ذكرياتي
محموددرويش
أذهبُ إلى الجامِعة بعدَ مرور أكثر مـن عام على التخرُّج، الأماكن كما هي ولكن الأشخاص مُختلِـفون، أُفتِّش في الوجوه عن أصدقائي، لكنهم في طي الغياب جميعًا.
افترقـنا وألهتنا الحـياة، ولو بذلَ أيُّ منا أشَد مجهوداته لجَمع الشمل مُجددًا لن ينجح ، انفرط العـقد وباتت ذكريات تمُر بالأذهـان لتشعل فتيل الاشتياق وبَعض الحسرة لكونها أيام لم تُستغَل كما ينبغي.
منظر الطلبة مُتراصين على سُلَّم الكُلية، يتجاذبون أطراف الحديث حول مادةٍ علمية أو نُكتةٍ هزلية أو يستثقلون حضور سكشن لعين لإثبات حضورهم.
أضحك مسترجعًا ذكرياتي، إلهي كَم كُنت أحـمقًا !
بالأخير ولّت الأيام التي ظنناها ثِقال ، حينها لم تكُن هُنالك أي مسئوليّة إلا مُذاكرة مئات الأوراق وصَب المعلومات في الامتحانات بعد أن تجلس لتدفع ضريبة إهدار الوقت في ليلة الامتحان الكبيسة التي توَد أن تشنُق نفسك فيها.
ما الحياة إلا مراحل ننتقل فيها من صعبٍ لأصعب ، نستعجِل مرور الأيام ولا نُدرِك أنها من أعمارنا وأنّ القادمَ أصعب وأعقَد ، وأننا نفتقد ثقافة الاستمتاع بلذّة المرحلة.