أ.د/ فتحية النبراوي رائدة الدراسات الاستشراقية بجامعة الأزهر
تقرير : د. عمرو حلمي
يسر جريدة نبض الوطن أن تقدم لقرائها الأعزاء مسيرة عطاء لواحدة من أعلام النساء المعاصرات , هي سفيرة الأزهر في الشرق والغرب , وهي رائدة الدراسات التاريخية المعاصرة , وهي كذلك رائدة الدراسات الاستشراقية بجامعة الأزهر , وهي أيضاً أول مَبْعُوثُة من الأزهر تحصل على الدكتوراه من الخارج.
إنها العالمة الجليلة والمؤرخة الكبيرة : أ.د / فتحية النبراوي د / فتحية عبد الفتاح النبراوي (1940م -2022م) أستاذ التاريخ الإسلامي – بكلية الدراسات الإنسانية – جامعة الأزهر.
وكان لجريدة نبض الوطن هذا اللقاء مع د. حنان عادل – باحثة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي وهي تلميذة أ.د / فتحية النبراوي , والتي تطلعنا على أهم ما يتعلق بسيرتها الذاتية ومسيراتها العلمية.
مولدها ونشأتها
قالت د. حنان عادل : ولدت أ.د / فتحية النبراوي في 17 يناير عام 1940م بمدينة الإسكندرية.
وأكدت على أن نشأت الدكتورة / فتحية النبراوي كانت في زمن قلما يسمح فيه للمرأة أن تكمل مسيرتها العلمية , وبالفعل كانت هناك محاولة لتزويجها بعد المرحلة الإعدادية وخلال المرحلة الثانوية ، ولكنها لزمت المثابرة والإصرار في رحلتها العلمية بتشجيع من والدها – رحمه الله , والتحقت بكلية الآداب – قسم التاريخ – جامعة الإسكندرية , وحصلت على درجة اللیسانس في الآداب بمرتبة الشرف عام 1962م , ثم حصلت على منحة داخلیة لدراسة الماجستیر في قسم التاریخ بجامعة الإسكندرية عام 1963م.
من جامعة الإسكندرية إلى جامعة الأزهر لتكون أول مَبْعُوثُة من الأزهر تحصل على الدكتوراه من الخارج
صرحت د. حنان عادل : وفي عام 1964م , بأن أ.د / فتحية النبراوي انتقلت إلى القاهرة لتعمل كمعیدة بكلیة الدراسات الإسلامیة – جامعة الأزهر.
وفي نفس العام استطاعت أن تحصل على دبلوم الدراسات الإسلامية من جامعة الأزهر, فوقع عليها الاختيار عليها لتكون أول مَبْعُوثُة من الأزهر إلى الخارج عام 1964م لنيل درجة الدكتوراه من أكبر جامعات انجلترا وهي جامعة كمبردج (University of Cambridge) , ثاني أقدم جامعة على مستوى العالم الناطق بالإنجليزية بعد جامعة أكسفورد , والتي تخرح منها بعضًا من أهم علماء القرون الماضية مثل : إسحاق نيوتن صاحب (نظرية الجاذبية) ، وتشارلز داروين صاحب (نظرية التطور) ، وجوزيف طومسون (مكتشف الإلكترون), وغيرهم.
أ.د / فتحية عبد الفتاح النبراوي في بلاد الغرب
تقول د. حنان عادل : واجهت أ.د / فتحية النبراوي مرحلة انتقالية صعبة على أي فتاة شرقية تسافر إلى الغرب وحدها , فهي الآن أصبحت تعيش في مجتمع مختلف تمامًا في العادات والتقاليد الاجتماعية والدينية عن مجتمعها الشرقي , ولكن نظراً لنشأتها الطيبة , استطاعت أن تبني علاقات طيبة مع زملائها في الجامعة , فتروي أنها كانت تربطهم بها علاقة مودة واحترام لدرجة أن البعض منهم كانوا يصومون معها رمضان ولا يأكلون إلا وقت الآذان , والبعض الآخر لا يأكلون أمامها.
وقضت أ.د / فتحية النبراوي سبع سنوات في إنجلترا استطاعت خلالها أن تحصل على دبلوم الدراسات العلیا مع مرتبة الشرف- من جامعة لندن(University of London) عام 1966م.
أ.د / فتحية عبد الفتاح النبراوي في مواجهة المستشرق اليهودي “برنارد لويس”
ذكرت د. حنان عادل : أنه سرعان ما عاد الأمر ليصبح أكثر تعقيدًا , فقد اصطدمت بالمستشرق اليهودي “برنارد لويس” (1916 – 2018م) ليكون مشرفًا على رسالتها الدكتوراه , والذي أفصح لها عن كرهه للعرب وصعوبة التعامل مع المسلمين فذاقت الأمرين حتى استطاعت أن ترغمه على احترامها بأخلاقها الراقية واعتزازها بالدين الإسلامي وبعروبتها , وبعد معاناة مع ذاك المستشرق خلال فترة الإشراف , استطاعت أن تحصل على درجة الدكتوراه من جامعة كمبردج في 12 مارس عام1971م.
