المغرب.. البرلمان يعكف على تنفيذ التوجيهات الملكية للإصلاح الإداري
ايمن بحر
تُواصل الإدارات المغربية تطبيق قانون تبسيط الإجراءات والمساطر الإدارية الذي دخل حيز التنفيذ، من خلال حذف وإعفاء المواطنين من عدة وثائق كانوا مطالبين بها في وقت سابق.وتماشيا مع مقتضيات هذا القانون تم حذف لائحة من الشهادات الإدارية من اختصاص ضباط الحالة المدنية وذلك في إطار سياسة تبسيط مساطر وإجراءات المواطنين واستجابة لأحكام القانون 19-55 المتعلق بتبسيط الإجراءات والمساطر الإدارية.
وبموجب هذا القانون أصبح المغاربة معفيين من الإدلاء بأزيد من عشرين وثيقة أبرزها: شهادة العزوبة شهادة الزواج شهادة الحياة الفردية شهادة الحياة الاجتماعية شهاد التحمل العائلي شهادة تأكيد الزواج شهادة القرابة العائلية شهادة الزواج الوحيد شهادة تعدد الزوجات شهادة المطابقة لإثبات الهوية الوحدة شهادة عدم الطلاق، شهادة استثمارية الحياة الزوجية بالإضافة إلى وثائق أخرى سيتم تعويضها بتصريح بالشرف.
وفي هذا الإطار وجه وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت الأربعاء مذكرة إلى ولاة الجهات وعمال العمالات وعمال المقاطعات يدعو من خلالها إلى تطبيق مقتضيات القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية من طرف الجماعات الترابية ومجموعاتها وهيئاتها.
ينص القانون الجديد على إلزام الإدارات بجرد وتصنيف وتوثيق جميع القرارات الإدارية التي تدخل في مجال اختصاصها وتصنيفها وتوثيقها وتدوينها ونشرها بالبوابة الوطنية للمساطر والإجراءات الإدارية أو على البوابة الوطنية للإدارة.
كما ينص في المادة السابعة من بابه الثالث، على عدم مطالبة المرتفق بأكثر من نسخة واحدة من ملف الطلب المتعلق بالقرار الإداري ومن الوثائق والمستندات المكونة لهذا الملف.
وفي تصريح نبه الدكتور عبد الحي الغربة الباحث بالمركز الدولي للدراسات والبحث العلمي متعدد التخصصات إلى دور وأهمية التوجيهات الملكية التي تضمنها خطاب الذكرى التاسعة عشرة لاعتلاء الملك محمد السادس العرش، والتي شكلت النواة الأساسية لورش الإصلاح الإداري
وأشار الدكتور الغربة إلى أن هذا القانون يرتكز على عدة نقاط أساسية خاصة تلك الواردة في توجهات قانون المالية للسنة الجارية، في شقه المرتبط بإصلاح الإدارة وهو ما يبرهن عن الرغبة الكبيرة للمشرع المغربي في إعادة إرساء علاقة جديدة بين المرتفقين وبين الإدارة.
واستطرد الباحث في معرض حديثه قائلا: وزارة الداخلية قامت بنشر لوائح الوثائق التي تم إعفاء المواطنين منها وهي مبادرة محمودة. وقد شرعت الوزارة حاليا في تكوين أُطُرها لمواكبة القانون الجديد وتوعيتهم حول حجم المسؤولية التي أصبحت ملقاة على عاتقهم.
ولَفَت في هذا السياق، إلى تمكين كل الموظفين العاملين بالجماعات الترابية ومجموعاتها وهيئاتها من الاستفادة من دورات التحسيس والتكوين والانخراط في حملات التواصل الخارجي وحث جميع الموظفين وإلزامهم بعدم مطالبة المرتفقين سوى بالمساطر والوثائق المنشورة ببوابة إدارتي.
