فضل الذكر وفوائده
فضل الذكر وفوائده
بقلم : سلوي النجار
إنٍّ للذكر مكانة عظيمة عند رب العباد ، وله فوائد وفضائل ،تعود على الذاكرين الله كثيرًا الذاكرات ،ولاريب أن الذكر يجلو القلوب وينقيها ويصفيها ،حتى تصبح مثل نهرالماء الصافي العذب الجاري ، لاينقطع خيره ،ولايركدجريانه،والله تعالى مدح الذاكرين ، فقال تعالى: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)الاحزاب
وعن معاذ بن جبل
قال: قال رسول الله
: { ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم } قالوا: بلى يا رسول الله. قال: { ذكر الله عز وجل } [رواه أحمد]. ؛ولأن ذكر الله عز وجل سهل على اللسان ،قوىٌ على الجنان ؛لأن القلب يتقوى بالذكر وينجلي ،وتذهب القاذورات والأوساخ فيجلو كما يجلو الذهب الذي نظفته ولَّمعته ،فيكون له بريق وله زهوة تعينه على كثير من الأعمال ،وكأنما نشِطَ من عِقال ،فيقدر على كثير من الأعمال بقوة ونشاط ،مما عاد عليه من الذكر.
وفي صحيح البخاري عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم:
قال: { مثل الذي يذكر ربه، والذي لايذكر ربه مثل الحي والميت }.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الحديث القدسي:
: { يقول الله تبارك وتعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة }.
ومن فوائده: قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً} هنا الامر بالذكر الكثير ، لأن الذكر ؛ كما قلنا فيه من اليسر والسهولة ،وأنه يكون في كل الأوقات وعلى كل الهيئات ،قاعدا وقائمًا ونائما ، وانت تمشي ،وسواءً كنت على وضوء أم على غير وضوء ،به يتمكن المسلم من جلاءِ قلبه في كل حين كما تَجلى الأطباق المتسخة ،ولكن هذا بأيسر مما تُجلى به الإطباق انظر أخي المسلم،وأختي المسلمة هذا العطاء العظيم من رب العباد. والآية من سورة [الأحزاب:35]، تحث لذلك: ذكر الله كثيراً. وفيها الأ مر با لذكر بالكثرة والشدة لشدة حاجة العبد إليه، وعدم استغنائه عنه طرفة عين. وغسل القلب من الأدران كما
قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: ( لكل شيء جلاء، وإن جلاء القلوب ذكر الله عز وجل ).
ومن فوائده في الأخرة رصيد أكبر من الذهب والفضة لأنك ستدخل جنة فيها كل الذهب والفضة والقصور وهذا الذكر يكون الزينة لقصورك هناكّ
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنّ رسول الله ﷺ قال: مَن قالَ : سُبحانَ اللَّهِ العظيمِ وبحمدِهِ ، غُرِسَت لَهُ نَخلةٌ في الجنَّة صحيح الترمذي
وفي هذا الحديث :
أنٍّ للذِّكرِ فَضائلُ كثيرةٌ في الدُّنيا والآخِرَةِ؛ فبَعضُه يكونُ سَببًا لغُفرانِ الذُّنوبِ، وبعضُه يكون سببًا للزِّيادةِ في نعيمِ الجنَّةِ.وبعضه يكون سدًا لما نقص منك في عبادته
وفي هذا الحديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “مَن قال”، أي: مَن ذَكَر بلِسانِه مع اليَقينِ في قلبِه، وقال الجملةَ التَّاليةَ: “سُبحانَ اللهِ العظيمِ وبِحَمدِه”، أي: أُنزِّهُ اللهَ العظيمَ عن كلِّ نَقصٍ تَنزيهًا مقرونًا بِحَمدِه عزَّ وجلَّ مُعْتَقِدًا بِقلْبي ومُقرًّا بِأركاني وجَوارحي وذاكرًا بِلسانِي، “غُرِسَت له نَخلةٌ في الجنَّةِ”، أي: زُرِعَت ونُصِبَت نخلةٌ فيما أعطاه اللهُ مِن الجنَّةِ، وقيل: خُصَّتْ النَّخلةُ دونَ غيرِها مِن الأشجارِ؛ لِكَثرةِ مَنافعِها وطِيبِ ثَمرَتِها؛ ولذلك ضرَب اللهُ تعالى مَثَلَ المؤمِنِ وإيمانِه بها وثَمرَتِها في قولِه تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً} [إبراهيم: 24]، وهي كَلمةُ التَّوحيدِ (كشَجرةٍ طيِّبةٍ) وهي النَّخلةُ، ووقَع في روايةٍ أخرى “شجَرةٌ” بدَلَ “نَخلةٌ”؛ فيُحمَلُ المُطلَقُ على المقيَّدِ؛ فيَكونُ المغروسُ هنا في الجنَّةِ هو النَّخلةَ، وهذه النَّخلةُ لِمَن قالها مرَّةً واحدةً؛ فإنْ قالها أكثَرَ فله بكلِّ مرَّةٍ نخلةٌ، ومِن الحِكْمةِ في هذا الغَرْسِ أنَّه يَرى ثَمرَةَ عمَلِه فيُسَرُّ به ويَفرَحُ ويتَمتَّعُ بهذا المنظَرِ الجميلِ، وفي الصَّحيحينِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “كَلِمتانِ خَفيفتانِ على اللِّسانِ، ثَقيلتانِ في الميزانِ، حَبيبتانِ إلى الرَّحمنِ؛ سُبحانَ اللهِ وبِحَمدِه سبحانَ اللهِ العظيمِ”؛ فهذه كلماتٌ قليلةٌ وخفيفةٌ على اللِّسانِ، ولكنَّ فضْلَها عظيمٌ وكبيرٌ، وهذا الفضلُ مِن اللهِ وهو جزءٌ مِن النَّعيمِ لِمَن كان مِن أهلِ الجنَّةِ مِن المسلِمين الذَّاكِرين للهِ تعالى، وهذا جَزاءُ التَّسْبيحِ والحمْدِ معَ التَّنزيهِ للهِ سبحانه.
وفي الحديثِ: بيانُ فضْلِ الذِّكْرِ للهِ بالتَّسبيحِ والحمدِ معَ الاعتقادِ بالقلبِ.
وفيه: أنَّ التَّمْرةَ مِن ثِمارِ الجنَّةِ، والنَّخْلَ مِن شجَرِها، كما قال تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68].ومن الذكر قراءة القرآن ، وهذا أفضل الذكر ؛لأنه كلام الله عز وجل ،ومنه قوله تعالى:
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ).القمر ١٧
قال ابن كثير رحمه الله :
” أَيْ: سَهَّلْنَا لَفْظَهُ، وَيَسَّرْنَا مَعْنَاهُ لِمَنْ أَرَادَهُ ، لِيَتَذَكَّرَ النَّاسُ.
اللهم اجعلنا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات.