الوصية الثامنة من الوصايا القرآنية العشر العدل في القول
د.عمرو حلمي
أعزائي القراء لقد تناولنا في المقالات السابقة مفهوم الوصايا العشر إجمالا , وأهميتها , والوصية الأولى وكانت عن : عدم الوقوع في الشرك عن طريق اتخاذ آلهة وأولياء مع الله تعالى , والوصية الثانية وكانت عن : الإحسان للوالدين. والوصية الثالثة , وموضوعها عن النهى عن قتل الأولاد بسبب الوقوع في الفقر , وكانت الوصية الرابعة عن : النهي عن الاقتراب من العلاقات الجنسية المحرمة سواء كانت علنية أو سرية. والوصية الخامسة وكانت عن : النهي عن قتل النفس التي لم تقع في ارتكاب جريمة قتل. وكانت الوصية السادسة عن : النهى عن أكل مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن كأن تكون في مقابل رعايته واستثمار ماله. وأما الوصية السابعة فكانت عن : توفية الكيل والميزان بالقسط والعدل.
وفي هذا المقال نستكمل الحديث مع الوصية الثامنة وموضوعها عن : العدل في القول ، أي قول الحق حتى لو كان ضارا بأقرب الناس إليك.
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }[المائدة 8].
ففي هذه الوصية يقول تعالى : {وَإِذَا قُلْتُمْ فاعدلوا وَلَوْ كَانَ ذَا قربى} أي : وإذا قلتم قولا فاعدلوا فيه ولو كان المقول له أو عليه صاحب قرابة منكم.
إذ العدل هو أساس الحكم السليم : العدل في القول ، والعدل في الحكم ، والعدل في كل فعل.
وإنما خصصت الآية العدل في القول مع أن العدل مطلوب في الأقوال والأفعال وفى كل شيء، لأن أكثر ما يكون فيه العدل أقوال كالشهادة ، والحكم ، ثم الأقوال هي التي تراود النفوس في كل حال.
فالإنسان حين تصادفه قضية من القضايا القولية أو العملية يحدث نفسه في شأنها، ويراوده معنى العدل وكأنه يطالبه بأن ينطق به ويؤيده، فيقول في نفسه سأفعل كذا لأنه العدل، فإذا لم يكن صادقا في هذا القول فقد جافى العدل وقال زوراً وكذباً.
أما قوله :{وَلَوْ كَانَ ذَا قربى} فهو أخذ بالإنسان عما جرت به عادته من التأثر بصلات القربى في المحاباة للأقرباء والظلم لغيرهم.
فالقرآن يرتفع بالضمير البشرى إلى مستوى سامق رفيع ، على هدى من العقيدة في الله، بأن يكلفه بتحري العدل في كل أحواله ولو إزاء أقرب المقربين إليه.
هذا وسنتعرف على الوصية التاسعة من الوصايا العشر , وموضوعها عن الوفاء بالعهد الالهي أى أداء فرائضه. وذلك في المقال القادم إن شاء الله.