القاص الأديب الصحفي رئيس تحرير صحيفة أخبار بنغازي الليبية عن الصحافة والأدب وكيف يري مستقبل الشباب في ذلك الوسط =

الأديب الليبي سالم العبار كثيراً ما تجده في محراب الصحيفة ونادراً ما تلتقي به في المهرجانات والملتقيات الثقافية
صحيفة أخبار بنغازي مسيرة من تاريخ صحفي ليبي تستمر حتي في الأزمات ولا تتوقف
نقدمه في تلك السطور للقارئ العربي من خلال حوار صريح جداً
حوار/ جيهان اسماعيل
سالم على العبار – مواليد بنغازى عام 1958 م درس الحقوق بجامعة بنغازى قاص وناقد وإعلامى – يكتب القصة القصيرة والدراسات النقدية والبرامج الإذاعية
– صدر له الكتب التالية – 1- تجليات مهرة عربية ( قصص قصيرة ) 2 – منشورات ضد الدولة ( قصص قصيرة ) 3- خديجار ( قصص قصيرة ) 4 – اللعبة ( قصص قصيرة ترجمت للغة الفرنسية ) 5 – ملامح البطل فى القصة الليبية القصيرة ( دراسة ) 6 – مقالات فى التراث ( دراسة ) 7 – دراسات فى الأدب ( دراسات نقدية مع كتاب اخرين ) 8 – لغة الجسد ( دراسات فى النقد مع كتاب عرب ) 9 – على هامش المتن (رؤى فلسفية )
– تناول كتاباته العديد من النقاد العرب والأجانب من بينهم الفرنسي ( ادجار ويبر ) ونجيب محفوظ وغيرهم من النقاد من تونس والمغرب والعراق وسوريا ومصر وليبيا وترجمت بعض قصصه للغة الكردية – مثل ليبيا فى عديد المهرجانات الثقافية في العراق ومصر والمغرب وفرنسا
كتب العديد من البرامج الإذاعية أشهرها برنامج ما يكتبه المستمعون الذى اكتشف من خلاله عديد المواهب الأدبية التي تشكل حاليا حضورا بارزا في الساحة الثقافية الليبية – أسس صحيفة أخبار بنغازي عام 1996 م ومازالت تصدر حتى الآن وبتمويل ذاتي من الصحيفة نفسها – من مؤسسي اتحاد كتاب ليبيا فرع بنغازي عام 1979 – ترأس رابطة الكتاب الليبيين – ترأس تحرير مجلة الثقافة العربية ومجلة الفصول الأربعة – نشر انتاجه القصصيوالأدبي بالصحف والمجلات العربية والليبية
أمسية في القاهرة عام 2013
س- كيف تعلق علي قلق المسؤولين والمشتغلين ب الصحافة الورقية عليها من النشر الالكتروني؟
ج*القلق يتخذ عديد الصور واللبوس ولأنه فعل لاإرادي مثل نبض القلب لا يكذب أبدا , فثمة قلق النجاح وقلق الفشل وقلق الحرص وقلق التفريط ونحن أمة اتسع تاريخها للقلق وما أنجبه من خوف وتوجس وحتى لغتنا تزدحم بعائلة القلق في سجلاتها المدنية فلقد واجهتنا حضارة غالبة وقفنا إزاءها موقف المتوجس باعتبارها غزوا لثبوتية ما درجنا عليه من قيم أرى أننا نحاول دحرجتها معنا إلى عصر سريع لا يناسبها وهي في ثبوتيتها وللحفاظ عليها تحتاج إلى إيقاع هاديء والمحصلة أننا لم نستطع اللحاق بحضارة سبقتنا لأننا لم نقرأ كما ينبغي على الرغم من أننا في غالبنا من أمة إقرأ , هنا تجسد القلق في بيئة صالحة للتخلف حيال مستقبلنا فمن انتجوا الألة مازال الورق رفيقهم في البيت والشارع و وسائل المواصلات ونحن طموحنا ملكية وسيلة المواصلات ذاتها من دون التفكير في انتاجها , وتحولنا إلى سوق استهلاكية بامتياز ,فالقلق مازال قائما يتسع ويتضخم على أمة لا تقرأ وهو قلق ليس بالجديد لكنه يتسع ويزداد ضراوة أمام شعب يجعل من النشر الالكتروني مطعما أو دورة مياه نعم ثمة قلق قديم اشتد ساعده وبدأ يشوبه خوف قد يتحول إلى يأس يصير حقيقة صادمة بأننا لن ننهض .
