اللواء اشرف فوزى.. يكتب.. التجربة المصرية في مجال مكافحة الفساد
من منطلق إدراكً مصر لخطورة الفساد كمعوق أساسي للتنمية المستدامة وعقبة في سبيل الإصلاح الإداري والحكم الرشيد، وألزم الدستور المصرى بمكافحته من خلال أجهزة رقابية مستقلة.
شرعت الحكومة في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ٢٠١٤-٢٠١٨، بهدف الارتقاء بأداء الجهاز الحكومي وتحسين الخدمات الجماهيرية، وإرساء مبادئ الشفافية، وسن وتحديث التشريعات الداعمة لمكافحة الفساد، وبناء الثقة في المؤسسات العامة، بجانب تعزيز التعاون مع المجتمع المدني. وتم منذ ٢٠١٥ اتخاذ إجراءات تشريعية وتنفيذية لمكافحة الفساد، أبرزها:
* تعديل قانون الإجراءات الجنائية لتكون بداية مدة انقضاء الدعوى الجنائية في جرائم الاعتداء على المال العام والرشوة من تاريخ انتهاء الخدمة أو زوال الصفة، ما لم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك.
* إنشاء اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول والموجودات في الخارج.
* استحداث منصب مستشار رئيس الجمهورية لمكافحة الفساد في ٢٠١٥.
* تضمين فصل في قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية بشأن تنظيم السلوك الوظيفي وفرض المساءلة التأديبية في حالة الإخلال بالمصلحة العامة.
* إنشاء لجنة في ٢٠١٦لاسترداد الأراضي المنهوبة التي تم الاستيلاء عليها بدون وجه حق.
* تعديل قانون هيئة الرقابة الإدارية لضمان استقلالها وتمكينها من متابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
* تعديل قانون العقوبات للمعاقبة على جريمة رشوة الموظف العام الأجنبي أو موظف المؤسسة الدولية العمومية.
* إصدار قانون تنظيم تعاقدات الجهات العامة، تطبيقًا لمبادئ الحوكمة والشفافية والمساواة وتكافؤ الفرص، وتهيئة المناخ للشركات والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر للمنافسة.
* تفعيل مدونة السلوك الوظيفي للعاملين بالحكومة وإتاحتها على المواقع الإلكترونية للوزارات والمحافظات.
* إنشاء منظومة شكاوى موحدة لتلقي وفحص جميع الشكاوى المرتبطة بالحكومة والرد عليها إلكترونيًا.
* إنشاء اللجنة العليا للجمعيات الأهلية لمكافحة الفساد لإشراك المجتمع المدني في توعية المواطنين.
* إنشاء بوابات إلكترونية للوزارات والمحافظات والجامعات لتقديم الخدمات، وتفعيل بوابة المشتريات الحكومية على موقع وزارة المالية.
المرحلة الثانية من الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ٢٠١٩ – ٢٠٢٢ التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي من شرم الشيخ خلال فعاليات منتدى افريقيا ٢٠١٨ والتى تعد استكمالا للمرحلة الأولى التى تم إطلاقها عام ٢٠١٤.
نجد أن المادة ٢١٨ من الدستور والتى نصت على “أن تلتزم الدولة بمكافحة الفساد، ويحدد القانون الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بذلك. وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها فى مكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضمانًا لحسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ على المال العام، ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون”.
تضمنت ٩ اهداف رئيسية للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد( ٢٠١٩-٢٠٢٢) حيث تمثلت فى انشاء هيئة إدارية فعالة، وتوفير خدمات عامة عالية الجودة، وتفعيل اليات الشفافية والنزاهة في الوحدات الحكومية، وتطوير الهيكل التشريعي لدعم مكافحة الفساد، وتحديث الاجراءات القضائية من أجل تحقيق العدالة الفورية، تقديم الدعم لوكالات انفاذ القانون لمنع الفساد ومحاربته، وزيادة وعي المجتمعات المحلية باهمية منع الفساد ومكافحته، وتنشيط التعاون الدولي والاقليمي في مجال منع الفساد ومكافحته، ومشاركة منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في منع الفساد.
وتضمنت المرحلة الثانية من الاستراتيجية أهم التحديات التى ظهرت خلال تنفيذ المرحلة الأولى من الاستراتيجية والمتمثلة فى الارتقاء بمستوى أداء الجهاز الحكومى وتحسين الخدمات الجماهيرية حيث على الرغم من صدور قانون الخدمة المدنية الا انه لم يتم تفعيل جداول الوظائف المختلفة الورادة بنهاية القانون، فضلا عن تواضع عدد الخدمات الجماهيرية التى تم ميكنتها مقارنة بجملة الخدمات المقدمة للمواطنين، وعدم اعتماد منظومة متكاملة لتبادل المعلومات بين الأجهزة الحكومية الكترونية والاكتفاء ببروتوكلات التعاون الثنائية .
التحدى فى ارساء مبادئ الشفافية والنزاهة فى كافة عناصر المنظومة الادارية فعلى الرغم من صدور القانون ١٠٦لسنة ٢٠١٣ بحظر تعارض المصالح الا انه لم يتم اصدار لائحته التنفيذية الخاصة به، وفيما يخص المعوقات الخاصة بتنفيذ الهدف الخاص بتطوير الاجراءات القضائية لتحقيق العدالة الناجزة فان تواضع البنية التكنولوجيه لمنظومة الإجراءات القضائية نظرا لقلة الموارد المالية المخصصة لذلك .
الاسباب التى من اجلهاكانت المرحلة الثانية من الاستراتيجية عدم تحقيق بعض الاهداف فى المرحلة الاولى وحاجة بعض القوانين لمرزيد من الدراسة المتأنية حتى تصدر مستوفاة للبعد الوطنى، كما أن هناك تحديات تحتاج الى مزيد من الجهد كما ظهرت تحديات فى تفعيل وتطبيق القانون الذى ينظم عمل الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى.
اهم مظاهر الفساد والتحديات الناتجة عن تنفيذ المرحلة الاولى من الاستراتيجية وسبل التغلب عليها، والتحديد الدقيق للأهداف مع مراعاة تحقيقها عبر الأمد القريب والمتوسط، بجانب تحديد الإجراءات التنفيذية الواجب اتباعها لتحقيق الأهداف ومعالجة الظواهر المسببة للفساد.
وعن اليات المرحلة الثانية من بناء الاستراتيجية فتمثلت فى المشاركة الفعالة بين كافة الجهات المعنية فى بناء جبهة موحدة لمكافحة الفساد، وتطوير نظم العمل على نحو يحقق الوقابة من الفساد وتفعيل آليات مكافحة الفساد، ووضع الاهداف القريبة والمتوسطة المدى مع إمكانية تحقيق الهدف المحدد بما لا يتعارض مع الأهداف الأخرى، وتوفبر الموارد سواء البشرية أو المادية .
الجدير بالذكر أن هيئة الرقابة الادارية تمكنت منذ عام ٢٠١٤ وحتى ٢٠١٨ من تنفيذ ما يقرب من ٩٩%من محاور الخطة الاستراتيجية الأولى من خلال تحقيق جميع الأهداف الرئيسية التى تضمنتها الاستراتيجية من خلال إصدار مجموعة تشريعات قادرة على تنظيم الجهاز الادارى للدولة ومحاربة الفساد والذى تمثلت فى إصدار قانون الخدمة المدنية الذى ساهم بشكل كبير فى إصلاح نظم التعيين والتقييم والترقية لموظفى الدولة، وإصدار قانون منع تضارب المصالح للموظفين الحكوميين وميكنة إقرارات الذمة المالية بجانب العمل على نشر قيم الزاهة والشفافية.