علاء مراد..يكتب..يوم رحيل أبى
يوم رحيل الأب ذلك اليوم الذي تنزل فيه مصيبة الموت في أقرب الناس لنا وأولاهم بالبر.. تتغير خريطة المستقبل بالنسبة لنا جميعا
نقطة تحول كبيرة حيث تنتهي مرحلة مشرقة من حياتنا فيها من الطمأنينة والسكينة الشيء الكثير لتبدأ مرحلة من الضياع والغربة بكل مفرداتها!!
عندما يرحل الاب يخيل إليك انك لم تراه منذ زمن بعيد!! تتفطر قلوبنا.. وتذوب أفئدتنا.. من هول المصاب.. وتتلون كل فصول الحياة بلون واحد هو الحزن.. ولا شيء غيره!!
عندما يموت الوالد.. يموت السند والجبل المنيع لعاتيات الزمان ويولد مكانه اليتم في أعماقنا ونشعر بمرارته ولا تستوعب حواسنا أن كلمة “أبي” قد لفها الثرى وأننا غير قادرين على رؤيته وسماع صوته والتغني بمناداته ليل نهار.. تماماً كالأطفال نحتاج لمن يشرح لنا هذا النوع من الحدث؟؟!!..
مهما كنا كباراً فإحساسنا بآبائنا يبقى طفوليا في أعماقنا لا يكبر مهما كبرنا ولا يضعف وهجه بمرور الأيام وعندما نفقدهم نصبح مثل قافلة تاهت في صحراء قاحلة بعدما فقدت قائدها ودليلها.
عندما يرحل الأب تسقط جميع الأقنعة ونرى حينها الوجه الحقيقي للبشر! والأقارب والعم والخال ونتعرف على أنظمة المجتمع الإنساني الحديثة! فنكتشف عالماً جديداً قاسياً وموحشاً وذا أعراف وقواميس جديدة!
وكلما توالت صفحات الأيام كلما أوغلت الوحشة في حياتنا واصبحنا نسافر دائماً إلى الماضي كي نستلهم ما كانوا يقومون به وهم بيننا ننعم بوجودهم، وإحساس طاغ بالوحدة في دواخلنا يلفنا ليل نهار ولا نجد طمأنينة لقلوبنا أو سكينة لفرائضنا سوى التبتل الصادق لله ودعوات دامعة للمولى عز وجل أن يرزق آباءنا الفردوس الأعلى من الجنة أحياءً وأمواتاً.
مهما حاولت الأقلام أن تكتب فلن تصف عظم حق الأب ومصيبة فقده.. فليسارع كل إنسان كبيرا كان أو صغيرا كي يلزم والده ويقدم له كل أنواع البر والمعروف لأنه باب من أبواب الجنة مفتوح لكل إنسان في هذه الدنيا يغلق بموته.
والزوجه فإن موت الزوج إنما هى مصيبة كبرى وهذا هو أصعب المصائب التى لاحل لها ولا منجى منها فانها اتيه لامحال..
سيموت الاب يوما ما وسيصبح ذكرى وستاتى ذكراه فى كل تفاصيل الحياه. فمن كان يحمل هم البيت والأولاد من كان يجرى ليحرسهم ايام دراستهم من كان يقف فى الشارع صيفا وشتاءا فى أماكن دروسهم الخصوصيه حتى يطمىن عليهم ويحميهم من البشر ومن المطر. من كان يسعى جاهدا لكى يدفع مصروفاتهم الدراسيه من يدفع لهم من ماله ما يحتاجونه . من وقف فى زواجهم وتحمل كل شيى من أجل اسعادهم والاطمئنان عليهم فى بيوتهم . ستتذكر الزوجه كل شيى وستعلم انه كان سندا وجبلا منيعا لأولاده من عثرات الزمن.. يوم ان يرحل الاب ستتغير المواقف ويتغير البشر جميعا وتتغير الكلمات والعلاقات.. ستكون الزوجة وحيدة وستستجدى عطف من حولها فى زياره فى مساعده فى اشياء بسيطة كان يفعلها الزوج الاب تلقائيا دون أن تشعر بشيى
عند موت الاب ستنطفى الانوار وسيكون البيت مظلما شحيحا لا حياة فيه لن يكون قبله للزائرين ولن يكون قبلة للمحبين. ستتلاشى الضحكات وسيحل مكانها دموع . وهيهات هيهات فمهما سكبت الدموع فلن ترجع ذلك الاب للحياة مرة أخرى. بعد فراق الاب ستعرف معنى كلمة جبر الله كسر قلبك بعد فراق الاب لاحزن ينتهى ولا فرحة تكتمل .
رحم الله آبائنا جميعا.