سلوى النجار/تكتب :الهجرة النبوية الشريفة،تخطيط وبناء،دروس وعبر

 

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى ،اصفى الله سبحانه لهذه الامة خير خلق الله كلهمو ، محمد النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فلله الحمد والمنة أن جعلنا من هذه الأمة المصطفاه . وبعد:

بدأ الاسلام بمكة المكرمة، مرحلة التأسيس والبناء ، مرحلة ترسيخ العقيدة الصحيحة ونبذ الشرك والمشركين ،وفي هذه المرحلة العصيبة تباينت جماعةالخير وفلول الشر، وحمل الدعوة الى الله خير أجناد الأرض مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ،قدوتهم ،ومعلمهم ، ولمَّا ضاقت الأرض بما رحبت على كثير من المستضعفين منهم ،أذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة الاولى إلى الحبشة حيث أن هناك ملك نصراني عادل لايظلم عنده أحدا،

ثم سمعوا بإسلام أهل مكة، وعندما رجعوا وجدوا أنّها شائعة، فدخل بعضهم مكة وعاد بعضهم الآخر للحبشة. ثم الهجرة الثانية الى الحبشة

التي كان من نتائجها ترسيخ الدعوة الاسلامية في مجتمع غير مكة ، وتثبيت الضعفاء في دينهم على الدين الحق،وقد

post

“كانت الهجرة إلى الحبشة بمثابة حركة فتحت الآفاق للمستقبل أمام الدعوة الإسلامية، وخروجها من النطاق المحدود إلى العالم الخارجي؛ فالداعية الذكيّ لا يحدّ دعوته زمان ولا مكان، وإن لم يستجب له المَدعُوّون، فإنّه يُغيِّر مكان دعوته، ولا يتوقّف عنها.

 

ساعدت الهجرة المسلمين في الثبات على دينهم. وساعدتهم الهجرة على نشر الإسلام في مكان غير مكّة المُكرَّمة.

 

****الهجرة إلى المدينة المنورة *****:

الدروس والمواعظ:

أولاً : لم تكن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة المنورة ،أمرًا عشوائًا ،أو مجرد ملاذًا للأمن والأمان ،ولكن كان تخطيطا محكمًا واختيارًا مسددًا . وأرى:

***إنٍّ بيعة العقبة الأولى والثانية كانت بمثابة نقطة الانطلاق آلى المجتمع الجديد الممهد ،نعم الممهد لأن الأنصارمهدوا المجتمع للإسلام بإسلامهم ، فذهبوا يدعو الناس والقبائل إلى الدخول في الدين الجديد، وذهب سفراء النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة معلمين وداعين إلى الله بتعاليمه ،ناشرين سماحة الإسلام ، وقواعده ، عملًا وقولًا ،لانهم تربوا وتعلموا على يد خير البشرية . فبدأت بيوتات المدينة ينتشر فيها الاسلام تمهيدًا لقدوم حامل الرسالة .

ثانيًا : إن بيعة العقبة الثانية بنصها كانت اللبنة الأولى لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم وهذه النقطة من أعظم التخطيطات والقرارات السديدة التي يجب أن يتعلمها الدعاة إلى الله ،اذا لابد لإختيار الأرض الخصبة التي سينبت عليها زهور الاسلام ،فتثمر ثمار العدل والاحسان ،بتوحيد الواحد الديان.

*********************

وإن أهم النقاط في هذه البيعة المباركة:هي:

 

***بنود بيعة العقبة الثانية

* السمع والطاعة في النشاط والكسل …

* الإنفاق في سبيل الله …

* الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر …

* قول الحقّ …

* نصرة الرسول والجهاد في سبيل

* إنٍّ مجتمعًا تهيأ لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم في السلم والحرب في الضعف والقوة لجدير بأن يحظى بخير البرية محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه.

* ثالثًا: نزول جبريل عليه السلام يإمر النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة

* هنا أمر من الله تعالى وآبلاغ بما نوى به الكفار على قتل النبي

*

* {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }التوبة(30)

* إذن على الداعية آلى الله عند الإحساس بالخطر وظهور أسبابه لابد من البحث إلى مكان آمن للدعوة إلى الله فيه وهذا لايكون عشوائًا ولافجأة ،فما سقناه سابقًا فيه الدرس في ذلك .

* التخطيط للخروج من مكة

* خطة محكمة وسرية تامة وحيطة وحذر .

* أولًا:جهز النبي صلى الله عليه وسلم الأمانات ليردها آلى أهلها، ولكن العبرة هنا لم يذهب ليردها بنفسه

* وكل علي بن إبي طالب . هذه سرية

* استدعى عليًا لينام في فراشه بدلًا منه في تلك الليلة وهذه قمة الحيطة .لنتعلم منها .الحذر والتخطيط والأخذ بالإسباب الإمر ليس تواكلًا .