س- كونك رئيس تحرير صحيفة أخبار بنغازي ما هي وجهة نظرك في عدم إقبال القاريء علي الصحف بشكل عام؟
- في العالم الثالث وفي ليبيا خصوصا خلال ستينيات القرن الماضي حين كانت نسبة الأمية قد بلغت مؤشرا عاليا ويقرؤونها بطلاقة لأن التعليم كان على أسس صحيحة كان الليبيون يصطفون في طوابير طويلة على أكشاك الصحف وعلى معارض الكتاب وكان منهم أميون يشترون الصحيفة ويطلبون من أبنائهم الذين مازالوا في الصفوف الأولى من التعليم قراءتها لهم , وكانت الدولة تسير الدوريات الثقافية لا الأمنية وتوفر على الرغم من فقرها فرص التربية والتعليم والتثقيف فالنوادي كانت ثقافية وذات رسالة مجتمعية قبل أن تكون رياضية كانت كل أطر الدولة وفق بناء صحيح , ووزارة الإعلام والثقافة رسالتها المواطن وليس السلطة تلك الحقبة انتجت أسا لملامح مجتمع متحضر مجتمع لم يتخلق تحت سياط حكومة تفرض الأمن لحماية نفسها في تلك الحقبة كانت أبواب محال بيع الذهب في بنغازي تترك مفتوحة ويذهب أصحابها لأداء الصلاة وكان التاجر يخشى التطفيف في الكيل والميزان وكان الشاب يقف من على كرسيه في وسيلة المواصلات لرجل يكبره سنا لم يجد كرسيا شاغرا , وكان وكانوا كان هكذا أصبحنا فعلا ماضيا ناقصا ومبتدأ بلا خبر ومفعولا بنا يدرسنا أبناؤنا في كتب التاريخ بعد أن تخلق جيل جديد على القمع والخوف ووئدت روح المبادرة ووظفت أطر الحكومة لما يمكنها من إحكام قبضتها على المواطن وصارت الثقافة تهمة خطيرة نحذر منها ابناءنا وصار همنا توفير رغيف الخبز قبل توفير الصحيفة وهذا نتاج طبيعي لاستنهاض غريزة حب البقاء في الإنسان .
س- الأديب والصحفي ما همزة الوصل بينهما والجسر الذي يسير عليه الأديب الصحفي سالم العبار؟
*كانت الصحافة وسيلة اتصال بين الأديب والناس بل كانت وسيلة اكتشافه وأغلب الأدباء عمل بالصحافة كمصدر رزق لأنهم لا يجيدون حرفة غير الكتابة فالقصة القصيرة كفن أدبي نهض وانتشر عبر الصحف كما كان للأدباء تأثيرهم الفني على الخطاب الإعلامي فأصبح ذا نفس إبداعي وتوجه ثقافي وأصبحت الوسائط الإعلامية في وجود أدباء بهاليست مجرد لسان بل لسان لعقل وقلب لجسد يراد به أن يحيا سليما معافى من أدران التخلف .
س- لماذا كثيرا ما تغيب عن المناشط الثقافية برغم اسمك اللامع في ذلك المجال؟
*العالم الذي يذلنا الآن وفي مقدمته إسرائيل تأسست من خلال مؤتمر والكثير الكثير مما انتجته السياسة وغير الجغرافيا كان نتاج ملتقيات وندوات كانت نادرة وتعقد للضرورة أما نحن في العالم الثالث فقد أفرغت من محتواها فهذه المهرجانات والملتقيات لم تنتج قيمة تسهم في البناء الثقافي بل أغلبها صار مطية للحكومات توظفها لمصلحتها وتشيع من خلالها خطابها الماسخ لشخصية المواطن بوسيلة ينبغي لها أن تكون شريفة وهي الأديب الذي مسخ هو الأخر في شخصية مغن نشاز , أما المهرجانات واللقاءات الثقافية البريئة فهي نادرة وإن وجدت فهي مجرد لقاء لا يثمر ما يجدد دماء الحركة الأدبية أو يتناول قضايا مهمة من شأنها إنعاش الحراك الثقافي .
س- هل كانت هناك فرصة للشباب في فن التحرير بصحيفتكم؟
صحيفة أخبار بنغازي شخصية عصامية نشأت منذ أربعة وعشرين عاما لم يدعمها أحد بل كانت تتجنب أن يشترى صوتها وحاولت أن تخلق بيئة صالحة للتنفس فاعتمدت على الشباب وكان تاء التأثيث ( النسوة ) في طليعتهم فيوم صدرت أخبار بنغازي لم يكن في المدينة مخرج صحفي واحد يمارس العمل الصحفي فكانت أول مخرجة صحفية في ليبيا هي ( خديجة الزوي ) حين كان الإخراج تقليديا وشاقا وطورت نفسها بما أتحناه لها ولغيرها من الشباب من فرص العمل في كل متطلبات العمل الصحفي وصار لدينا مخرجات ومحررون ومحررات على مستوى عال من الكفاءة وكنا نقدم يد العون للخريجين الجدد من قسم الإعلام حين كان اساتذتهم يحرصون على ضرورة اشتراك مجموعة من الشباب في إصدار عدد من صحيفة , الأن صحيفة أخبار بنغازي تخطو نحو الثلاثين من عمرها ينشط من خلالها شباب رائعون تمثل النسوة من بينهم رقما أو بالأحرى فعلا كبيرا وبإمكاناتهم الذاتية والبسيطة .
