” الناتو العربي ” أو ” ناتو شرق أوسطي

الدكتور نور الدين منى Noureddin Mona 

روعة محسن الدندن

– يلاحظ حالياً تزايد الحديث عن فكرة إنشاء “ناتو عربي”

أو “ناتو شرق أوسطي” قبيل زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للسعودية منتصف هذا الشهر ، وهي القمة التي سيحضرها

عدد من قادة دول المنطقة.

 

post

▪︎ والتساؤل الحيوي والهام هو؛

هل تنجح فكرة مشروع “ناتو شرق أوسطي” ؟؟!!

 

– يبدو أن الملك الأردني عبد الله الثاني من أكثر المتحمسين..

حيث يقول أن بلاده تدعم تشكيل تحالف عسكري في الشرق الأوسط مشابه لحلف شمال الأطلسي (ناتو)،

مشيرًا إلى أن ذلك “يمكن أن يتم مع الدول التي لها التفكير ذاته”.

كما تحدث عن الجهود والعمل لتحقيق الازدهار لشعوب المنطقة،

إضافة إلى دور الولايات المتحدة في الإقليم، وضرورة تكثيف مساعي تحقيق السلام كمتطلب أساسي لتعزيز التعاون الإقليمي.

وأضاف : واجهنا المزيد من المشاكل مع المليشيات الشيعية على حدودنا مثل تهريب المخدرات وتهريب الأسلحة،

وعاد تنظيم (داعش) الإرهابي للظهور مرة أخرى.

 

• متى كانت فكرة البداية ؟؟

 

– بدأت إدارة الرئيس الأمريكي السابق ترامب بالضغط على

أصدقائها العرب السُّنة من أجل تأسيس تحالف إقليمي عسكري

يعرف باسم “تحالف الشرق الأوسط الاستيراتيجي”

أو اختصارا بكلمة “ميسا” (MESA)، ويطلق عليه رمزياً

“الناتو العربي”.

هذا التحالف الذي يضم إضافة إليها ثماني دول عربية،

هي دول مجلس التعاون الخليجي الست ومصر والأردن واسرائيل ؛ يدعم قيام تشكيل ناتو شرق أوسطي على غرار حلف شمال الأطلسي مع احتمال انضمام تركيا والعراق …

 

– كان الهدف أن يخدم التحالف الجديد المصالح الأميركية بتقوية التحالف العربي لمواجهة ما تقوم به إيران في المنطقة.

وأن يخلق التحالف الجديد جبهة محلية قوية لمواجهة الجماعات المتطرفة، بما يخفف الضغوط والعبء العسكري على

الولايات المتحدة في الحفاظ على استقرار المنطقة.

 

أما الهدف – حسب وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية-

“حماية هذه الدول من التهديدات الإيرانية”، “فالصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة الإيرانية تثير قلق دول المنطقة،

ولا سيما تلك التي تعرّضت لهجمات “.

 

– و فكرة الناتو العربي،

يردها البعض لحقبة الرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي جمع

للمرة الأولى قادة الدول الخليجية في كامب ديفيد، واتفق معهم

على دورية عقد هذه الاجتماعات، والعمل على خلق جبهة واحدة متحدة لمواجهة التحديات المشتركة، سواء كانت إيران

أو التنظيمات الإرهابية.

 

– وفي أيار 2017، لم يتردد ترامب من مطالبة الدول العربية والإسلامية بصورة مباشرة بضرورة مواجهة

تنظمي الدولة الإسلامية والقاعدة والتهديدات الإيرانية.

 

– ويربط بعض المحللين الاستراتيجيين بين فكرة الناتو العربي

وملف التطبيع الخليجي مع إسرائيل، استنادا لما كانت إدارة ترامب تؤمن أن من شأن آلية الناتو العربي أن تقرب بين إسرائيل

والدول الخليجية لما يجمعها من هدف رئيسي

يتمثل في مواجهة إيران.

 

– ويؤكد عدد من السياسيين أن فكرة تدشين تحالفات عسكرية في المنطقة باءت كلها بالفشل، وفي إشارة إلى عدد من الأحلاف التي تشكلت على مدار العقود الماضية، بداية من “حلف بغداد” في خمسينيات القرن الماضي.

 

– هناك من يعتقد أن فكرة تشكيل تحالف عسكري شرق أوسطي بمشاركة إسرائيلية هي نتاج حاجة وخوف بعض الأنظمة العربية

من تنامي القدرات الإيرانية وعودة حركات الإسلام السياسي ، والخشية من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية

بعودة موجة ثانية من الانتفاضات الشعبية.

