اعبد الله كأنك تراه

بقلم: الباحثة والداعية الإسلامية / هالة يونس
تعالوا بنا قرائي الأعزاء نتعلم مراقبة الله عز وجل من خلال حديث جبريل عليه السلام إذ يقول :”يا محمَّدُ أَخْبرني عَن الإسلامِ، فقالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: الإسلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأَنَّ محمِّدًا رسولُ الله، وتُقِيمَ الصَّلاةَ، وتُؤتيَ الزَّكاةَ، وتَصُومَ رَمَضان، وتَحُجَّ الْبَيْتَ إن اسْتَطَعتَ إليه سَبيلًا. قالَ صَدَقْتَ. فَعَجِبْنا لهُ يَسْأَلُهُ ويُصَدِّقُهُ، قال: فَأَخْبرني عن الإِيمان، قال: أَن تُؤمِنَ باللهِ، وملائِكَتِهِ وكُتُبِهِ، ورسُلِهِ، واليَوْمِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالْقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ، قال: صدقت؛ قال: فأخْبرني عَنِ الإحْسانِ. قال: أنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاك ” رواه مسلم.
فنتعلم المراقبة من الإحسان الوارد في الحديث , والإحسان من الحسن وهو مضاد الإساءة, , وهو بمعنى الإخلاص فالإحسان هو أن نخلص في عبادة الله تعالي بأن نخشع لله تعالي ونتضرع له في كل وقت وحين وأن نراقبه في القيام بأي عمل أو فعل أو قول أو تصرف مع خلق الله. فالواجب علي المسلم أن يراقب الله في السر والعلن وفي همساته وحركاته ولمساته وسكناته, وفي خلوته بينه وبين نفسه وبينه وبين الناس, وأن يراقب الله تعالي في معاملاته مع نفسه ومع أقاربه ومع جيرانه وجميع الناس ومع جميع مخلوقات الله.
أن يراقب الله في أداء الفرائض وأن يراقب حقوق الله تعالي وحقوق خلقه. وأن يجعل كل عمل يبتغي فيه وجه الله الكريم.
والإحسان هو أعلي درجات الإيمان, ومقام الإحسان هو مقام رفيع وخلق نبيل وعز ورفعه لصاحبه في الدنيا والآخرة, فهو غاية مراد الطالبين ومنتهي قصد السالكين أن تعبد الله كأنك تراه, وأن تري الله حيثما كنت.
الاحسان ينفع العباد ويرتقي بالبلاد ويجعل المجتمع متماسك فيه ود وحب وترابط ورحمه وتسامح.
ومن الإحسان أن يحسن المحسن إلى نفسه ثم يحسن إلي الناس بأن يتعامل معهم بالإنسانية ويقتدي برسول الله لأنه رسول الرحمة والإنسانية قال تعالي: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}[الأنبياء107]
كما أن الإحسان يشمل جميع أنواع الخلق الرفيع كالرحمة والعطف والسخاء والرفق, وفي الحديث الصحيح الذي روه مسلم: ” إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ “, فالله يحب الرفق بعباده وجميع مخلوقاته, فالرفق مطلوب مع الإنسان والحيوان والنبات حتى مع الجماد لأنه يسبح لله ولكن لا نشعر به. وكل محسن يعلم أن الله رقيبه مطلع عليه, وعلي كل عمل يقوم به.
ولقد أمرنا الإسلام بالعدل والإحسان, قال الله تعالي: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ }[النحل90], لأن المسلم متى كان محسناً كان عادلا رءوفا رحيما عطوفا يحنو علي الآخرين.
ومرتبة الإحسان فوق مرتبة الإيمان كما في حديث جبريل عليه السلام :” الإحْسانِ أنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاك”, فعلى كل مسلم أن يكون مؤمناً محسناً فيصل إلى درجة الإيمان الكاملة, لينال الرضا في جنات النعيم.

زر الذهاب إلى الأعلى