الوصية العاشرة من الوصايا القرآنية العشر اتباع منهج القرآن الكريم

د. عمرو حلمي

أعزائي القراء لقد تناولنا في المقالات السابقة مفهوم الوصايا العشر إجمالا , وأهميتها , والوصية الأولى وكانت عن : عدم الوقوع في الشرك عن طريق اتخاذ آلهة وأولياء مع الله تعالى , والوصية الثانية وكانت عن : الإحسان للوالدين. والوصية الثالثة وموضوعها عن : النهى عن قتل الأولاد بسبب الوقوع في الفقر , وكانت الوصية الرابعة عن : النهي عن الاقتراب من العلاقات الجنسية المحرمة سواء كانت علنية أو سرية. والوصية الخامسة وكانت عن : النهي عن قتل النفس التي لم تقع في ارتكاب جريمة قتل. وكانت الوصية السادسة عن : النهى عن أكل مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن كأن تكون في مقابل رعايته واستثمار ماله. وأما الوصية السابعة فكانت عن : توفية الكيل والميزان بالقسط والعدل. وأما الوصية الثامنة فكانت عن العدل في القول. وأما الوصية التاسعة فكانت عن : الوفاء بالعهد الإلهي أى أداء فرائضه.

 

وفي هذا المقال نستكمل الحديث مع الوصية العاشرة والأخيرة من الوصايا العشر وموضوعها عن : اتباع القرآن الكريم وحده باعتباره الطرق المستقيم للهداية. قال تعالى: {وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}.

 

post

كما حثنا على الاعتصام بحبل الله المتين والتزام جماعة المسلمين وإمامهم قال تعالى : {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[آل عمران 103].

 

أما الوصية العاشرة فهي قوله تعالى في الآية الثالثة من هذه الآيات:{وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}.

أي : ولأن هذا الذي وصيتكم به من الأوامر والنواهي طريقي وديني الذي لا اعوجاج فيه ، فمن الواجب عليكم أن تتبعوه وتعملوا به.

 

وقوله : {وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل} يعني الأديان الباطلة ، والبدع والضلالات الفاسدة {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}أي : فتفرقكم عن صراط الله المستقيم وهو دين الإسلام الذي ارتضاه لكم.

 

روى الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود قال : «خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال : هذا سبيل الله، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم قال : هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ : {وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً}».

 

وقد أفرد سبحانه الصراط المستقيم وهو سبيل الله ، وجمع السبل المخالفة له لأن الحق واحد والباطل ما خالفه وهو كثير فيشمل الأديان الباطلة ، والبدع الفاسدة ، والشبهات الزائفة ، والفرق الضالة وغيرها.

 

ثم ختمت الآية بقوله تعالى:{ذلكم وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}أي: ذلكم المذكور من اتباع سبيله تعالى وترك اتباع السبل وصاكم الله به لعلكم تتقون اتباع سبل الكفر والضلالة، وتعملون بما جاءكم به هذا الدين.

 

قال أبو حيان: ولما كانت الخمسة المذكورة في الآية الأولى من الأمور الظاهرة الجلية مما يجب تعلقها وتفهمها ختمت الآية بقوله:{لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}، ولما كانت الأربعة المذكورة في الآية الثانية خافية غامضة ولا بد فيها من الاجتهاد والتفكر حتى يقف الإنسان فيها على موضع الاعتدال ختمت بقوله:{لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ولما كان الصراط المستقيم هو الجامع للتكاليف، وأمر سبحانه باتباعه ونهى عن اتباع السبل المختلفة ختم ذلك بالتقوى التي هي اتقاء النار، إذ من اتبع صراطه نجا النجاة الأبدية وحصل على السعادة السرمدية.

 

وبعد :

فهذه هي الوصايا العشر التي جاءت بها هذه الآيات الكريمة، والمتأمل فيها يراها قد وضعت أساس العقيدة السليمة في توحيد الله تعالى وبنت الأسرة الفاضلة على أساس الإحسان بالوالدين والرحمة بالأبناء، وحفظت المجتمع من التصدع عن طريق تحريمها لانتهاك الأنفس والأموال والأعراض، ثم ربطت كل ذلك بتقوى الله التي هي منبع كل خير وسبيل كل فلاح.

زر الذهاب إلى الأعلى