د/سحر السيد ..تكتب..مواقع التواصل الاجتماعي ما بين…. الإيجابيات والسلبيات
يؤثر التقدم التكنولوجي بشكل كبير على جوانب كثيرة من حياتنا. وكلما ازداد هذا التقدم كلما أثر في تغيير نمط حياة الأشخاص. ومع الاعتماد المتزايد على الإنترنت، أصبح استخدام منصات التواصل الاجتماعي جزءا أساسيا للتواصل اليومي واستقبال المعلومات لكثير من الأشخاص في العالم. فهناك من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة للترفيه وتقضية الوقت، وربما لإضاعة الوقت، وآخرون أدركوا مدى قوة وسائل التواصل الاجتماعي، فاستخدموها بشكلها الفعال.
حتى أصبحت أسلوباً للتعاملِ اليومي، ونمطاً للتبادل المعرفي والاتصال بين الشعوب، فالانتشار السريع لها جعلها أحد معالم العصر الحديث. ويري البعض أنها ستنافس الوسائل الإعلاميَّة الأخرى مما يؤدي إلى القضاء علي وسائل الإعلام التقليدية مع مرور الوقت، وبالرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي تمتاز بعدة خصائص إلاَّ أنها لا تستطيع القضاءَ على تلك الوسائل التقليدية، فلكل وسيلةٍ استخدمها وتأثيرها علي الأخرين. فالإعلام الجديد يوفر وسائل وقنوات جديدة للاتصال والتواصل ويتيح منابرَ جديدة للنقاش والحوار، مما فتح المجالَ أمام أفراد المجتمع لممارسة مختلف أنواع الاتصالات بواسطة شبكة الإنترنت للخروجِ من وضعية عدم التواصل إلى التواصل والحوار الحر. ومن الإعلام والاتصال الذي يتم في اتجاه واحد، إلى الإعلام الأفقي والاتصال في جميع الاتجاهات. وقد لجأ الأفـراد للتواصل مع الأهـل والأقارب والأصدقاء من خلال الشـبكات الاجتماعيَّة التي تُعد وسيلة جديدة لتبادل الآراء والأفكار، وحشد المناصرة والتأييـد لقضيـةٍ من القضايـا، وتكوين الوعي حول القضايا المختلفة، أو تدعيـم القائم منها سـلفاً، من خلال المواد المنتجة باستخدام الوسائط المتعددة ، حيث وجدت المدونات طريقها إلى شبكة الإنترنت، فبعضهم يرى أنَّ هذه الاهتمامات والاحتياجات لا تجد من وسائل الإعلام والاتصال الاهتمام ، فضلاً عن عدم تغطية هذه الوسائل لجميع الأنشطة التي يقومون بها، مما دفع هؤلاء الأفراد لتقديم محتوى يخصهم ، معبرين من خلاله عن اهتماماتِهم وآرائِهم.
ومن هنا قد أحدثت مواقع التواصل الاجتماعي تطوراً كبيراً ليس فقط في تاريخ الإعلام، وإنما في حياة الأفراد على المستوى الشخصي والاجتماعي والسياسي، وجاءت لتشكل عالماً افتراضياً يفتح المجال على مصراعيهِ للأفراد والتجمعات والتنظيمات بمختلف أنواعها، لإبداء آرائهم ومواقفهم في القضايا والموضوعات التي تهمهم بحريةٍ غير مسبوقــةٍ، واستطاعت هذه المواقع أن تَمدَ المواطنين بقنوات جديدة للمشاركة في الأنشطةِ المختلفة، ورغم أنَّ هذه المواقع أُنشِئَت في الأساس للتواصلِ الاجتماعي بين الأفراد، فإنَّ استخدامها امتد ليشمل النشاط السياسي والاجتماعي والثقافي، والديني والرياضي من خلال تداول المعلومات في مختلف المجالات، وقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي اليوم من المؤسسات المهمّةِ التي تقوم بدور مهم في إكساب عاداتٍ وسلوكياتٍ جديدة، وأداة مهمة من أدوات الوعي الاجتماعي والسياسي والثقافي.
لقد غيرت مواقعُ التواصلِ الاجتماعيِ العالمَ وتسللت إلى كل بيت بدون استئذان وتوعية، فاستخدمها كلُ فردٍ بطريقته، فمنهم منْ استسلم لاتجاهاتها السلبيَّة وتناسى قيمً مجتمعه ومنهم منْ حاز لإيجابيها، واستخدمها في ما يفيد وينفع دون التنازل عن القيم الأساسيَّة له ولدينه ومجتمعه، فمنا من سيطرت عليه مواقعُ التواصل ومنا منْ أخذ ما ينفع منها، ولم تفرق تأثيرات هذه التكنولوجيا الحديثة بين صغيرٍ وكبيرٍ و بين متعلم ومثقف ولا أنصاف المتعلمين، استغلتها الجماعاتُ الناشرةِ للفكرِ البناء كما سممتها جماعاتُ الإرهابِ والجريمةِ المنظمةِ لنشر أفكارها الهدامة والمدمرة لعقول أبناء المجتمع واجتذابِهم لعالمِها، ونَشرتْ هذه الشبكات المرضَ بين فئاتِ المجتمعِ وساعدت فئاتً أخرى على الشفاءِ من أمراضهم، إنَّها شبكات حاملة كل المتناقضات النافعِ والضارِ, الخيرِ والشرِ، التواصل والتفرقة. وهناك العديد من الانتقادات التي وجهت إليها، كغياب الرقابةِ والتوجيه للمواقع المستخدمة، سهولةِ اختراق الخصوصيَّة، نشر معلومات شخصيَّة، تدمير العلاقات الاجتماعيَّة الفعليَّة واستبدالها بالتواصل الإليكتروني، ونشر الشائعات والأفكار الهدامة، وعدم تقبل الرأي الآخر، ومن هنا نستنتج أنَّ التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لا تعدو عن كونها وسائط افتراضيَّة للتواصل قد تحمل بعض الخير وقد تحمل كثير من الشروِر مثلها مثل أي وسيلة تواصل لكنها لا تُغني بحال من الأحوال عن التواصل الإنساني المباشر الذي نشأت عليه البشرية منذ بدء الخليقة. ومع الجدل المتكرر حول منصات التواصل الاجتماعي هل هي أمر جيد أم سيء، دعونا نتفق على أن لكل شيء مبتكر جانباً سلبياً وآخر إيجابي، وهذا يتوقف على كيفية استخدامنا لهذه الأدوات.