احمد شعبان..يكتب.. لمحات عن تاريخ حكم بطلان الشخصية الاعتبارية للشركات التجارية

IMG 20221030 WA0016

الملاحظ إن كلما تطور الإنسان عبر العصور في حياته قابله تزايد حاجاته، وسعي هذا الأخير لتحقيقها حث على التعاون بهدف تلبيتها، ومنذ ذلك اندفع الأشخاص إلى توحيد الجهود والطاقات على أساس أن قدرة أحدهم منفردا قد تعجز عن تحقيق النجاح والتفوق، حيث أن فكرة الشركة ليست وليدة اليوم بل قديمة قدم هذا العالم، عرفها الإنسان الأول في تعاونه مع أفراد أسرته وفيما بين العشائر وهذا يعني أن الشركة بصورتها الحالية هي نتاج تطور الفكر الإنساني على مر العصور.

كان التشارك صورة هذا التعاون ومن خلاله عرفت الشعوب الشركات التجارية بأنواعها من شركات الأشخاص وشركات الأموال، كونها تكفل تحقيق ما قد يعجز عنه الفرد دون مشاركة المجموعة، فالشركة أنجح وسيلة لتحقيق النجاح والربح وذلك بتجميع رؤوس الأموال والجهود لاستثمارها بنية بلوغ الهدف، خصوصا في ظل تكريس حرية الاستثمار والتجارة وسيطرة مبدأ سلطان الإرادة على تصرفات أشخاص القانون الخاص، بحيث أن مبدأ سلطان الإرادة على إطلاقه كأصل عام في مجال التجارة دون الآداب العامة والنظام العام، وذلك لأن أشخاص القانون الخاص أدرى بتحقيق مصالحهم من دراية المشرع بها.

لقد اعتبرت الشركة كنظام قانوني منذ العصور الوسطى، عندما زاد النشاط التجاري في الجمهوريات الإيطالية وظهر ما يسمى بالشركات العامة، يحكمها قانون مستقل عن الشركاء ويقوم على فكرة المصلحة المشتركة للشركاء التي تعتبر نواة فكرة الشخصية المعنوية التي تتمتع بها الشركات حاليا.

مفهوم البطلان

post

إن مصطلح البطلان له عدة تعريفات، لذلك سنذكر أهمها وأبرزها، وسنقوم بشرحها وتحليلها. وسنتطرق إلى تعريفها من حيث اللغة والاصطلاح.

البطلان لغة: يقصد بالبطلان لغة الفساد وسقوط الحكم، فالعمل الباطل عمل ضائع أو خاسر أو عديم القيمة.

البطلان اصطلاحا:

تعددت تعاريف البطلان، فقد عرفه الأستاذ السنهوري بأنه: ” هو الجزاء القانوني المترتب على عدم استجماع العقد لأركانه كاملة مستوفية لشروطها، ولذلك كان منطقي أن نتكلم في بطلان العقد على أثر الفراغ من الكلام في أركانها.

فالبطلان، إذن هو الجزاء القانوني المترتب على تخلف ركن من أركان العقد أو عدم توافر شرط من شروط صحته، فيترتب عن ذلك انعدام أثر العقد سواء بالنسبة إلى المتعاقدين أو الغير، والبطلان بهذا المعنى قد يختلف عن بعض النظم القانونية كعدم نفاذ العقد والفسخ.

يقصد بالبطلان، انعدام الأثر القانوني للعقد الذي لم تحترم فيه القواعد التي فرضها المشرع في العقد، والبطلان أيضا هو وصف يلحق تصرفا قانونيا معينا لنشأته مخالفا القاعدة قانونية ويؤدي إلى عدم نفاده. والبطلان هو حالة خاصة تلحق العقد، وتكييف هذه الحالة يختلف بحسب خطورتها بالنتيجة.

والبطلان هو الجزاء الذي قرره القانون عند تخلف ركن من أركان العقد سواء التراضي، المحل أو السبب والشكل في العقود الشكلية، أو تخلف شرط من شروط صحة العقد الأهلية وسلامة الإرادة، ويترتب على البطلان اعتبار العقد أو التصرف القانوني غير موجود، وأنه لم يقم منذ البداية ولا يترتب عنه أي أثر سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى الغير.

أنواع البطلان: –

إذا كان أثر البطلان هو اعتبار العقد كأن لم يكن، أي انعدامه، فكان من المنطق أن يكون البطلان درجة واحدة، إلا أننا نجد لاعتبارات تاريخية وأخرى ترجع إلى نصوص تشريعية، لذا قام الفقهاء بتقسيم البطلان إلى درجات.

أولا: البطلان المطلق

البطلان المطلق هو جزاء عدم توفر ركن من أركان في العقد، فإذا تخلف أحد أركان عقد الشركة، بأن انعدم الرضا أو المحل أو السبب، أو توفرت هذه الأركان، لكن اختل ركن منها، كركن الرضا لعدم استيفاء الشروط التي أوجب القانون توافرها فيه، أو كان المحل مستحيلا أو غير قابل للتعيين.

فإذا انعدم الرضا أو كان محل الشركة أو سببها غير مشروع، أو كانت تشمل على شرط باطل، كان العقد باطلا بطلانا مطلقا فضلا عن ذلك، إذا ثبت أن الشركة قامت ومستوفية لكل الأركان القانونية المطلوبة ولكن قامت من أجل تحقيق غرض مخالف للنظام العام والآداب العامة، كان العقد باطلا، والبطلان في هذه الحالة هو بطلان مطلق.

والبطلان المطلق، معناه أن العقد لم ينعقد، فيجوز لكل ذي مصلحة التمسك بالبطلان. ولا يترتب على العقد الباطل أي أثر ولا يتم تصحيحه بالإجازة. كما أن العقد الباطل لا يتقادم بطلانه، لأنه لم ينعقد فضلا عن أنه مخالف للنظام العام أو الآداب العامة، فهو غير موجود قانونا، مما يجعله في حكم المعدوم، بحيث لا ينتج أي آثار قانونية وللمحكمة أن تقرر البطلان المطلق وأن تحكم به من تلقاء نفسها دون أن يطلب ذلك من له مصلحة في ذلك.

ثانياً: البطلان النسبي

البطلان النسبي هو البطلان الذي يمس العقد بسبب نقص الأهلية وقت انعقاد العقد، أو بسبب كون إرادة أحد الشركاء معيبة بعيب من عيوب الرضا فإذا شاب رضا أحد الشركاء عيب، كغلط أو إكراه أو تدليس، كان العقد باطلا، والبطلان هنا هو البطلان النسبي، فلا يجوز التمسك به إلا من طرف من تقرر البطلان لمصلحته ولا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها”، والعيوب التي تمس إرادة المتعاقد هي الإكراه والذي يقصد به إجبار الشريك بغير حق في الدخول في الشركة وهذا العيب صعب تصوره في عقد الشركة، نظراً لأن العقد يستلزم قيام الشريك بالمشاركة في أعمال الشركة والإشراف والرقابة على أعمالها.

الفرق بين البطلان المطلق والبطلان النسبي

ذكرنا سابقا بأن المشرع المصري قسم البطلان إلى مطلق ونسبي، أو إلى بطلان وقابلية للإبطال ويترتب على التمييز بين البطلان والإبطال ما يلي:

أ – البطلان المطلق هو جزاء انعدام أحد أركان العقد أو اختلاله كانعدام الأهلية، أو الرضا أو المحل أو السبب أو الشكل في العقود الشكلية، وأما البطلان النسبي فهو جزاء تخلف أحد شروط صحته، كنقص الأهلية أو عدم سلامة الرضا.

ب – العقد الباطل يجعل العقد في حكم المعدوم بحيث لا ينتج أي أثر قانوني في الحال وفي المستقبل، أما العقد الباطل بطلانا مطلقا منذ بدايته بأثر رجعي. للإبطال له وجود قانوني، وهو منتج لكل أثاره القانونية في هذه المرحلة، إلى أن يتقرر إبطاله، فيصبح كالعقد الباطل ويعتبر كأن لم يكن أصلا.

ج – العقد الباطل لا حاجة إلى استصدار حكم من القضاء لتقرير بطلانه، فإذا رفع إلى القضاء تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها، أما العقد القابل للإبطال، فيتم تقرير بطلانه بالتراضي أو بالتقاضي، كما يجوز لكل ذي مصلحة التمسك به أي ” العاقدان وخلفهما العام والخاص والدائنون العاديون” وهذا ولا يستطيع التمسك به إلا من تقرر البطلان لمصلحته، كما أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي به إلا إذا طلب منها الحكم به.

د- البطلان المطلق لا يسمح بإجازته ولا بسقوطه بالتقادم وان كانت دعوى البطلان تسقط به بمضي 15 سنة من وقت ابرام العقد أما العقد القابل للإبطال فترد عليه الإجازة ويصححه التقادم وفق القانون المدني المصري.

تمييز بطلان العقد عما يشابهه

وده اللي هانعرفه في الجزء الثاني

زر الذهاب إلى الأعلى