تسليح المواطنين في السودان والانتظام فيما سمي ب المقاومة الشعبية
أيمن بحر
أثارت الدعوات الجارية حاليا لتسليح المواطنين فى السودان والانتظام فيما سمى بـالمقاومة الشعبية وفتح المجال أمام الأفراد لشراء السلاح مخاوف كبيرة من أن تنزلق البلاد نحو المزيد من الفوضى.
وقد توفر هذه الدعوات حاضنة مواتية للجماعات الإرهابية العالمية كما حدث فى تسعينيات القرن الماضى مما أدى إلى وضع السودان فى قائمة الدول الراعية للإرهاب لنحو 20 عاما قبل أن يتم شطبه منها في ديسمبر 2020.
وتستند تلك المخاوف إلى حقيقة أن سياسات التجييش الشعبى المماثلة التى انتهجها نظام الإخوان فى تسعينيات القرن الماضى إلى بروز مجموعات ذات ارتباطات بتنظيمات إرهابية تنشط فى الخارج مثل تنظيمى القاعدة وداعش.
تعود علاقة المجموعات المسلحة التابعة لتنظيم الإخوان في السودان بالتنظيمات الإرهابية الخارجية إلى مطلع تسعينيات القرن الماضى حيث فتحت استضافة نظام عمر البشير لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن فى الخرطوم ومنحه معسكرات تدريب فى شرق البلاد الباب واسعا أمام زيادة ارتباط الميليشيات الإخوانية السودانية بالتنظيمات العالمية المتطرفة.
واتهم نظام الإخوان بمساندة جماعات إرهابية نفذت الهجوم على سفارتى الولايات المتحدة بالعاصمة الكينية نيروبى والتنزانية دار السلام فى عام 1998 وتفجير البارجة الأميركية يو إس إس كول قرب شواطئ اليمن فى عام 2000 مما أدى إلى إدراج السودان فى قائمة الدول الراعية للإرهاب قبل أن يتم شطبه منها فى عام 2020 بجهود بذلتها حكومة عبدالله حمدوك التي تشكلت عقب إسقاط نظام البشير.
ويحذر الكاتب الصحفى وائل محجوب من مخاطر سياسة الاستنفار ومشاركة الكتائب الإخوانية فى القتال الحالى مشيرا إلى أنها كانت واحدة من الأسباب التى عززت خلال الأعوام الثلاثين الماضية من الاعتقاد العالمى بارتباط السودان بمجموعات إرهابية خارجية.
ويوضح : الإشكاليات ستظهر لاحقا حينما يسعى التيار السياسى الذى تنتمي إليه تلك الكتائب إلى إحكام قبضتها والقفز لإعادة ترتيب المشهد إلى مثل ما كان عليه الحال قبل سقوط النظام السابق.وفي ظل تزايد انتشار الجماعات الإرهابية فى دول غرب وشرق إفريقيا التي يرتبط بعضها بحدود مباشرة مع السودان يبدو البعد الإقليمى حاضرا بقوة وفقا لعبدالحفيظ عبدالله أبكر الناشط السياسي المهتم بالقضايا الأمنية.
ويقول أبكر إن عمليات التجييش الشعبى الحالية تنذر بميلاد المزيد من المليشيات القبلية التى يمكن أن تكون لها تأثيرات إقليمية خطيرة بحكم وجود روابط إثنية قوية مع دول الجوار.
ويشير أبكر إلى أن السماح بتملك السلاح وشراءه سيؤدي إلى المزيد من التدفقات العابرة للحدود والتي ستشجع الجماعات الإرهابية فى دول الجوار الإقليمى وغيرها على توسيع أنشطتها والبحث عن موطأ قدم بالاستفادة من حالة السيولة الأمنية للعمل فى تجارة السلاح والمخدرات وتجارة البشر ونهب الموارد.
ويشدد أبكر على ضرورة أن يقوم المجتمع الدولى والإقليمي بمسؤولياته تجاه هذا الوضع خصوصا دول جوار السودان التى عانت خلال حكم نظام الإخوان من التدخلات المتبادلة ودعم الجماعات المسلحة لزعزعة الاستقرار فى المنطقة.انقسام محلى
فى حين تجد دعوات تسليح المواطنين تجاوبا فى شمال وشرق البلاد؛ يرفض غالبية السودانيين تلك الدعوات ويعتبرونها واحدة من أدوات التجييش التى استخدمها عناصر تنظيم الإخوان الذين حكموا البلاد على مدى 30 عاما حتى الإطاحة بهم فى أبريل 2019 قبل أن يعودوا للمشهد مجددا فى أعقاب أحداث 25 أكتوبر 2021.
ويرى الكاتب الصحفي صديق محيسى أن دعوة المواطنين لحمل السلاح هى خلط للأوراق ومقدمة لتوسيع نطاق الحرب حتى تصير حربا أهلية شامله.وقال محيسى إن عملية التجييش الشعبى تأتى ضمن استراتيجية عناصر النظام السابق الرافضين لوقف الحرب مشيرا إلى أن دعوة البرهان مواطنين بشراء السلاح وليس مدهم به من قبل القوات المسلحة يؤكد أن مخازن الجيش صارت فارغة من أى سلاح