فتوى في الوضوء حكم تكرار مسح الرأس
بقلم : د. عطية لاشين – أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف
س : يقول : سمعنا من يقول : إن من السنة مسح الرأس في الوضوء مرة واحدة ، فهل هذا صحيح؟؟
الحمد لله رب العالمين قال في القرآن الكريم :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة آية(6).
والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم روت عنه كتب السنة : “أنه مسح راسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه”٠
وبعد :
فإن لصحة الصلاة شروطاً لابد منها : على رأسها الطهارة من الحدث والخبث قال صلى الله عليه وسلم : “لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ”٠
وللوضوء فرائض وأركان لابد من الإتيان بها حتى يعتد به صحيحاً :
منها : النية وغسل الأعضاء الأربعة الواردة في آية الوضوء ، والترتيب بين هذه الأعضاء.
وبخصوص واقعة السؤال نقول :
اتفق أهل العلم على أن الواجب في غسل أعضاء الوضوء مرة مرة وما زاد على ذلك من الغسل مرتين أو ثلاثا فذلك من السنة.
هذا بالاتفاق في طهارة ماعدا الرأس ، وأما الرأس فهل يسن فيها أن تمسح مرتين أو ثلاثا كغيرها من أعضاء الوضوء أو تتحقق سنيتها بمسحها مرة واحدة؟
اختلف الفقهاء بشأن ذلك على رأيين :
الرأي الأول : وهو للأحناف قالوا : إن مسح الرأس يكون مرة واحدة ولا سنة فيما زاد على ذلك. “بدائع الصنائع” (١/١٤).
الراي الثاني : قال به ماعدا الحنفية حيث راوا أن المستحب في الرأس كغيرها من أعضاء الوضوء أي أن من السنة أن تمسح ثلاثا.
الأدلة :
أولاً : استدل الأحناف بأدلة كثيرة نقتصر على ذكر واحد منها
أخرج البخاري في صحيحه عن عمرو بن يحي المازني عن أبيه : “أن رجلا قال لعبد الله بن زيد : أتستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ : فقال عبد الله بن زيد نعم ثم دعا بماء فتوضأ وضوء الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفيه أنه مسح رأسه مرة واحدة٠
ثانياً : أدلة الرأي الثاني :
استدل أصحاب هذا الرأي بأدلة عديدة نذكر منها دليلاً واحدا٠
أخرج البغوي في شرح السنة عن عطاء بن يزيد عن حمران مولى عثمان بن عفان قال حمران : “رأيت عثمان توضأ فأفرغ على يديه ثلاثا ثم مسح برأسه ثلاثا ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا٠
الراجح :
نرجح الرأي القائل بسنية مسح الرأس ثلاثا قياساً على الأعضاء المغسولة فإن من السنة غسلها ثلاثا كذلك الرأس فإن من السنة أن تمسح ثلاثا ، وما جاء في الأحاديث من مسحها مرة واحدة فذلك لبيان الجواز وأن أحاديث مسح الراس ثلاثا لبيان الوضوء على سبيل الكمال والاستحباب فلا تعارض٠
هذا والله أعلم
وصلى الله على سيدنا محمد.
وكتبه ا.د /عطية لاشين – أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف