البركة مع كبار السن

سلوى النجار

لقد اعتنى الإسلام بكل تفاصيل حياة المسلم ، تعليما وارشادًا وتوجيهًا حتى قال يهودي لسلمان الفارسي:الحديث

عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى الْخِرَاءَة. رواه مسلم في صحيحه

وفيه إشارة إلى أنٍّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا علمها أصحابه،ولا وسيلة من وسائل الخير إلا أرشدهم إليها، والموضوع الذي نحن بصدده عن أخذ الخبرة والبركة من كبار السن؛ وحيث أنَّ كبار السن يُعرض عنهم الأبناء والشباب اعتقادًا منهم أنهم جيلُ قديم ، وقد انتهى عصرهم ، ولايفهمون مايفهمه الشباب من تطورات عصرهم ،فيجب أن يبعدوهم عن المهمات التى يقومون بها ،فكفاهم ماقدموه ؛لأنهم لن يستطيعوا تقدم الجديد في حياتهم ومستقبلهم وهذا لُبِّ موضوع حديث النبي صلى الله عليه وسلم اليوم. عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنّ رسول الله ﷺ قال: البرَكةُ مع أكابِرِكم.

صحيح الجامع

post

رقم الحديث: 2884

وفي الحديث:أرشَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه إلى كَيفيَّةِ الحُصولِ على الخيرِ والبَركةِ في كلِّ أُمورِهم، بالرُّجوعِ إلى الكِبارِ المُجرِّبينَ مِن ذَوي السِّنِّ المُتقدِّمِ الذين خبَروا الحَياةَ، فيَقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “البَركةُ”، وهي النُّموُّ والزِّيادةُ في الخيرِ، حاصِلةٌ “مع أكابِرِكم”، مِن الشُّيوخِ والعاقِلينَ مِن مُتقدِّمي السِّنِّ أو المَكانةِ؛ لأنَّه قد سكَنَ شَّرُّهم، ولَزِموا الوَقارَ، وعرَفوا مَواضعَ الخيرِ، فأصبَحوا مُجرِّبينَ للأُمورِ، وهم مع ذلك مُحافِظونَ على تَكثيرِ الأُجورِ والثَّوابِ، فجالِسوهم؛ لتَقتَدوا برَأيِهم؛ ولذلك أمَرَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ بتَوقيرِهم وإجلالِهم، كما في حديثِ أنَسٍ رَضيَ اللهُ عنه: “ليس منَّا مَن لم يَرحَمْ صَغيرَنا، ويوَقِّرْ كَبيرَنا”، ويُحتَملُ أنْ يُرادَ بالكَبيرِ: كَبيرُ المَقامِ ممَّن له مَنصِبٌ ومَكانةٌ في العِلمِ أو الدِّينِ، وإنْ صغُرَ سِنُّه، فيجِبُ إجلالُ الأكابرِ حِفظًا لحُرمةِ ما منَحَهم الحَقُّ سُبحانَه وتعالى مِن العِلمِ والمَعرفةِ والمَكانةِ.

وفي الحديثِ: حَثٌّ على طَلبِ البَركةِ في الأُمورِ، والنَّجاحِ في الحاجاتِ بمُراجعةِ الأكابرِ

ونحن نرى ونسمع في بلاد الغرب إيداع كبار السن في دور المسنين حيث لا أسرةترعاهم ،وللأسف الشديد ،وجد في بلادنا وكثير من بلاد الاسلام ذلك حيث أهمل كثير من الأبناء آباءهم ؛لأنهم كبروا في السن فحدث الإهمال لهم وترك رعايتهم وترك الأهم إلا وهو تعلم ماخبروه وجربوه في هذه الحياة ، وما وصلوا إليه من نتائج فقد كانوا مثلهم وفي سنهم ولكن التجربة ونتائجها جربوها فيخبروا الصحيح من السقيم في الأمر والصائب من الفاسد في الرأي وهكذا في كل الأمور.هذا إن المقصود كبار السن، وآن كان المقصود كبار المكانة من الذين فتح الله لهم أبواب العلم والمنح والعطايا الربانية ،فهذا أيضًا وجب إجلالهم وتقديرهم ،والاهتمام بهم ، والعبرة بما إتاهم الله من فضل وكرم وعلم ، ورأي صائب فهذا إبراهيم عليه السلام ألهمه الله رشده وهو شاب فعلم الحق وارشد إليه وحاجج قومه فيه، ولو نظرنا آلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

لوجدنا الشباب في المقدمة لما اهم من أهمية في بناء الأمة ،فترى

أن معظم المؤمنين كانوا من الشباب، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم اعتمد عليهم اعتمادا كبيرا فى بناء الدولة ونشر الدعوة كما فعل عيسى ابن مريم عليه السلام مع الحواريين، فالرسول يختار وينتصر بهذه الفئة العمرية ويوظف كل واحد منهم حسب صفاته

وإذا جمعنا بين المعنيين، أنهم كبار السن ، وأيضا كبار المكانة علمًا وأدبًا

لوجدنا المعنى ينطبق عليهم الاثنين لحديث النبي الذي رواه

أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا وفي رواية فَأَكْبَرُهُمْ سِنًّا”. ومن هنا يتضح الأمر ، أهمية تقديم الأكبر سنًا أحيانًا ، وإجلاله ،وتوقيره ، وحسن الاستماع له ، وأخذ العبرة منه ، والحكمة فيما يقول لأنه مر به مايمر بالشباب ،ولكنه عنده حصاد العمر من حكم وفوائد،ناهيك عن البركة والخير والنماء الذي بسببه ينعم الأبناء والصغار مع ذويهم الكبار، سنًا ،أو مكانة وعلمًا

زر الذهاب إلى الأعلى