ظاهرة الرقص بالأسلحة البيضاء فى الأفراح الشعبية

بقلم د.سهام عبد الباقى محمد
الباحثة الأنثروبولوجية – بكلية الدراسات الأفريقية العليا
يعد الرقص بالأسلحة فى الأفراح الشعبية أحد مظاهر الإحتفال الشائعة منذ فترة طويلة فى مصر حتى باتت لا يخلو منها فرح، وقد كانت البداية من خلال الإحتفالات والمراسم التى كانت تقيمها العسكرية المصرية وكانت تقوم فيها بإطلاق أعيرة نارية، ثم تطورت الفكرة بعد ذلك وأصبحت لها ظهور فى الأفراح الشعبية بصعيد مصر وفى محافظات الوجه البحرى من خلال استخدام البنادق والطبنجات المرخصة وغير المرخصة وإطلاق أعيرة نارية فى الأفراح كنوع من أنواع التعبير عن الفرحة والبهجة،والتفاخر والتباهى لأنها من الأشياء المتوارثة من جيل إلى جيل وتعكس آصالة العائلة ومكانتها، كما يعتبرها البعض الآخر مظهراً من مظاهر الرجولة، ولذلك يرى هؤلاء الأفراد أن حيازة الأسلحة حق شرعي حتى لو تعارض ذلك مع التنظيمات المعاصرة، وقد تسبب هذا الإستخدام العشوائى لتلك الأسلحة بالأفراح فى مقتل الكثير،وتحويل الكثير من ساحات الأفراح إلى برك دماء وسرعان ما تحولت إلى صراعات ثأرية بين الكثير من العائلات وراح ضحيتها الكثير من الشباب مما أدى إلى اختفاء تلك الظاهرة بشكل كبير.حتى عادت من جديد وبشكل أقوى مما كانت علية من خلال استخدام الأسلحة البيضاءبكل أنواعها وأحجامها فلا يكاد يخلو فرح شعبى فى مصر من استخدام السنج والسيوف،وغيرها من الأسلحة التى تندرج تحت مسمى السلاح الأبيض، فتجد الشباب يستخدمونها فى الرقص على أنغام موسيقى المهرجانات الهابطة المليئة بالإسفاف فى حركات سريعه وجماعية.مما يعكس لنا إنهيار المستوى القيمى لتلك الفئة التى جعلت من البلطجة وحمل الأسلحة البيضاء، نوع من انواع الوجاهه والتفاخر ،وقد ساهم فى بث تلك القيم إنتشار الأفلام السينمائية والمسلسلات الهابطة التى استهدفت القضاء على الذوق العام بمصر من خلال تناولها لشخصية البلطجى وأضفاء بعض الصفات الإيجابية عليه كخفة الظل، وتحملة لمسئولية اسرته، وبره بوالدية ،او ربط الفيلم بقصة حب تكون هى الدافع الى تحول البطل من شاب مكافح الى بلطجى،مما يؤدى فى النهاية الى تعاطف المشاهدين وغالبيتهم من جيل الشباب وغير البالغين مع تلك الشخصية ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يمتد إلى المحاكاة والتقليد، وبالأخير يكون الأكثر انقياداً لتلك الافكار فئة الشباب الذين لا يحظون بمستوى تعليمى وثقافى مناسبين ويبحثون لأنفسهم عن مكانة ودور يرفع من قيمتهم داخل المجتمع كما أصبح ضعف الضبط الإجتماعي على مستوى المجتمع حافزاً لامتلاك السلاح واستخدامه للحماية أو للتهديد به من أجل السرقة بدافع العوز. ولذا لابد من فهم السياق الإجتماعي والاقتصادي والثقافي الكلي الذي تنشأ فيه هذه الظاهرة واتخاذ بعض الإجراءات العاجلة والعقوبات الرادعة للحد من تداول السلاح وتفشى تلك الظاهرة التى قد تكون هى البداية الأولى فى تكوين شخصية إجرامية اعتادت حمل السلاح، وإلحاق الضرر بالأخرين.

زر الذهاب إلى الأعلى