س- كيف تري شباب الصحفيين الليبيين والإعلاميين؟
- ثمة فوضى ثقافية وإعلامية ليست خلاقة , أصبحت الثقافة والإعلام كذلك مهنة من لا مهنة له , ليس في ليبيا فقط بل في الوطن العربي عموما صرنا نسمع عن منظمات أو تسميات تحمل اسم الثقافة وإعلاميين لا يجيدون حتى كتابة أسمائهم كتابة صحيحة , وهذه الاستباحة للثقافة والإعلام شجع على استفحالها غياب المقاييس وغياب المثقفين والإعلاميين الحقيقيين عن بيئة رأوا أنها لا تليق بهم , كما أن انتحال صفة أديب أو إعلامي ليست تهمة يجرمها القانون أو يساويها بجريمة انتحال صفة رجل أمن على الرغم من أن الأولى أكثر ضررا من الثانية فالأولى تسهم في بناء جيل متخلف والثانية قد تكون من أجل مصلحة أنية ’ فمن يضع البرامج الثقافية وبمن ولمن إذا كان وزير الاعلام والثقافة مثله مثل المثقفين والإعلاميين والمستهدفون بالخطاب في شغل شاغل عن سلعة بائرة ؟
س- الأديب سالم العبار هل العمل الصحفي أخذك من الكتابة والاهتمام بنشر إبداعك؟
ج ـ نعم علاقتي بالصحافة كانت ومازالت على حساب سنين طويلة من عمري , خصوصاً وأني حريص على معرفة كل كبيرة وصغيرة بما ينشر بالصحيفة وسبل انتظامها والحمد لله نجحت وزملائي في أن تظل الصحيفة صامدة منذ أربعة وعشرين عاما تصدر اعتماداً على مواردها الذاتية ولم تتلق دعماً من الدولة منذ إنشائها حتى الآن .
س- رسالتك للمواهب ببداية طريقهم؟وكيف لدعمهم من خلال صحيفة أخبار بنغازي؟
ج* من أجل المواهب أفنيت زهرة شبابي يجمعني بهم الأثير من خلال برنامج ما يكتبه المستمعون تعلمت منهم وتعلموا مني ومنهم أقلام أصبح لها وزنها الثقافي عربيا وعالميا . وثمة أقلام جديدة تملأ البراح الثقافي بالصحيفة ونصيحتي لهم هي الاستمرار ومواصلة الكتابة والاطلاع فهم أدباء حقيقيون نحن في مسيس الحاجة اليهم *
س- رسالة عتاب وأخري شكر لمن ترسلها؟
ج*رسالة عتاب إلى سالم العبار لأنه ينتقد نفسه كثيرا ويضيق عليها وكذا يفعل مع أصدقائه وأحبته لأنه يعاملهم كما يعامل نفسة ورسالة شكر لسالم العبار أيضا لأنه لا يعرف التملق وينحاز للحق .
س- *كيف للصحفي أن يحافظ علي ضمير مهنته ؟وماذا يحتاج الصحفي الليبي للتواجد عربياً بقوة؟
ج- الحفاظ على ضمير المهنة حفاظ على قيمة سامية لا يدركها إلا من حمل الأمانة كما أراد له الله أن يحملها وهي لا مكان لها إلا في النفوس الأبية فبل يمكن أن تفرض أو تلقن , أما ما يحتاجه الصحفي الليبي لكي يكون موجودا أو حاضرا وليس ( متواجداً ) هو مايحتاجه الصحفي العربي من إطلاع ليعرف أن هناك صحافة عريقة في ليبيا عمرها مئة وأربعة وخمسين عاما وهناك شعراء وقصاصون وروائيون يعرفهم الغرب ولا يعرفهم العرب في المقابل الأديب أو الصحفي الليبي يعرف عن الأدباء والصحفيين العرب ما لا يعرفونه عن أنفسهم
س ـ سؤال لم يسأل لك حق إضافته؟والجواب؟
ج- لن أحاور نفسي وسأتحول لمحاورلأسألك , لماذا لم أجد بين اسئلتك سؤالا عن تجربتي الأدبية , لذا كانت إجاباتي أقرب إلى التقارير الإدارية منها إلى الإبداعية.
س ـ كلمة لجريدة نبض الوطن المصرية ؟
ج– رسالتكم كبيرة وسامية وشاقة فأنتم تجسون نبضنا وتخبرون داءنا ,ونقول شكرا لنبضنا وشكرا لك أنت على إتاحة هذه المساحة للحوار وأحيي عطاءك إعلامية وفنانة