* كذلك إعداد العدة للسفر واختيار الصديق الصدوق الأمين على دين الله ونصرته بنفسه وماله وولده

* باختياره للصديق أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه.

* ذهابه صلى الله عليه وسلم متخفيًا ودخوله من الباب الخلفي لبيت أبي بكر قمة الحذر .

* شراء الناقة بحر ماله صلى الله عليه وسلم، للهجرة فليس لأنه النبي والقائد ليتكل على أبي بكر .

* حيطة النبي في التخفي في الشخصية ، وهو في طريق الهجرة

* فإذا سُئِل أبو بكر من معك؟يقول رجل يهديني السبيل.

* ثم انظر إلى ذهابهم إلى الغار واستأجرها عبد الله بن أُريقط بأغنامه لإخفاء معالم السير.

* فيه إمرين مهمين:

* الأول إمكانية الإستعانة بالكافر الأمين،على قضاء بعض المصالح

* الثاني:لابد من أعوان مخلصين يعينون الداعية إلى الله حتى يقضي مهمته.

* حسن الثبات والتوكل على الله في الخطر المحتوم وهنا لابد من الثقة العظيمة بالله وأنه منقذهم ومنجيهم فقد بذلوا الغالي والنفيس وصدقوا ماعاهدوا الله عليه. (معجزة النجاة من الأعداء)في هذه اللحظة المرجفة يقول أبو بكر يارسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا فيرد المعصوم صلى الله عليه وسلم:مابال اثنين الله ثالثهما {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة40

* ومن التخطيط والفطنة حماية القائد ، فقد كان أبو بكر يمشي مرة أمامه ومرة خلفه،ومرة بجانبه ،فلما سأله النبي قال يارسول الله إنما أنا فرد واحد،وإنما أنت أمة كاملة فإذا أصابك مكروة أصيبت الأمة كلها .

* ***الوصول إلى المدينة بعد هذه الرحلة الشاقة***

* لم تكن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم مجرد مجموعة من الناس فروا بدينهم ،هاربين يبتغون من فضل الله ورضوانه؛آلى سعة من العيش ،أو مكانة اجتماعية .

* ولم يكونوا مثل هؤلاء الفتية الذين آووا آلى الكهف فِرارا بدينهم ،ولكنهم كانوا أعظم من ذلك ،ذلك رسول الله أمة ومعه إبو بكر وسيتبعه إلى هناك مجتمع متكامل قوى البنيان قوي العقيدة والتأسيس.

* إنه مجتمع قوى خرج إلى مجتمع قوي،هذا المجتمع تهيأ فيه أسباب الدخول فيه، وأجواء السكينة في أهله بدخولهم الإسلام.

* لم يذهبوا إلى مجتمع يحميهم بل إلى مجتمع يحمونه ويدافعون عنه سويًا.

* إنَّ سعادة الأنصار وحسن إستقبالهم التاريخي للمهاجرين ،لإكبر دليل على حسن التخطيط والعمل السديد واستجابة لدعوة النبي الحبيب ،اللهم إنك أخرجتني من أحب البلادإلَّى فأسكني أحب البلاد إليك .

* ومن وجوه الاستفادة من الهجرة المباركة .

* أولا : بناء المسجدين قباء ومسجد النبي دلالة واضحة على أهمية المساجد في الآسلام .لابد للداعية أن يربط المدعوين بهذا.

* تإليف النفوس وازالة الخلافات بين القبائل تمهيدا للاتحاد والقوة .

* كما فعل النبي مع الأوس والخزرج

* المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ،من أعظم العبر للعمل في جو تسوده السكينة والسلام والمؤاخاة لهؤلاء الذين تركوا أموالهم وأوطانهم وأهليهم من أجل إعلاء كلمة الله .

* ثم أختم بأعظم وثيقة في تاريخ الآنسانية وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم مت أجل التعايش والمعايشة بين المسلمين وبعضهم وبين غير المسلمين من يهود ومشركين وغيرهم،.

*

* دستور المدينة أو صحیفة المدینة:

*

* فور هجرة النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلى المدينة المنورة كتب دستورًا تاريخيًا[1]، هو دستور المدينة، وقد أطنب فيه المؤرخون والمستشرقون على مدار التاريخ الإسلامي، واعتبره الكثيرون مفخرة من مفاخر الحضارة الإسلامية، ومَعلَمًا من معالم مجدها الإنساني.. إن هذا الدستور يهدف بالأساس إلى تنظيم العلاقة بين جميع طوائف وجماعات المدينة، وعلى رأسها المهاجرين والأنصار والفصائل اليهودية وغيرهم، يتصدى بمقتضاه المسلمون واليهود وجميع الفصائل لأي عدوان خارجي على المدينة.. وبإبرام دستور المدينة هذا، وإقرار جميع الفصائل بما فيه- صارت المدينة دولة وفاقية رئيسها الرسول-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وصارت المرجعية العليا للشريعة الإسلامية، وصارت جميع الحقوق الإنسانية مكفولة، كحق حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر، والمساواة والعدل.