 

– إضافة إلى أن كل “مبادرات التحالفات الأمنية والدفاعية

في الشرق الأوسط انتهت جميعها بالفشل ودون وجود إسرائيل

من ضمن الأعضاء… فكيف بإضافة إسرائيل ، فالأمور تزداد تعقيداً.

 

• توقع نتيجتان رئيسيتان من إنشاء الناتو العربي :

الأولى، تكريس المشروع الإسرائيلي بإضعاف

أهمية القضية الفلسطينية ومركزيتها

والثانية، تعزيز حالة الاستقطاب والانقسام في المنطقة

على أسس طائفية ( الشيعة العرب تقع تحت النفوذ الإيراني)

على حدود مواجهة خطيرة مع الناتو المفترض….

 

– حيث أن تقريب العرب من إسرائيل ودمجها بالمنطقة

يظل هدفاً أمريكياً معلناً. لذا يتوجب على الدول العربية

أن تطلب من الولايات المتحدة أن تضغط على إسرائيل

من أجل التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية .

 

– تُظهر تصريحات المسؤولين الإسرائيليين

أن تل أبيب ستلعب دورًا متقدمًا في هذا التحالف.

فقد أعلن وزير الدفاع قبل أيام بناء إسرائيل تحالفًا دفاعيًا جويا إقليميًا برعاية الولايات المتحدة. وكشفت وسائل إعلام أميركية

عن نشر إسرائيل منظومات رادار في الإمارات والبحرين.

 

• تناقضات

– فاذا كان هدف التحالف طمأنة السعودية ودول الخليج لحمايتها

من أي خطر خارجي فإن الكلام يدور على أكبر مصدرين محتملين للخطر وهم إيران وإسرائيل …

فهل من المنطق ادخال إسرائيل في تحالف عسكري مع الدول العربية وهي لا تزال محتلة أراضٍ فلسطينية …..

 

– هل ستكون إسرائيل جزءا من هذا الحلف؟

فإن كان الأمر كذلك فهذه خطوة كبيرة إلى الوراء؛ خصوصاً أن إسرائيل لا زالت تحتل أراض عربية ، وماضية في سياسات الضم والزحف والانتهاكات لحقوق الإنسان وحرمة المقدسات.

 

– إلا أن تناقضات الأعضاء العرب هو محل اهتمام الناتو العربي

في ما بينهم على عدة نقاط هيكلية يجعل ولادة الناتو العربي

فكرة مستحيلة.

وأول هذه التناقضات يرتبط بتحديد مصادر التهديد.

ثلاث دول تعتبر إيران الخطر الأساسي:

السعودية والإمارات والبحرين. وعلى النقيض لا تؤمن بقية

دول التحالف المنتظر بأن إيران تمثل الخطر الأول عليهم.

 

– التحدي الأول هو

“انخفاض مستوى الثقة المتبادلة بين الدول الأعضاء”،

والثاني هو “أن طبيعة تحديات الدول العربية العسكرية لا تنبع

في الأساس من وجود تهديدات عسكرية مباشرة من دول،

بل التحدي الحقيقي ينبع من جماعات محلية خارجة

عن سلطة الحكومات المركزية”.

 

– فكرة ناتو عربي لمواجهة إيران من شأنها أن تؤدي إلى

زيادة عدم الاستقرار بالشرق الأوسط

وعلى الرغم مما يبدو كفائدة مزدوجة؛ تتمثل أولاها في فوائد

مباشرة للمجمع الصناعي العسكري الأميركي

(تضاعف مبيعات السلاح لدول الحلف)، وثانيتها للدول الأعضاء

التي تريد أن تظهر بمظهر المساند للسياسات الأميركية في المنطقة،

إلا أن فكرة الناتو ستؤدي إلى مزيد من الفوضى في المنطقة.

 

– يٌعتقد أن تكون هناك خلافات وتباينات حول إنشاء هذا الحلف

ولذلك يقول بعض الخبراء أن الحلف سيولد ميتاً …

 

– يرى البعض بأن الهدف الظاهري من إنشاء الناتو العربي

هو لمحاربة إيران باعتبارها العدو الظاهري لبعض الدول العربية والخليجية، ولكن في باطن الأمر يعتقد أن الهدف البعيد

هو مساعدة الجيش الإيراني على احتلال الأردن والكويت

وإثارة فتن ونزاعات في السعودية وتغلغل في تركيا

يؤدي لاحقاً إلى نزاعات… وربما نزاعات عسكرية .

