رمضان شهر الإحسان
بقلم الدكتور حسام خلف الصفيحى
استاذ التفسير بالأزهر الشريف بفتح القلوب تفتح طرق الخير والإحسان وبسعة النفوس يتسع الإحسان وينتشر الخير فى كل مكان مع النسمات التى تصحب ركاب رمضان ورمضان شهر الإحسان من الرحيم الرحمن الذى آثره لذاته المقدسة فهو يجزى به ومن الصائمين الذين تبوأ فى صدورهم الإيمان فهم فى نهار صائم وليل قائم وذكر وطهر وقرآن .
لقد فتح الله عز وجل فى رمضان أبواب الجنة وغلق أبواب جهنم وسلسل الشياطين روى البخارى فى صحيحه من حديث أبى هريرة إنه – صلى الله عليه وسلم – قال : “إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين “.
وفتح أبواب السماء فتح لكل وجوه الخير والرزق والبركة والرحمة والمغفرة وتغليق أبوب جهنم سد لكل وجوه الشر والإمساك والإتلاف والعذاب والعقاب وسلسلة الشياطين فتح لكل صفاء ونقاء ويقين فلا ريب ولا وسوسة .
وفى رمضان تفرش البسط وتمتد الإيدى بالعطاء فالكرم فى رمضان آية من آياته وبشارة من خيراته وندى من نفحاته وهو كرم غير مصنوع وخلق من المؤمنين غير مطبوع يتنافس حوله وإلية المتنافسون فى كل كل مكان يسعون إلى إفطار الناس عند الغروب ساعة تودع الشمس يوما لا تعوضه فى بركته كل يوم من أيام السنة وتسبح فى ليل تتنزل فيه الملائكة بالرحمات من رب الأرض والسماوات على أهل القيام والتلاوة والذكر والتسابيح فترى الأيدى تمتد والوجوه تستقبل والصدور تفتح قبل الدور والقلوب ترحب فياضة بالعفو والسماحة والنور وتسمع فى رمضان أطيب الألفاظ وأطهرها فما أقرب المسلم الصائم من ملا ئكة الله المكرمين الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يوؤمرون وما أبعده من الشياطين الماردين .
ومن هنا تتجلى القيمة الحقيقية للصائم فى تهذيب سلوك المؤمن وإذا كان الإحسان من خلق المؤمن فى رمضان فينبغى أن يمتد ذلك الإحسان إلى ما بعد رمضان خصوصا إذا ما كان مقصودا به وجه الله – تبارك وتعالى – فإن رب رمضان هو رب شوال وسائر الشهور وهو خالق الشهور والدهور وواهب المنن ورزاق البشر .
ولا شك أن هذا الإحسان إذا تحقق فى غير رمضان فد تحقق معنى الأمة الذى أراده الله لها من كونها جسدا واحدا فى تعاطف الأفراد وتراحمهم وتوادهم فإذا ما اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى فإذا سلمت تلك الأمة فقد ضمنت لنفسها الاستقرار والأمان والطمأنينة على مر الإيام والليالي ولعل رمضان يدفعها هذا المراد لأنه شهر الإحسان يفيض على نفوس الصائمين بالخير المطلق الذى يبقى أثره إلى ما بعده بحيث يخرج المؤمن من رمضان محفوفا بغفران ربه وكرمة ويعيش فى نهج الإحسان طول العمر.