وعادت أ.د / فتحية النبراوي إلى القاهرة عام 1971م , وقد أتقنت اللغة الإنجليزية باللهجة الغربية , وعن تأثر بالغرب قالت أنها تأثرت بهم لا محالة , ولكن فيما يتوافق مع مجتمعها وديناتها , وقالت عن علماء الغرب المهتمين بالدراسات الشرقية (المستشرقين) أنها لا تنكر أنهم أسدوا خدمات جليلة للمخطوطات الإسلامية وللدراسات الإسلامية , ولكن كان بينهم كثير من الظالمين والمتعنتين في الحكم على التاريخ الإسلامي ونبي الإسلام.
رائدة الدراسات الاستشراقية بجامعة الأزهر
كما أشارت د. حنان عادل إلى أن أ.د / فتحية النبراوي هي أول من اهتم بدراسة الاستشراق في قسم التاريخ بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر.
كما قامت بتدريس النصوص التاريخية باللغة الإنجليزية كمادة أساسية لطلاب الليسانس والدراسات العليا.
كما كانت تلقي محاضرات في كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر.
التدرج الوظيفي :
كما تابعت د. حنان عادل : عملت أ.د / فتحية النبراوي مدرساً للتاریخ الإسلامي – كلیة البنات الإسلامیة – جامعة الأزهر عام 1971م.
وفي عام 1974م سافرت إلى المملكة العربية السعودية لتشغل منصب رئیس قسم التاریخ في كلیة التربیة للبنات بالریاض.
ثم عادت إلى القاهرة عام 1977م, وعملت أستاذ مساعد للتاریخ الإسلامي- بكلیة الدراسات الإنسانیة – جامعة الأزهر.
ثم توالت مناصبها :
ففي عام 1982م , عَمِلت أستاذ التاریخ الإسلامي والحضارة الإسلامیة بكلیة الدراسات الإنسانیة – جامعة الأزهر.
وفي نفس العام 1982م , شَغِلت منصب وكیل الدراسات الإنسانیة – جامعة الأزھر.
وفي عام 1984م , شَغِلت منصب عمید كلیتي (البنات بالدمام – والآداب والعلوم) بالمملكة العربية السعودية.
وفي عام 1986م , شَغِلت منصب عمید كلیة البنات بالریاض.
وفي عام 1993م , شَغِلت منصب رئیس قسم التاریخ في كلیة الدراسات الإنسانیة – جامعة الأزھر.
وفي عام 1994م , عَمِلت مدیر تحریر بموسوعة الشروق – دار الشروق ، القاھرة.
وفي عام 2000م , عَمِلت أستاذ متفرغ بقسم التاریخ – جامعة الأزھر.
مؤلفاتها وآثارها العلمية
كما أضافت د. حنان عادل : أما عن نتاجها العلمي فلا يسعنا المجال هنا لذكر جميع مؤلفاتها , فهو حصيلة سنوات عديدة بدأت من عام 1979م , بصدور كتابها «سنا البرق الشامي» للعماد الكاتب الأصفھاني ، اختصار الفتح بن علي البنداري ، (دراسة وتحقیق ونقد) ، ولم تنتهي حتى وفاتها عام 2022م , حيث وفاتها المنية قبل إكمال أخر أعمالها «قصص الأنبياء» الذي كانت تود أن تضيف إليه فصلًا مستقلًا خاصًا بالنبي صلى الله عليه وسلم لتختم سيرة الأنبياء.
ولو تحدثنا عن أحب أعمالها إليها , فهي السیرة النبویة المطھرة وبناء الدولة الإسلامیة , الصادر عام٢٠١٢م, وكتاب «علم التاریخ – دراسة في مناھج البحث» – الصادر عام 2005م , وكتاب «العلاقات السیاسیة وصراع القوى الدولیة» (١١٠٠:١٣٠٠ م)، الصادر عام 2004م , وكتاب «تاریخ النظم والحضارة الإسلامیة» – الصادر عام ٢٠١٢ م , والذي وصلت عدد طبعاته إلى 20 طبعة لقيت رواجًا كبيرًا في مصر والعالم العربي.
وفاتها :
توفيت أ.د / فتحية عبد الفتاح النبراوي في بالقاهرة في 29 يونيو 2022م.
والله أسأل أن يجعل علمها في ميزان حسناتها يوم القيامة.
وختاماً :
لا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتقدم بوافر الشكر وعظيم الامتنان إلى سعادة الدكتورة / حنان عادل – باحثة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي , على هذا الحوار الثري وعلى هذه المعلومات القيمة لجريدة «نبض الوطن» حول مسيرة عطاء هذه السيدة العظيمة أ.د / فتحية عبد الفتاح النبراوي رحمة الله عليها.
وتحياتي :
د. عمرو حلمي
رئيس القسم الديني بموقع وجريدة نبض الوطن