من جانبه أفاد الأستاذ هشام برجاوي، أستاذ باحث بجامعة القاضي عياض بمراكش بأن تبسيط المساطر الإدارية يرتبط بتصور الدولة حول العلاقة بين المنفعة العامة والمنافع الخاصة موضحا أن هذا التصور يتأثر إما بالنموذج الفرنسي المرتكز على سمو المنفعة العامة مع ما ينتج عنه من إيلاء الإدارة امتيازات قانونية إزاء الخواص، من ناحية وإما بالنموذج الأنجلو-ساكسوني المنبني على المساواة بين المنفعتين العامة والخاصة، وعلى خضوع الإدارة والأفراد، معا، لنفس القواعد القانونية من ناحية أخرى.
وأشار المتحدث في مداخلة له خلال أمسية علمية افتراضية، نظمت السبت 17 أبريل أشار إلى أن المغرب تأثر بالنموذج الفرنسي، وانخرط في دينامية إصلاحية تروم التقريب بين المنفعة العامة ومنافع الخواص وكذا تقليص الامتيازات الممنوحة للإدارة.
كما أوضح أن القانون الدولي لحقوق الإنسان أقر بالحق في الإدارة الجيدة وهو ما يستوجب ملاءمة تشريعية وطنية وكذلك ملاءمة ثقافية وسلوكية من خلال التكوين المستمر للموظفين والأعوان العموميين.
وختاما دعا هشام برجاوي إلى عدم الاقتصار على تبسيط المساطر الإدارية وتوجيه الجهد التبسيطي أيضا نحو القاعدة القانونية التي تعاني إفراطا في التشظي والتضخم وذلك عبر تجميع النصوص التي تؤلف بينها وحدة موضوعية في مدونات تيسيرا لمقروئية وولوجية المنظومة القانونية المغربية للأفراد والمقاولات.
بالنظر إلى الدور المهم الذي يلعبه التحول الرقمي في تفعيل ورش تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية بادرت وزارة الداخلية إلى رقمنة مجموعة من المساطر المتعلقة بالقرارات المسلَّمة من طرف الجماعات الترابية وذلك عبر إحداث منصات خاصة أو تطوير خدمات إلكترونية.
وقد أُعطيت يوم الأربعاء 21 أبريل، الانطلاقة الرسمية للبوابة الوطنية للمساطر والإجراءات الإدارية إدارتي التي تم إحداثها في إطار شراكة بين وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي ووكالة التنمية الرقمية، والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات.
وتعتبر بوابة إدارتي واجهة معلوماتية موحدة ومتكاملة لجميع الإجراءات والمساطر الإدارية بالمغرب. وستمكن البوابة حالياً مستعمليها من الحصول على المعلومات اللازمة حول المساطر والإجراءات الإدارية وسيتم تطويرها في المستقبل لتصبح بوابة تفاعلية يمكن من خلالها للمستفيدين طلب الوثائق ومعرفة المساطر الإدارية وتتبع مسارها الرقمي.
ويبلغ عدد المساطر التي تم إطلاقها عبر هذه البوابة ما يقارب 700 مسطرة تُقدّم توضيحات حول القرارات الإدارية والوثائق المطلوبة خلال كل غرض إداري مشيراً أنّ القرارات الإدارية المنشورة حاليا بالبوابة تم إعدادها وجردها وتصنيفها وتوثيقها من طرف الإدارات المعنية وهي ملزمة للمرتفق والموظّف.
وتعليقا على موضوع التبادل الإلكتروني للوثائق والمستندات بين الإدارات وآليات تسهيل هذه المساطر على ضوء القانون 55.19 أكد الدكتور عبد العزيز بنخالي، المنسق الجهوي لمنتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية خلال نفس الندوة التي حضرتها على أن هذا القانون يكتسي طابعا مهما لكونه يمس علاقات المواطن والإدارة والمقاولة ويساهم بشكل فعال في تقليص التكاليف بمختلف أصنافها ومجالاتها.
وشدد بنخالي على أهمية التبادل الإلكتروني للوثائق والمستندات باعتبارها آلية جديدة لتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية في إنجاح ورش الإصلاح الإداري بالرغم من بعض المعيقات التي أبانت عليها الممارسة العملية.