فعاليات اليوم الثالث من الأسبوع الثقافى بمسجد رياض الصالحين أوقاف الرمل بالإسكندرية
حماده مبارك
في إطار الدور الدعوى والتثقيفي الذي تقوم به وزارة الأوقاف، برعاية ا .د محمد مختار جمعه، وزير الاوقاف، ومع فعاليات اليوم الثالث من الأسبوع الثقافى بمسجد رياض الصالحين بمنطقة الفلكى التابع لإدارة أوقاف الرمل بالإسكندرية ، اليوم الثلاثاء 2023/9/19،بعنوان الرحمة فى الشريعة المحمدية، حاضر فيه، الشيخ سلامه عبد الرازق نجم وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية ، ا .د محمد عباس المغنى ، استاذ الدعوة والثقافة الإسلامية كلية أصول الدين جامعة الأزهر محاضرا ، الشيخ فايز عبد الحليم ابو طالب إمام وخطيب المسجد مقدما ، الشيخ السيد محمود فايد قارئا، الشيخ بشير فرج بشير مبتهلا ، وحضور الشيخ حسن محمد المرادنى مدير إدارة أوقاف الرمل ، الشيخ ياسر غازى حبلص المفتش الأول بالإدارة، الشيخ حسن مبروك إمام وخطيب، فى حضور جماهيرى كثيف وجمع غفير من رواد المسجد، وسط فرحة غامرة بإقامة الأنشطة الدعوية والثقافية.
وفى كلمتة قال ا .د محمد عباس المغنى، عن الرحمة فى الشريعة المحمدية ، ان الله عز وجل قال فى كتابة الكريم ، ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]؛ فرسالة محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للخلق جميعًا، إنسهم وجنهم، مؤمنهم وكافرهم، هي رحمة للمؤمنين؛ إذ هداهم الله به من الظلمات إلى النور، وجعله سببًا لدخولهم الجنة ونجاتهم من النار، وهي رحمة للكافرين؛ إذ دفع به عنهم عاجل العذاب الذي كان ينزل بالكافرين السابقين، فوجوده صلى الله عليه وسلم بين ظهراني الكافرين أمان لهم من العذاب؛ لقول الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾ [الأنفال: 33]، وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، إنما أنا رحمة مهداة))[1].
ومن مظاهر رحمته بأمته: أنه ذات يوم تلا قول الله عن إبراهيم عليه السلام مخاطبًا ربه، قائلًا: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 36]، وقول الله عن المسيح عليه السلام، قائلًا: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]، فرفع يده صلى الله عليه وسلم بالدعاء إلى الله وقال: ((اللهم أمتي أمتي))، وبكى صلى الله عليه وسلم، حتى قال الله: يا جبريل، اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءُك[20].
وفى كلمتة قال الشيخ سلامه، إن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان رحيما بالمؤمنين خاصة، رحيما بالناس عامة، ولم تقتصر هذه الرحمة على المؤمنين أو على أمة المسلمين فقط، بل امتدت لتشمل كل الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يرحم الله من لا يرحم الناس))[21]، وقال: ((الراحمون يرحمهم الرحمن؛ ارحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء))[22]، حتى شملت هذه الرحمة الكافرين، وقد سجلت آيات القرآن شيئًا من هذا، فجاء قول الله مخاطبًا محمدًا صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾ [الكهف: 6]، وجاء قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ﴾ [فاطر: 8].
ومن تلك الرأفة والرحمة بالكافرين: ما قاله لعائشة حين سألته: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أُحد؟ فقال: ((لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضت نفسي على (ابن عبدياليل بن عبدكلال) فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني، فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال، فسلَّم علي، ثم قال: يا محمد، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقلت: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا))[23]، ألا ينطبق ذلك مع قول الله له: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].
لقد بلغت رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالناس الكافرين منهم، حتى في أثناء القتال والجهاد وإرسال الغزوات؛ إذ إنه كان يوصي أصحابه عند خروجهم للجهاد قائلًا: ((انطلقوا باسم الله، وبالله، وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخًا فانيًا، ولا تغُلُّوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا؛ إن الله يحب المحسنين))[24].