سلوى النجار ..تكتب..قلوب العباد بين إصبعي الرحمن.
يقول الله تعالى:. ﴿ إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ ﴾ [ القصص: 56] والمعنى: إِنَّكَ- أيها الرسول الكريم- لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ أى:لا تستطيع بقدرتك الخاصة أن تهدى إلى الإيمان من تريد هدايته إليه.
وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ أى: ولكن الله- تعالى- وحده، هو الذي يملك هداية من يشاء هدايته إلى الإيمان، فهو- سبحانه- الخالق لكل شيء، وقلوب العباد تحت تصرفه- تعالى- يهدى من يشاء منها ويضل من يشاء، على حسب مشيئته وحكمته، التي تخفى على الناس.
وَهُوَ- سبحانه- أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ أى: بالقابلين للهداية المستعدين لها.
فبلغ- أيها الرسول الكريم- ما كلفناك به، ثم اترك بعد ذلك قلوب الناس إلى خالقهم، فهو- سبحانه- الذي يصرفها كيف يشاء.
قال بعض العلماء: وإن الإنسان ليقف أمام هذا الخبر، مأخوذا بصرامة هذا الدين واستقامته، فهذا عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكافله وحاميه والذائد عنه، لا يكتب الله له الإيمان، على شدة حبه لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وشدة حب الرسول له أن يؤمن.
ذلك أنه إنما قصد إلى عصبية القرابة وحب الأبوة، ولم يقصد إلى العقيدة، وقد علم الله منه ذلك فلم يقدر له ما كان يحبه له صلّى الله عليه وسلّم ويرجوه، فأخرج هذا الأمر- أى الهداية- من خاصة رسوله صلّى الله عليه وسلّم وجعله خاصا بإرادته- سبحانه- وتقديره.
وما على الرسول إلا البلاغ، وما على الداعين بعده إلا النصيحة، والقلوب بعد ذلك بين أصابع الرحمن والهدى والضلال وفق ما يعلمه من قلوب العباد، واستعدادهم للهدى والضلال .
وانت أيها المتكبر الظان ظن السوء ،ماكان بيدك هداية أحد ،ولا تربيته،ماتملك إلا التوجيه والدلالة، والمثابرة عليها ،وأن تكون قدوة حسنة له ، فلا تملك قلوب العباد ،ولا قلب أحد أي كان ،فقلوب العباد بأيدي الرحمن.
“ما مِن قلبٍ من قلوبِ العبادِ إلَّا وهو بينَ إصبَعينِ من أصابعِ الرَّحمنِ ، إن شاءَ أن يُقيمَهُ أقامَهُ ، وإن شاء أن يُزيغَهُ أزاغَهُ” ابن تيمية .
وكانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يُكْثِرُ أن يقولَ: اللَّهمَّ ثبِّتْ قلبي على دينِكَ،. لمًا رواه أني بن مالك رضي الله عنه – كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُكثِرُ أنْ يقولَ: يا مُقلِّبَ القُلوبِ، ثَبِّتْ قلْبي على دينِكَ، فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ، قد آمَنَّا بك، وبما جِئتَ به، فهل تَخافُ علينا؟ قال: نَعَمْ، إنَّ القُلوبَ بين أُصبُعينِ من أصابِعِ الرحمنِ يُقلِّبُها كيف يشاءُ. “فيا عبد الله لاتغتر بإيمانك ،وتجلد غيرك ، وتنسب الهداية لغير الله فماتملِك إلا هداية الدلالة ،والإرشاد ،والله هو الهادي إلى سواء السبيل، ولاتتجرأ على غيرك فيهديه الله ويبتليك. فاللهم ثبت قلوبنا على دينك ، واهدنا واهد بنا ،وردنا إليك ردًا جميلًا، ورد أولادنا والمسلمين إليك ،ردًا جميلًا