همس الليل

احمد عدوى
الحنين.. نعم؛ إنه الحنين الذي يلتهم روحك وأنفاسك ولا يتركك تختار؛ فمعه أنت أسير لا حيلة لك ولا قرار..
زائر منتصف الليل يباغتك ويصفعك مهما حاولت الفِرار..
صفعةٌ تفتكُ بلسانك فيبوح بكل الأسرار، وصفعةٌ تُميطُ عن عينيك الحُجب وتكشف لك الأخبار.. تراهم أمامك.. أطيافهم تحوم حولك.. أسرابُ فراشاتٍ حول النور لا تخشى الهلاك..
وحده طيفٌ واحدٌ يمتلكك.. يسكنك.. يدفعك إلى الانهيار..
تتآكل روحك كقطعة من حديد صدئ، تتهالك بفعل اختلاط الدمع بلهيب الأنفاس.. وكل العيون من حولها متربصة.. وحدك تنتظر لحظة الخلاص
دون قيودٍ، دون حدود أو أسوار..
دون عاداتهم البالية، وأعرافٍ قلوبها قاسية من حديد ونار..
لو كنا نملك القرار!
لاخترنا البقاء على شاطئٍ بعيد.. لا تصلنا فيه أخبار، نداعب الطير ونسابقه بجناحين من نور، ونهدي فراشات الزهر عبيره ونحميها من غدر النار.. نفتش عن النسيم ونهمس إليه بعذب الكلام..
أطيافٌ تتهادى بين الزهور.. قد سئمنا حياة الأجساد الفانية..
دعنا نعبر هذا البرزخ العتيق ونهيم بين خيوط النو
ر..ضيفٌ ثقيل.. يجثم على الروح، ويطمر القلب، يوقعك في بحر الغواية فتعشق غموضه حتى تثمل.. تهوي في غياهبه ولا تدري عنها كيف ترحل!
وحين توشك الروح أن تهدأ.. يعصف بها ويلقيها في جُبِّ إعصار أهوج