الطواغيت وعبادة الجن

محمد الدكروري

إنه من أراد صلاح قلبه واستقامة أمره فليستحضر لقاء ربه ووقوفه بين يديه فتصور نفسك في القيامة وأنت واقف بين الخلائق ثم نودي باسمك أين فلان ابن فلان؟ هلم إلى العرض على الله، فقمت ترتعد فرائصك، وتضطرب قدمك وتنتفض جوارحك من شدة الخوف، وتصور وقوفك بين يدي جبار السموات والأرض، وقلبك مملوء من الرعب، وطرفك خائف، وأنت خاشع ذليل قد أمسكت صحيفة عملك بيدك، فيها الدقيق والجليل، فقرأتها بلسان كليل، وقلب منكسر، وداخلك الخجل والحياء من الله الذي لم يزل إليك محسنا وعليك ساترا، وإن الطاغوت هو الطاغي المعتدي أو كثير الطغيان، وكل رأس في الضلال يصرف عن طريق الخير، و يطلق أيضا على الشيطان، والكاهن، والساحر، وكل ما عبد من دون الله من الجن والإنس والأصنام، وبيت الصنم.

والطاغوت يطلق على المذكر والمؤنث على حد سواء ويستوي فيه الواحد وغيره، وكل من عبد من دون الله وهو راض وهكذا الأصنام تسمى طواغيت والأشجار والأحجار المعبودة تسمى طواغيت أما الأولياء والأنبياء والملائكة فليسوا طواغيت لكن الطاغوت هو الذي دعا إلى عبادتهم، والطاغوت هو الذي دعا إلى الشرك بالله وعبادتهم، من الشياطين، شياطين الإنس أو الجن هم طواغيت، أما الأولياء المؤمنون يبرؤون إلى الله منهم ما يرضون أن يعبدون من دون الله وهكذا الأنبياء وهكذا الملائكة وهكذا الجن المؤمنون ما يرضوا فالطاغوت الذي يدعو إلى عبادة غير الله أو يرضى بها وأشباهه فالبراءة من ذلك معناها البراءة من عبادة غير الله واعتقاد بطلانه هي أن تبرأ من عبادة غير الله سبحانه وتعالى وأن تعتقد بطلان ذلك.

وأن العبادة الحق لله سبحانه وتعالى كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم في سورة الحج ” بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلى الكبير” والإنسان ما يصير مؤمنا بالله إلا بالكفر بالطاغوت، والكفر معناها البراءة منه واعتقاد بطلانه، وعلى المسلم أن يتبرأ من عبادة غير الله تعالى، من عبادة الأوثان والأصنام والجن والحاكم الجائر والمبدل لشرع الله تعالى ومن لم يحكم بشرع الله ومدعي الغيب ومن يعبد من دون االله، فعليه أن يتبرأ منها ويعتقد بطلانها ويؤمن أن المعبود بحق هو الله وحده سبحانه وتعالى، فمن لم يؤمن بهذا فليس بمسلم لا بد أن يؤمن بأن الله مستحق للعبادة وأن عبادة الطواغيت وعبادة الجن، وعبادة الأصنام، وعبادة الحاكم الجأر والمبدل لشرع الله ومن لم يحكم بشرع الله ومدعي الغيب.

ومن يعبد من دون االله كل هذا باطل لا بد أن يتبرأ منها، ويعلم جيدا أن الرشد هو دين الرسول صلى الله عليه وسلم، والغي هو دين أبي جهل، والعروة الوثقى هى شهادة أن لا إله إلا الله، وهي متضمنة للنفي والإثبات، تنفي جميع أنواع العبادة عن غير الله تعالى، وتثبت جميع أنواع العبادة كلها لله وحده لا شريك له، فهكذا فإن معنى الطاغوت المعبود من دون الله تعالى، يعني أن يتبرأ من عبادة غير الله، وهى عبادة الأوثان والأصنام والجن فيتبرأ منها ويعتقد بطلانها، ويؤمن بأن المعبود الحق هو الله وحده لا شريك له، فمن لم يؤمن بهذا فليس بمسلم، فلا بد أن يؤمن بأن الله هو المستحق للعبادة، وأن عبادة الطواغيت عبادة الجن عبادة الأصنام عبادة من دعا إلى عبادة نفسه كل هذا باطل، لا بد أن يتبرأ منها.

post
زر الذهاب إلى الأعلى