من دعاء الصالحين دعاء عطاء السليمي البصري
عمرو حلمي
كَانَ عَطَاءٌ السَّلِيمِيُّ يَقُولُ : «رَبِّ ارْحَمْ فِي الدُّنْيَا غُرْبَتِي وَفِي الْقَبْرِ وَحْدَتِي وَطُولِ مَقَامِي غَدًبَيْنَ يَدَيْكَ» , “الحلية”(6/224).
نبذة عن صاحب الدعاء :
عَطَاءٌ السَّلِيْمِيُّ البَصْرِيُّ العَابِدُ، مِنْ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ. أَدْرَكَ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ. وَسَمِعَ مِنَ : الحَسَنِ البَصْرِيِّ، وَجَعْفَرِ بنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ غَالِبٍ الزَّاهِدِ. وَاشْتَغَل بِنَفْسِهِ عَنِ الرِّوَايَةِ. رَوَى عَنْهُ: َإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ، وَخُلَيْدُ بنُ دَعْلَجَ، وَصَالِحٌ المُرِّيُّ، وغيرهم.
وَكَانَ قَدْ أَرعبَهُ فَرطُ الخَوْفِ مِنَ اللهِ.
مناقبه :
عَنْ بِشْرِ بنِ مَنْصُوْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ السَّلِيْمِيِّ: «أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ نَاراً أُشْعِلَتْ، ثُمَّ قِيْلَ: مَنِ اقْتَحَمهَا نَجَا، تَرَى كَانَ يَدْخُلُهَا أَحَدٌ؟! قَالَ: لَوْ قِيْلَ ذَلِكَ، لَخشِيْتُ أَنْ تَخْرُجَ نَفْسِي فَرحاً قَبْلَ أَنْ أَصِلَ إِلَيْهَا».
وقَالَ نُعَيْمُ بنُ مُوَرِّعٍ: «أَتَيْنَا عَطَاءً السَّلِيْمِيَّ، فَجَعَلَ يَقُوْلُ: لَيْتَ عَطَاءً لَمْ تَلِدْهُ أُمُّهُ. وَكرَّرَ ذَلِكَ حَتَّى اصْفرَّتِ الشَّمْسُ».
وقَالَ عَلِيُّ بنُ بَكَّارٍ: «تَرَكتُ عَطَاءً السَّلِيْمِيَّ، فَمَكَثَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً عَلَى فِرَاشِهِ لاَ يَقُوْمُ مِنَ الخَوْفِ، وَلاَ يَخْرُجُ، وَكَانَ يَتَوَضَّأُ عَلَى فِرَاشِهِ».
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ: «اشْتَدَّ خَوْفُهُ، فَكَانَ لاَ يَسْأَلُ الجَنَّةَ، بَلْ يَسْأَلُ العَفْوَ».
إلقاء الضوء على هذا الدعاء:
«رَبِّ ارْحَمْ فِي الدُّنْيَا غُرْبَتِي»: فكلنا في الدنيا غرباء أَخْذَاً من قول الرسول :«كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل».
«وَفِي الْقَبْرِ وَحْدَتِي»: فالمرء يكون وحيدا في قبره لا أنيس له ولا ونيس ليس له سوى عمله إن خيرا فخير, وإن شراً فشر.
«وَطُولِ مَقَامِي غَدًا بَيْنَ يَدَيْكَ»: يعني يوم القيامة, يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وفي هذا الدعاء درس لنا يعلمنا الخشية والخوف من الله تعالى, والحرص على طاعته.