 

* لمحة عن تاريخ التحالفات العربية الفاشلة

خلال السبعين سنة الماضية…

 

– بشكل عام… خلال السبعين سنة الماضية جرى إنشاء أكثر من

5 تحالفات عربية كان يرافقها أو ينتج عنها كما يرى بعض

كتاب الأدب السياسي تشريد جزء من شعب عربي كما حدث للشعب الفلسطيني بعد إقامة تحالف عربي لتحرير فلسطين (بزعامة بريطانيا) وكانت النتيجة تسليم الجزء الأكبر من فلسطين لإسرائيل

رافق ذلك خيانة لمعظم الحكام العرب …

تبعه

– تحالف سوري مصري كان أيضاً من نتيجته

خسارة سيناء والضفة وغزة والجولان …

 

– بعد احتلال العراق للكويت؛ نشأ أيضاً تحالف دولي لتحرير الكويت نتج عنه احتلال العراق ومن ثم تسليمها لإيران على طبق من ذهب. حيث يقول بعض خبراء السياسة

أن الهدف البعيد من ذلك التحالف الدولي كان قيام إيران باحتلال العراق. وحتى الآن فالعراق تعتبر بنظر الكثيرين دويلة شيعية

تحت النفوذ الإيراني.

 

– إنشاء تحالف عربي لتحرير اليمن…

وكانت النتيجة حتى الآن عدم توحيد اليمن وإقامة دويلة الحويثين التابعة للنفوذ الإيراني وتشريد جزء من الشعب اليمني.

حيث كان التدخل الأمريكي في اليمن مع التدخل العربي

كان السبب في دمار اليمن ودعم الحوثيين….

 

– بعد الحرب السورية

أيضاً نشأ التحالف الدولي لمحاربة داعش، ما أعطى للناس انطباعاً

أن داعش وكأنها دولة عظمى وستحتل نصف الكرة الأرضية

لكن الحقيقية معروفة بأن فيلم داعش يحمل كل ألوان قوس قزح للدول المتصارعة في سورية .

ويعتقد بعض المحللين السياسيين وكتاب الأدب السياسي ،

بأن الهدف البعيد من التحالف الدولي لمحاربة داعش هو مساعدة إيران للسيطرة على سورية وبسط نفوذها عليها بشكل كامل .

 

– ولهذا ترى بعض الأطراف المتشائمة ، بأن الناتو العربي القادم

مبرمج لتدمير الأردن والسعودية ، ويشيرون من خلال التاريخ السياسي أن سايكس بيكو (الفرنسي البريطاني )

كان يهدف لإنشاء دويلات سنية

بينما حالياً فإن هناك سايكس بيكو جديد بقيادة أمريكا

لإقامة دويلات شيعية هدفه تغيير سكاني دويموغرافي

والمستفيد الأكبر من ذلك على المدى البعيد هو

أمريكا وإسرائيل وإيران.

 

– فالحقيقة السياسية تختلف عما يظهر في الإعلام

ومنذ أكثرمن أربعين عاماً ؛ أمريكا تدعي أنها ستحارب إيران ،

وكذلك إيران ستحارب إسرائيل…. لكن الحقيقة المرة عكس ذلك، فأمريكا تبارك وتقود تحالفات أقليات شيعية متشددة

تضمن في النهاية أمن إسرائيل المطلق.

 

– من يقرأ تاريخ التحالفات العربية مثل مجلس الدفاع المشترك (جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومجلس التعاون الإسلامي –الشق العسكري )

يرى بأن كل هذه التحالفات كانت ومازالت هياكل هرمة، لم تقدم

أي فائدة للعالم العربي.

ولذلك يرى البعض بأن هناك ضرورة للبحث عن هيكل جديد

مع بعض التساؤلات هل تشارك به تركيا وإسرائيل …

ويرى كثيرون بأن الظروف السياسية لمثل هذا الناتو العربي

غير مناسبة …

وخاصة أن هناك دول عربية منهكة مثل

العراق –سورية – اليمن –لبنان

ويمكن الاستنتاج ببساطة على ضوء النزاعات والصراعات وحالة الشعوب التي تعاني الفقر المدقع ، أن أمريكا تحاول إجراء

ترتيب إقليمي حسب مصالحها لمواجهة الصين لاحقاً

وبهدوء وبرود وتخفيف الصراعات مع إسرائيل….

 

* أي أن الهدف الأول والأخير هو ترتيب البيت الإقليمي

لحماية أمن إسرائيل. وهذه التحالفات لن تخدم الشعوب العربية

من النواحي الاقتصادية والتنموية .

وفي ظل أن الشارع العربي لا يستشار أبداً في أي قرار ،

وإنما يستخدم لشرعنة تلك القرارات التي تشرعن استمرار الحكم

أو سلطة الحكام .

 

لننتظر ونرى ، ما ستحمله القادمات من الأيام…!!!

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى