حكم أخذ المضحي من شعره وأظفاره في عشر ذي الحجة
.د / عطية لاشين أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف
يقول في رسالته: سمعت أن المسلم إذا أراد أن يضحي فلا يحلق شعرًا ولا يقص ظفرًا؛ فهل هذا صحيح؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين قال الله في كتابه الكريم: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) “سورة الأنفال آية (٤٦)”.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم روت كتب السنة: ” إذا دخَل العَشرُ الأوَلُ فأراد أحدُكم أن يُضَحِّيَ فلا يَمَسَّ من شعَرِه ولا من بشَرِه شيئًا” رواه مسلم.
وبعد :
فإن من أحيا سنة عند فساد الأمة كان له من الأجر الكثير ، والثواب العظيم ، والمغنم الجزيل من الله رب العالمين ، كاد أن يصل ثوابه إلى ثواب من استشهد في سبيل الله ، وفضلا عن ذلك كان منفذًا قول الله عز وجل : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} الأحزاب آية (٢١).
أما بخصوص واقعة السؤال نقول :
لقد اختلف أهل العلم بشأن أخذ المضحي من شعره ما بين غرة ذي الحجة إلى ذبح الأضحية ، وأسفر الخلاف عن ثلاثة آراء:
الرأي الأول : ذهب أحمد، وإسحاق بن راهوية إلى أن الأخذ من شعر الإنسان وظفره للذي يريد الأضحية قبل ذبح أضحيته حرام يأثم فاعله.
والدليل على ذلك: استدل هؤلاء بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، والنهي يفيد التحريم.
روت أم سلمة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” إذا دخَل العَشرُ الأوَلُ فأراد أحدُكم أن يُضَحِّيَ فلا يَمَسَّ من شعَرِه ولا من بشَرِه شيئًا” رواه مسلم.
الرأي الثاني : ذهب الشافعي ورواية عن مالك إلى الكراهة ، وهو قول سعيد بن المسيب.
الرأي الثالث : ذهب أبوحنيفة ، ورواية عن مالك إلى الإباحة.
ويستدل للرأيين السابقين بما يلي:
أولا : روى الشيخان عن أمنا عائشة رضي الله عنها قالت : “كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقلدها بيده ثم يبعث بها ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر الهدي”رواه البخاري ومسلم ، وغيرهما.
قال الشافعي مبينا وجه الاستدلال من الأثر السابق : البعث بالهدي أكثر من إرادة الأضحية؛ فدل على أنه لا يحرم ذلك.
ثانياً: القياس: وهو قياس المضحي على غير المضحي.
قال أبو حنيفة رحمه الله : لأنه لا يحرم عليه الوطء والمخيط فلا يكره له حلق الشعر وتقليم الأظفار كما لم يرد أن يضحي.
قال الماوردي : “احتجاجا بأنه محلٌّ (أي: غير محرم) في، فلم يكره له أخذ شعره كغير المضحي”.
وقال غيره : من لم يحرم عليه الطيب واللباس لم يحرم عليه حلق شعره كالمحل.
والخلاصة :
أن من لم يأخذ من شعره حتى يذبح أضحيته فقد احتاط لنفسه وخرج من خلاف الأئمة، وطبق الحديث، ومن أخذ فلا حرج.
هذا والله أعلم.
وكتبه فضيلة الأستاذ الدكتور : عطية لاشين(حفظه الله) أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف.