاعلية أتت بثمارها وسط غبطة الحاضرين ممن عايشوا تلك المفردات وغرابة الواقع السمعي على من هم أحدث سِنًا.

رمز الأصالة

كما استعرض “الغالي” جانب من فصول الكتاب حول الأكلة الشعبية “اللصيمة” وشرحها تفصيليًا، لافتًا أنه كتاب نادر من نوعه يضم كل ما يتوارثه سكان مدينة العريش من كلمات ومصطلحات. ليؤصل ثقافة وموروث يخص سكان مدينة العريش.

وثمن “الغالي” دور وزارة الثقافة في إبراز وحفظ هوية سيناء بكل أشكالها من خلال هذا الإصدار الذي نال اهتمام وقبول الكثيرين من أبناء سيناء والباحثين المتخصصين في جمع التراث.

وأكد “الغالي” أن الكتاب ما يميزه أنه يحفظ للأجيال ذاكرة أجدادهم، حيث لم يترك كلمة ومصطلح إلا ووثقها بدقة، مشيدًا بجهد المؤلف وإصراره على أن ينجح في مهمته بكل براعة.

وأعلن “الغالي” خلال المناقشة أن الكتاب القادم سيكون عن الأمثلة السيناوية حيث سيضم أمثال وحكم من بادية سيناء والحضر معًا.

دور الثقافة في حفظ التراث

من ناحيته، أكد الأستاذ الدكتور صالح محمد صالح، الأستاذ بجامعة العريش، أهمية أن تتبنى الثقافة حفظ التراث، موضحًا أن سيناء عمومًا بادية وحضر سواء في شمالها أو جنوبها تحوي بين جنباتها إرث من التراث الغني المتنوع.

كما أضاف خلال كلمته، أن مثل هذا الكتاب بصدوره عن هيئة قصور الثقافة، يجب أن يتوفر في متناول طلاب الجامعات والمدارس ومكاتبها، ليغذي مداركهم عن تراث أجدادهم. ويؤصل فكرة حفظ الهوية السيناوية.

كما مرَّ الوقت سريعًا دون تداركه، حيث استمر اللقاء مدة ثلاث ساعات وتجاوبت القاعة مع المنصة في تفاصيل مفردات اللهجة العرايشية ومفردات البيت العرايشي والأمثال القديمة والتي تمثل ذاكرة الماضي وامتداد الحاضر. واللافت للنظر أن الحوار والمناقشة سيطرت عليها اللهجة العرايشية ما بين الحضور والمنصة.

واختتمت المناقشة بعدد من التوصيات، كان أبرزها الحرص على اقتناء هذا المعجم لكل طالب جامعي، بل لكل بيت في العريش بل وفي ربوع مصر، وأطلقوا دعوة لإعادة طبعة بعدد مناسب من النسخ تفي رغبة الجمهور. مع إيداع نسخ منه لمتحف التراث السيناوي لتكون بمثابة مرجع للأجيال القادمة.

شارك في حضور المناقشة، العميد فؤاد طبل أحد أبطال أكتوبر، إحسان داوود غالي مقرر المجلس القومي للمرأة، المهندسة سوسن حجاب عضو مجلس الشعب السابق، الدكتور سمير الشاعر، عضو نادي الأدب بالعريش، مسعد بدوي مدير وكالة أنباء الشرق الأوسط بسيناء، الشاعر حاتم عبد الهادي عضو اتحاد كتاب مصر، الشيخ حسن محسن شيخ عائلة المحاسنة بالعريش، الحاج ثابت محسن رجل أعمال سيناوي، وحسن القصاص المذيع بإذاعة شمال سيناء، وسعيد زايد المتحدث الإعلامي لحزب مستقبل وطن، وعدد من رموز المجتمع والأدباء والشخصيات العامة بسيناء.

يأتي ذلك في إطار الأنشطة الثقافية والتوعوية والفنية التي تقيمها الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة المخرج هشام عطوة، من خلال إقليم القناة وسيناء برئاسة الكاتب محمد نبيل، وبفرع ثقافة شمال سيناء برئاسة أشرف المشرحانى.