 

••بعض بنود وثيقة المدينة ودستورها:

 

جميع المسلمين من قريش، أو يثرب، أو غيرها من المدن الذين يتَّبعون الدِّين الإسلامي وجاهدوا مع المسلمين؛ يُعدُّون أمَّةً إسلاميَّةً واحدةً من دون النَّاس. المسلمون جميعاً مع اختلاف قبائلهم يدٌ واحدةٌ، يفدون عانيهم؛ أي الأسير بالمعروف. المؤمنون جميعاً لا يتركون مفرحاً -أي مديناً- كثير العيال إلَّا ويعطونه فديةً. المؤمنون جميعاً يدٌ واحدةٌ على كلِّ ظلمٍ أو إثمٍ أو عدوانٍ ولو كان ولد أحدهم. المؤمن لا يقتل أخاه المؤمن في كافرٍ، ولا ينصر كافراً على مؤمن. ينصر ويجبر الله -تعالى- المظلوم، وينصر المؤمن أخاه المسلم. المؤمن المصدِّق بالوثيقة واليوم الآخر لا ينصر مُحدثاً ولا يُؤويه، لكي لا يحلَّ عليه غضب الله -تعالى- ولعنته يوم القيامة. الخلاف الحاصل بين المؤمنين بالوثيقة؛ يُردُّ إلى الله -تعالى- ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-. الخارج من المدينة في أمنٍ، والدَّاخل على المدينة في أمنٍ، إلَّا من دخل أو خرج بنيَّة الظُّلم والفساد في الأرض. الله ناصرٌ لكلِّ من اتَّقى، وناظرٌ على كلِّ ما جاء في وثيقة المدينة.

 

وذكر فيما يأتي البنود المتعلِِّقة بتنظيم العلاقات مع غير المسلمين من يهود المدينة في الوثيقة:[٣] اليهود ينفقون مع المؤمنين في حالةِ القتال. اليهود من بني عوف أمَّةٌ مع المؤمنين. اليهود لهم دينهم ومواليهم وأنفسهم؛ إلَّا من ظلم وأفسد منهم. اليهود من بني النجار، وبني حارث، وبني ساعدة، وبني جشم، وبني أوس، وبني ثعلبة، ويهود الشطيبة؛ لهم مثل ما ليهود بني عوف إلَّا من ظلم وأفسد منهم. اليهود لا يخرجون من المدينة إلَّا بإذن النَّبيِّ محمد -صلى الله عليه وسلم-. اليهود يتكفَّلون بنفقتهم، والمسلمون يتكفَّلون بنفقتهم. اليهود والمسلمون بينهم النَّصر على من حارب دستور المدينة، والنَّصر للمظلوم. اليهود يتفقون مع المؤمنين ما داموا مُحاربين في فترة القتال. اليهود ينصرون المؤمنين في حالة الهجوم على يثرب، ويُلبّون في حالة الصُّلح.

 

****بهذه القيادة الحكيمة والسماحة وحسن التدبير والجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الله ساد الإسلام والمسلمين ، وتإسس مجتمع جديد ،

ولن يصلح حالنا آلا بما صلح به أولها من رجالات الإسلام الذين باعوا أنفسهم وأموالهم وإولادهم خبا لله ورسوله ونصرة لدين الحق ترمومترا الدنيا وزينتها ،فجاءتهم مذللة راجية ،سادوا الدنيا ونشروا العدل والسماحة والدين،

بالعلم والآيمان والتخطيط والطاعة لله ورسوله.

هذا قليل من كثير ولو أعدنا ودرسنا ودققنا في سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وتعلمنا واقتدينا لسدنا كنا سادوا ، واليوم مع هذه الفتن وهذه التحديات العظيمة زاد الحمل على الدعاة إلى الله في زمن أصبح الجهر فيه بالمعاصي وهدم الثوابت حديث الساعة ، فما هي خطط الدعاة الى الله

إلى الله المشتكى ، وآليه يُرحع الأمر كله

ولن يصلح حالنا إلا بأن نصدح بما أمرنا الله ورسوله ، والاعداد والاصلاح والتهيئة والثبات وانفاق الغالي والنفس،حتى نعود الى الله وآلى سيادة الكون بتعاليم الله .

 

والحمد لله رب العالمين

 

زر الذهاب إلى الأعلى